قصة الهجرة النبوية الشريفة

كتابة:
قصة الهجرة النبوية الشريفة

قرار قريش بقتل النبي

من الذي أشار إلى قتل النبي من كفّار قريش؟

لمّا رأى المشركون إقبال أهل يثرب على الإيمان بالله ورسوله، وبدء هجرة الصحابة من مكة إلى يثرب، شعروا بقلقٍ شديد، وذلك خوفًا على تجارتهم واقتصادهم، وخشية أن يسود دين الله وأن يجتمع المسلمون ويكثر عددهم ويعزموا على حرب الكفّار والمشركين،[١] فقررّوا أن يجتمعوا في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب وكان المشركون لا يقضون أمرًا إلّا فيها، وسُمّي ذلك اليوم بيوم الزحمة.[٢] فاجتمع سادات قريش وكان من أبرزهم: أبو جهل وأميّة بن خلف والنضر بن الحارث وغيرهم، وقد اعترض إبليس هذا المجلس وكان بهيئة شيخ وأعلمهم أنّه من نجد ويُريد الحضور وإعطاءهم النصيحة.[٣]


فاقترح بعضهم نفي النبيِّ، ولكنّ إبليس بيّن لهم فساد هذا الاقتراح ولفت نظرهم إلى قوّة تأثير النبي محمد ممّا سيجمع حوله الكثير من المؤيدين والمعارضين لقريش، فلم يُلاقِ هذا الاقتراح قبولًا، وكان الاقتراح الثاني هو حبس رسول الله في بيته وتقييده بالحديد حتّى يكون مصيره مصير الشعراء من قبله، ولم يلقَ هذا الاقتراح قبولًا أيضًا، فجاء الاقتراح الثالث وكان من أبي جهل وهو أن يجمعوا من كل قبيلة قُرشية شابًا جلدًا ويقوم هؤلاء الشباب بقتل رسول الله وضربه بسيوفهم، حتّى يتفرّق دمه بين القبائل، ولا يقوى بني عبد مناف على محاربة جميع القبائل التي اشتركت في قتله ويرضون بالدية، فوافق الجميع على هذا الاقتراح وأثنى إبليس عليه.[٣]


إذن الله تعالى للنبي بالخروج إلى المدينة

متى أُذن لرسول الله بالخروج من مكة؟

أقام رسول الله في مكة بعد أصحابه وبقي معه أبو بكر وعلي رضي الله عنهما، وكان أبو بكر يستأذن رسول الله للخروج، فيقول: له لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا، يعني نفسه، فيطمع أبو بكر بصحبة رسول الله في هذه الرحلة.[٢]


وقد أُذِن لرسول الله في اليوم الذي قررت فيه قريش تنفيذ أمرها وقتل رسول الله، وأخبره جبريل بأنّ الله تعالى أذِن له بالهجرة من مكة إلى المدينة، وأعلمه بمؤامرة قريش وأمره أن لا يبيت في فراشه المعهود، فخرج رسول الله إلى بيت أبي بكر وأخبره بأنّه قد أُذِن له بالخروج، وتشاور الرسول وأبو بكر في أمر الهجرة وأبرموا أمرها، ثمّ عاد النبي إلى بيته ينتظر مجيء الليل.[٤]


حصار قريش لبيت النبي

من هم الذين قاموا بمحاصرة بيت الرسول باغين قتله؟

حاصر كفّار قريش بيت رسول الله وكانوا أحد عشر رجلًا من زعماء قريش ومنهم أبو جهل وأبو لهب وغيرهم، وكان اجتماعهم هذا في عتمة الليل على باب رسول الله يترقّبونه عندما ينام كي يثبوا عليه ويقتلون، وكانوا على ثقة بنجاح خطّتهم حتّى أنّ أبو جهل أخذ يستهزأ بكلام رسول الله ودعوته، وكان موعد تنفيذ الجريمة بعد منتصف الليل فجلسوا ينتظرون الوقت المحدد.[٥]


خروج النبي من بيته

كيف خرج رسول الله من بين كفّار قريش؟

على الرغم من استعداد الكفّار وتربّصهم برسول الله ولكنّهم فشلوا فشلًا ذريعًا، حيث أمر رسول الله علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه ويتغطّى بغطائه، وأخبره أنّه لن يُصاب بشيءٍ مؤذٍ بإذن الله، وخرج من بيته واخترق صفوف الكفّار المرابطين وأخذ حفنة من التراب وحثاها على رؤوسهم، فعميت أبصارهم ولم يستطيعوا رؤية رسول الله، وقرأ قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}،[٦] ومضى إلى دار أبي بكر.[٧]


وصية النبي لعلي بتأدية الأمانات

ما سبب وجود الودائع عند رسول الله؟

أخبر رسول الله ابن عمّه علي بن أبي طالب أنّه سيُهاجر من مكة، وأمره أن يبقى بعده فيها حتّى يردّ الأمانات التي كانت عند رسول الله إلى أصحابها، حيث كان أهل مكة يضعون الأشياء التي يخافون عليها عند رسول الله كالأموال وغيرها من النفائس، وذلك لأنّه كان معروفًا بالصدق والأمانة عليه الصلاة والسلام.[٨]


الخروج إلى غار ثور

ما هي المحطة الأولى في مسيرة النبي وأبي بكر إلى المدينة؟

لمّا حان وقت الخروج جاء رسول الله إلى أبي بكر وخرجا من باب صغير في ظهر بيت أبي بكر، وقصدا غار ثور، وثور هو اسم لجبل في أسفل مكة، ودخلا الغار، وكان أبو بكر هو من دخل أولًا حتّى يرى إن كان فيه حشرة سامّة أو حيّة فيحمي رسول الله بنفسه.[٩]


أمر أبي بكر ابنه بنقل أخبار قريش لهم

من الذي كان ينقل الأخبار للنبي وأبي بكر وكيف كان يتحرّى هذه الأخبار؟

أمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يأتيه بأخبار قريش، فكان عبد الله شابًا حاذقًا، فيبيت عند رسول الله وأبو بكر، ثمّ يخرج من عندهما في فترة السحر ويكون في قريش كأنّه نائمٌ في بيته، فيسمع الأخبار وينقلها إلى رسول الله وأبي بكر عندما يحلّ الظلام، وكان عامر بن فُهيرة يرعى غنم أبي بكر، ويمشي بها خلف عبد الله حتّى يُزيل أثره ويسقى رسول الله وصاحبه لبنًا منها،[١٠] وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتي لهما بالطعام، فجلبته مرّةً ولكنّها نسيت أن تأتي بما تربطه به فشقّت نطاقها وربطت الآنية التي فيها الطعام بجزءٍ منه وانتطقت بما تبقّى من النطاق؛ وهذا سبب تسميتها بذات النطاق أو ذات النطاقين.[١١]


وصول النبي وأبي بكر إلى غار ثور

كم أقام رسول الله وصاحبه في غار ثور؟

بقي رسول الله وصاحبه في الغار ثلاث ليالٍ، وكانا قد اتفقا مع عبد الله بن أُريقط ليأخذهما إلى المدينة، حيث كان يعمل هاديًا ولديه علم بالطريق، وكان على دين قريش، فأتى عبد الله في الموعد المحدّد ومعه راحلتين كان أبو بكر قد أعدّهما للهجرة، فأعطى رسول الله الراحلة الأفضل ولكنّ رسول الله رفض أن يأخذها إلّا بثمنها.[١٢]


ملاحقة قريش للنبي وأبي بكر

هل وصل أحدٌ من قريش إلى رسول الله وأبي بكر وهما في الغار؟

لمّا علم المشركون أنّ خطّتهم قد فشلت وأنّ رسول الله سار في طريق هجرته، غضبوا لذلك وأرسلوا يطلبونه في كلّ جهة، حتّى إنّهم قد وصلوا إلى الغار الذي أقام فيه رسول الله وأبو بكر، ولو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لعلم بمكانه، فبكى أبو بكر ولكنّ رسول الله قال له: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}،[١٣] فاطمأن أبو بكر بهذه المعية الربّانية، فأعمى الله تعالى أبصار المشركين، واستبعدوا فكرة وجود رسول الله وأبو بكر بغار ثور.[١٤]


خروج النبي وأبا بكر إلى يثرب

أي الطُرق سلك رسول الله وأبو بكر في مسيرهما إلى المدينة؟

سار رسول الله وأبو بكر إلى المدينة متّبعين الطريق الساحلي، وقد جعلت قريش لمن يظفر برسول الله وأبي بكر أو يخبر عن مكانهما جائزة مقدارها ديّة كل واحد منهما، فسمع سُراقة بهذه الجائزة وكان قد علم باتباعهما لطريق الساحل من أحد الرجال، فهمّ بطلبهما ولمّا اقترب منهما فعثرت فرسه فنزل عنها ثمّ ركب عليها وصار قريبًا لدرجة أنّه كان يسمع تلاوة رسول الله للقرآن الكريم، وهو لا يلتفت وكان أبو بكر يُكثر الالتفات إلى سراقة.[١٥]


فعثرت فرسه مرّة أخرى وغاصت ساقاها في التراب فنزل عنها وزجرها فنهضت وركبها ثانيةً، فهاج غبار مثل الدخان، فعلم سراقة أنّه لن يتمكّن منهما وأنّهما مؤيدان من الله تعالى، فناداهما بالأمان فوقف رسول الله وأبو بكر حتى وصل إليهم، ويقول سراقة أنّه علم في نفسه أنّ الإسلام سيظهر وينتشر، وأخبر رسول الله بما كان من قريش وعرض عليهما الزاد والمتاع فرفضا أخذه، وطلب من رسول الله أن يكتب له كتابًا فكتب له وأسلم سراقة فيما بعد.[١٥]



مكوث النبي عند أم معبد

من هي أم معبد وما الموقف الذي حصل لها مع رسول الله؟

أم معبد هي امرأة من خُزاعة واسمها عاتكة بنت خالد وكانت خيمتها في طريق رسول الله ومرّ عليه هو وأبو بكر أثناء رحلتهما، وطلبا منها لحمًا وتمرًا بثمنه، ولكن كانت فترة جدْب والماشية لم يكن فيها لبن فلم يُصيبوا شيئًا، فرأى رسول الله شاةً هزيلة واستأذن أم معبد بحلبها فأذنت له فمسح على ضرعها وقام بحلبها ففاض حليبها واستقى منها هو ومن كان معه، وبايعته أم معبد على الإسلام ولمّا أتى زوجها تفاجأ بوجود اللبن فأخبرته بما حصل وعزم على الإسلام واللحاق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم.[١٦]


الوصول إلى المدينة

ما هي المنطقة الأولى التي وصل إليها النبي في المدينة؟

كان أهل المدينة يخرجون إلى مشارفها ينتظرون قدوم رسول الله ويظلّون على هذه الحالة من الصباح حتّى يشتدّ الحر، فلمّا قدم عليهم كان أوّل من رآه رجلٌ من اليهود فصرخ بأعلى صوته وبشّرهم بذلك، فخرجوا إليه ولم يكونوا يعرفونه من أبي بكر وكان يجلس هو وأبو بكر في ظلّ نخلة، فلمّا ذهب الفيء عن رسول الله قام أبو بكر وأظلّه بردائه فعرفه أهل المدينة،[١٧] وكان أول منطقة نزل به هي قُباء وهي قرية في جنوب المدينة، وأقام ثلاثة أيّام عند بني عوف، وبنى مسجد قُباء وهوأوّل مسجد في الإسلام ثمّ تابع طريقه إلى المدينة.[١٨]


ملاقاة أهل المدينة للنبي وأبي بكر

كيف كان استقبال أهل المدينة لرسول الله وصاحبه؟

كان استقبال أهل المدينة لرسول الله وأبو بكر استقبالًا مهيبًا حيث علا التكبير فرحًا بقدوم الرسول الكريم، وحيّوه بما يليق بجناب النبوّة،[١٩] وكان كلّما مرّ على أهل دار من أشرافهم خرجوا إليه وطلبوا منه أن ينزل بينهم، فأخبرهم رسول الله أنّ راحلته مأمورة وأنّه سينزل حيث تبرك، فبركت في دار مالك بن النجار وكان ذلك مربد تمر ليتيمين، فأُقيم المسجد في مكان المربد وقام معاذ بن عفراء وهو وليّهما بإعطائهما ثمنه، وأقام رسول الله في بيت أبي أيّوب الأنصاري حتّى تمّ بناء المسجد، وتمّت هجرته الشريفة.[٢٠]


العبر المستفادة من قصة الهجرة النبوية الشريفة

في قصة الهجرة النبوية الشريفة الكثير من العِبر والعظات، وفيما يأتي بعضٌ منها:[٢١]


  • الإيمان بالله تعالى يبثُّ الشجاعة في نفس المؤمن حتّى إنّه يرمي بنفسه إلى الموت ولا يُبالي بذلك ولا يخشاه.


  • التخطيط الناجح والأخذ بأسباب وإعداد العدّة هو دأب الأنبياء وأصحابهم، فهم مع اتكالهم على خالقهم وثقتهم به إلّا إنّهم لم يتواكلوا بل أخذوا بكل أسباب الحيطة والحذر.


  • حُسن التصرّف والمرونة التي تمتّع بها عبد الله بن أبي بكر ومن كان معه في خدمة رسول الله له أثر في الهجرة النبوية، وهذا ينطبق على أي مشروع دعوي إصلاحي.


  • العناية الإلهية هي الأصل الأول في حماية المؤمنين وعدم تمكّن الأعداء منهم حتّى وإن كانوا أكثر عدّة وعتاد.


  • إظهار الفرح والسرور من الأخلاق الإسلامية التي تحلّى بها أصحاب محمّد رضي الله عنهم، فالإسلام لا ينهى عن ذلك ولكن ضمن ضوابط شرعية.


كما يمكنك التعرّف أكثر على الهجرة النبوية وأسبابها بالاطلاع على هذا المقال: أسباب الهجرة النبوية


كما يمكنك التعرّف على الهجرة النبوية ومجرياتها كافة بالاطلاع على هذا المقال: بحث عن الهجرة النبوية

المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 143. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 480. بتصرّف.
  3. ^ أ ب صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 144-145. بتصرّف.
  4. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 146. بتصرّف.
  5. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 146-147. بتصرّف.
  6. سورة يس، آية:9
  7. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 147-148. بتصرّف.
  8. عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 485. بتصرّف.
  9. عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 485-486. بتصرّف.
  10. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 149. بتصرّف.
  11. عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 486. بتصرّف.
  12. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 150-151. بتصرّف.
  13. سورة التوبة، آية:40
  14. محمد الخضري، كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 73. بتصرّف.
  15. ^ أ ب محمد الخضري، كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 74-75. بتصرّف.
  16. عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 487-488. بتصرّف.
  17. عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 492-494. بتصرّف.
  18. مصطفى السباعي، كتاب السيرة النبوية دروس وعبر، صفحة 64. بتصرّف.
  19. صفي الرحمن المباركفوري، كتاب الرحيق المختوم، صفحة 155. بتصرّف.
  20. عبد الملك بن هشام، كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، صفحة 494-496. بتصرّف.
  21. مصطفى السباعي، كتاب السيرة النبوية دروس وعبر، صفحة 67-73. بتصرّف.
7777 مشاهدة
للأعلى للسفل
×