بحث عن المحرمات في النكاح

كتابة:
بحث عن المحرمات في النكاح


أقسام المحرمات باعتبار مدة التحريم

تنقسم المحرَّمات باعتبار مدَّة التَّحريم إلى قسمين رئيسين، فما هي؟ وما هو حكم خطبة المحرمات في النكاح؟ وما الحكمة من تحريم عدد من الأصناف من النساء على الرجال؟ كل هذه التساؤلات سيُجيب عنها المقال تفصيلاً.



المحرمات على التأبيد

التَّحريم على التأبيد يعني حرمة الزَّواج مطلقاً، فهذا التَّحريم غير مقيَّدٍ بمانعٍ أو مدَّةٍ محدَّدةٍ يزول بزوالهما، وللتَّحريم على التأبيد ثلاثة أسبابٍ، وهي: القرابة، والمصاهرة، والرضاع، وفيما يأتي بيانٌ لأنواع المحرَّمات نتيجةً لكلِّ سببٍ من هذه الأسباب:



المحرمات بسبب القرابة

يحرم على الرَّجل الزَّواج بسبب النَّسَب والقرابة لأربعة أصنافٍ من النِّساء، وهنَّ كما يأتي:[١]

  • أصول الإنسان وإن علون: وهنَّ الأم، والجدَّة وهي أم الأم مهما علت، حيث قال -تعالى- في آية المحرَّمات: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)،[٢] ولفظ الأمِّ يعني الأصل فتدخل فيه الجدَّة.
  • فروع الإنسان وإن نزلن: والمقصود بالفروع البنت، وبنت البنت، وبنت الابن، مهما نزلن، والدَّليل على التَّحريم قول الله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ).[٢]
  • فروع الأبوين أو أحدهما مهما بَعُدَت درجتهنَّ: والمقصود بفروع الأبوين هنَّ الأخوات الشَّقيقات، والأخوات لأب أو لأم، وبناتهنَّ، وبنات أولادهنَّ، وبنات الإخوة، وبنات أولادهم، مهما نزلت وبعدت درجتهنَّ، حيث قال -تعالى- في بيان أنواع المحرَّمات: (وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ).[٢]
  • الطبقة الأولى أو المباشرة من فروع الأجداد والجدّات: والمقصود بهذه الطَّبقة هنَّ العمَّات والخالات، سواء كنَّ عمَّاتٍ وخالاتٍ للشَّخص نفسه أم لأبيه أو أمِّه أو لأحدٍ من أجداده وجدَّاته، وذلك لقوله -تعالى- عند بيان أصناف المحرَّمات: (وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ).[٢]



المحرمات بسبب المصاهرة

يحرم بسبب المصاهرة الزَّواج بأربعة أصناف من النِّساء، وهنَّ كما يأتي:[٣]

  • زوجة الأصل: والمقصود بالأصل هنا الأب، والأجداد سواء كانوا آباء الأب أو آباء الأمِّ، حيث قال -تعالى-: (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ)،[٤]وحرمة الزَّواج بهذا الصِّنف تكون بمجرَّد العقد الصَّحيح على المرأة، فالحُرمة غير مرتبطةٍ بالدُّخول.
  • أصول الزَّوجة: وهنَّ أمُّها، وجدَّتها لأُمِّها، وجدَّتها لأبيها مهما علون، حيث ذُكر هذا الصِّنف من النِّساء في آية المحرَّمات، قال -تعالى-: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ)،[٢] وقد اختلف أهل العلم في ثبوت هذا التَّحريم بمجرَّد العقد أم أنَّه لا بدَّ من الدُّخول، فذهب الأكثرون لثبوته بمجرَّد العقد.
  • فروع الزَّوجة: وهنَّ بناتها، وبناتهن، وبنات أبنائها مهما نزلت درجتهنَّ، حيث قال -تعالى-: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)،[٢] ولكنَّ هذا التَّحريم مرتبطٌ بالدُّخول، ولا يحصل بمجرَّد العقد.
  • زوجة الفرع: وهي زوجة الابن أو ابن الابن أو ابن البنت مهما بعدت الدَّرجة، وهذا التَّحريم يحصل بمجرَّد العقد، حيث قال -تعالى-: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ)،[٢] والحليلة هي الزَّوجة.



المحرمات بسبب الرضاع

يُحرِّم الرضاع الزَّواج بالمحرَّمات بسبب القرابة والمصاهرة، وفيما يأتي سردٌ لأصناف النِّساء اللواتي يحرِّم الرِّضاع الزَّواج بهنَّ:[٥]

  • أصول الإنسان من الرِّضاع؛ وهنَّ الأم من الرِّضاع، وأمُّها، وأمُّ الأب من الرِّضاع مهما علونَ.
  • فروع الإنسان من الرِّضاع؛ وهنَّ البنت من الرِّضاع، وبنتها، وبنت ابنها مهما نزلن.
  • فروع الأبوين من الرِّضاع؛ وهنَّ الأخوات، وبناتهن، وبنات أبنائهن، وبنات الإخوة مهما نزلن.
  • فروع الأجداد من الرِّضاع بدرجةٍ واحدةٍ؛ وهنَّ العمَّات والخالات من الرِّضاع، أمَّا بناتهنَّ فلا يحرمن.
  • أم الزَّوجة من الرِّضاع وفروعها مهما علون.
  • بنت الزَّوجة من الرِّضاع وبناتها وبنات أبنائها مهما نزلن.
  • زوجة الأب من الرِّضاع مهما علون أي زوجات الأجداد.
  • زوجة الابن من الرِّضاع وابن ابنه مهما نزل.



المحرمات على التأقيت

المحرَّمات على التأقيت هنَّ اللّواتي ارتبطت حرمة الزَّواج بهنَّ بسببٍ معيَّنٍ، فإذا زال هذا السَّبب لم يعد هناك مانعٌ من الزَّواج، وهنَّ خمسة أنواعٍ، بيانهنَّ فيما يأتي:[٦]

  • المطلَّقة ثلاثًا.
  • المرأة المتزوِّجة من رجلٍ آخر أو التي ما زالت في العدّة.
  • المرأة التي لا تعتنق دينًا سماويَّاً.
  • أخت الزَّوجة ومَن في حكمها؛ كعمَّتها وخالتها أو من كانت لها محرما؛ أي لو كانت إحدى المرأتين رجلًا لحُرِّم عليها الزَّواج بالأخرى، كبنت الأخت أو الأخ وما شابه ذلك.[٧]
  • المرأة الخامسة لرجلٍ متزوِّج بأربع نساءٍ.



حكم خطبة المحرمات في النكاح

يحرَّم على الرَّجل أن يقوم بخطبة إحدى النِّساء المحرَّمات عليه سواءً على التأبيد أم على التأقيت؛ وهذا لأنَّ الخطبة هي بمثابة مقدِّمةٍ للنِّكاح، وما دام النِّكاح محرّمًا فإنَّ الخطبة مثله أيضًا،[٨] وكون المرأة المراد خطبتها والعقد عليها غير محرَّمةٍ بأحد أسباب التَّحريم هو شرطٌ من شروط صحَّة الزواج.[٩]



الحكمة من تحريم في الأصناف الواردة

حرَّمت الشريعة الإسلاميَّة الزَّواج من الأصناف التي تمَّ بيانها سابقاً لأسبابٍ كثيرةٍ، ومنها ما يأتي:

  • تحريم الإسلام لقطيعة الرَّحم، والزَّواج قد يكون سبباً في حصول المشاحنات وينتهي بالفرقة والطلاق، فيكون هذا سبباً في قطيعة رحم الإنسان بمن تلزمه صلته؛ كالأم، والأخت، والعمَّات ومن هنَّ في حكمهنَّ.[١٠]
  • تعظيم الأم ومكانتها يتنافى مع إباحة الزَّواج بها، حيث أمر الإسلام ببرِّها وخفض الجناح لها.[١٠]
  • تحقيق الألفة والمودَّة من خلال تشريع التَّحريم بالمصاهرة، حيث تنقطع الأطماع بين الرِّجال والنِّساء الذين حصلت بينهم حرمة بسبب المصاهرة، فيشيع جوٌ من الاحترام والبراءة في الاجتماعات واللّقاءات العائليَّة.[١١]
  • تغذية الأم للطفل الرَّضيع بلبنها جعله سببًا في حرمتها عليه وحرمة قريباتها؛ وهذا لأنَّها تغذِّيه بجسدها كما غذَّته أمُّه عندما كان في بطنها.[١٢]
  • اندماج الطفل الرَّضيع مع أسرة المرضع وتشابكه معهم فصار كفردٍ منهم.[١٢]
  • تشجيع النِّساء على إرضاع الأطفال الذين ليس لهم أمٌّ ترضعهم، من خلال إعطائها مكانة الأمِّ وتحريمها على من أرضعته، ولهذا فضلٌ في تكثير النَّسل.[١٢]
  • الزَّوجة هي شقيقة روح الرَّجل، ومن الواجب أن تكون أمُّها كأمِّه وبنتها كابنته، وكذلك الأمر بالنِّسبة لزوجة ابنه؛ فتكون بمثابة ابنته، وزوجة أبيه كأمِّه، فهذا هو سبب ثبوت التَّحريم بالمصاهرة.[١٣]
  • الجمع بين الأم وابنتها أو الأختين أو العمة وابنة أخيها وما شابه ذلك من حالاتٍ يقتضي التَّغاير وحصول الشِّقاق بينهما، وهذا مؤدٍ إلى قطع الأرحام وهو محرَّّم في الإسلام، فكان ذلك سببًا في حصول التَّحريم المؤبَّد أو المؤقَّت.[١٣]

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 6625-6626. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ سورة النساء، آية:23
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 213-216. بتصرّف.
  4. سورة النساء، آية:22
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 216-218. بتصرّف.
  6. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 6641. بتصرّف.
  7. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 6661. بتصرّف.
  8. كمال ابن السيد سالم، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 109. بتصرّف.
  9. عبد الوهاب خلاف، كتاب أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، صفحة 44. بتصرّف.
  10. ^ أ ب وليد محمد آدم الصديق، أحكام المحرمات من النساء في الفقه الإسلامي، صفحة 16. بتصرّف.
  11. وليد محمد آدم الصديق، أحكام المحرمات من النساء في الفقه الإسلامي، صفحة 21. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ت وليد محمد آدم الصديق، أحكام المحرمات من النساء في الفقه الإسلامي، صفحة 23. بتصرّف.
  13. ^ أ ب سيد سابق، كتاب فقه السنة، صفحة 87. بتصرّف.
3695 مشاهدة
للأعلى للسفل
×