بحث عن تفسير سورة الإسراء

كتابة:
بحث عن تفسير سورة الإسراء

بحث عن تفسير سورة الإسراء

تفسير آيات معجزة الإسراء

ابتدأت السورة الكريمة بتنزيه الله -تعالى- عن كل نقص وعيب، الّذي أسرى بعبده محمد -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، بجسده وروحه، بواسطة البراق، وهنا يكمن الإعجاز، ثم عُرج به -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات، وفي رحلة المعراج تمّ فرض الصلاة على المسلمين، فكان المقصد الإلهي من هذه الرحلة معاينة محمد -صلى الله عليه وسلّم- بعضًا من آيات الله -تعالى- في السماوات، والجنّة، وسدرة المنتهى، وفي الآية الكريمة اختتام بالوعيد على تكذيب المشركين لحادثة الإسراء والمعراج، فهو السامع لما يقولون، البصير بما يكيد المشركين.[١]


تفسير الآيات المتعلقة ببني إسرائيل

إنّ السبب في الحديث عن توراة موسى بعدما ابتدأت الآيات بالحديث عن محمد -صلى الله عليه وسلّم-، لأن كتابيْهما وشريعتهما أفضل الكتب وأكمل الشرائع وأكثرهما اتّباعًا، فعطف -سبحانه- بالحديث عن توراة موسى، وأنّه هو السراج المنير لبني اسرائيل، فهم الّذين تفضّل الله عليهم بأن كانوا من ذريّة من كانوا قد نجوْا مع نوح من الطوفان العظيم، مع حثّهم بالاقتداء بما كان عليه نوح عليه السلام، من دوام الشكر لله -تعالى- على ما أغدق عليه من النعم.[٢]


ثم انتقلت الآيات الكريمة بعد ذلك للحديث عن إفسادتين لبني اسرائيل، وكلا الإفسادتين يكونان ببطر النعمة وارتكاب المعاصي؛ ففي الإفساد الأول: سيسخّر الله -تعالى- عليهم جيشًا شجعانًا معتدّون بعددهم وعدّتهم ينتصرون عليهم، ويسلبوا منهم أموالهم، واتّفق المفسرون على أنّ هذا الجيش من الكفّار، وفي هذا جزاءًا لبني اسرائيل على تركهم لشريعة موسى، وبعد هذه الهزيمة يخبر -سبحانه- بني اسرائيل أنّهم سيعاودون الانتصار والتمكّن ممن قد أخرجوهم من ديارهم، فكثّر الله تعالى عددهم وعدّتهم، وأعاد لهم قوّتهم، لمعاودتهم الخضوع لله -تعالى- والالتزام بشريعتهم.[٢]


ثم بيّنت الآييات الكريمة، بأن بني اسرائيل لن يثبتوا على شريعة موسى، فسيعاودون الانحلال عنها، فسيجزون حينها بالجزاء الثاني، بإخراجهم من بيت المقدس، مطرودين وقد خرّبت بيوتهم وحروثهم، لكن عسى الله -تعالى- أن يرحمهم بعودتهم لشريعة موسى فيعودون كما كانوا.[٢]


تفسير الآيات المتعلقة بمهمة القرآن

  • قال -تعالى-: (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً *وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)،[٣] تتحدث الآيات الكريمة هنا عن هداية القرآن للطريق الأقوم، والمصير الحق، مع البشارة للمؤمنين بأنّ لهم الأجر الكبير، وأنّ لأعدائهم العذاب الأليم.[٤]
  • قال -تعالى-: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً* قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)،[٥] تحدثت هذه الآيات عن القرآن الكريم، فما نزل القرآن إلّا بالحق إلى رسول الحق، محفوظًا من الله -تعالى-، وقد نزلّ مفرّقًا على عدّة سنوات ليقرأه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس على مكث وتأنٍّ، ليكون أسهل للحفظ والفهم، فمن آمن به فلنفسه ومن كفر به فلا يضر ذلك القرآن شيئًا، فقد آمن به من هم من خيرة الناس من أهل العلم الّذين قرأوا الكتب السابقة فعرفوا حقيقة الوحي، وميزوا بين الحق والباطل، لا يلبثون أن سجدوا لله شكرًا له على إتمام أمر النبوة بإرسال محمد ومعه القرآن الكريم، الّذي يزيدهم إيمانًا بالله -تعالى-.[٦]


تفسير آيات الفضائل والوصايا

اشتملت الآيات الكريمة من سورة الإسراء على عدد من الفضائل والوصايا، وهي كما يأتي:[٧]

  • بر الوالديْن، والإحسان في تعاملهم، وتحرّي القول الكريم أثناء مخاطبتهما، والتواضع معهما، وتجنّب كل ما يسيء إليهما؛ كالتأفف في وجههما، وإظهار الغضب في الكلام أو الفعل.
  • الإخلاص في الطاعة، فلا يبطن ما يظهر.
  • إعطاء القربى حقوقهم الماديّة والمعنويّة، من صلة للرحم، ومساعدة لمن يحتاج منهم مالًا.
  • إعطاء الفقراء والمساكين حقهم من الزكاة.
  • النهي عن البخل والإسراف، والحث على التوسط في الإنفاق.
  • النهي عن قتل أي نفس إنسانيّة بلا جناية ثابتة.
  • النهي عن أكل مال اليتيم.
  • النهي عن اقتراف فاحشة الزنا، وجاء النهي بعدم الاقتراب من مقدمات الزنا.
  • الحث على الالتزام بالعهود والمواثيق.
  • الوفاء بالكيل والعدل في الميزان، وهذا خاص لأهل التجارة.
  • الحث على التثبّت من الأخبار الواردة.
  • الابتعاد عن الكبر والخيلاء، والحث على التواضع.


تفسير الآيات المتعلقة بالرد على المشركين

ابتدأت الآيات الكريمة بإقامة الحجة على المشركين، مبتدئًا بالحديث عن طلب الآلهة من مالك الملك القرب والطاعة لعلمهم بقدرته، وهذا أمر متنزه عنه الله -تعالى-، فما من شيء في هذا الكون إلّا وينزهه عن كل نقص وعيب، فقد عوقب الكفار بعدم وصول هداية القرآن الكريم إلى عقولهم وقلوبهم، ومنعوا من فهمه، وذلك لأنّهم يريدون الاستهزاء فقط بسماعهم للقرآن.[٨]


ومما زاد في كفر المشركين أنّهم شبهوا رسول الله بما لا يليق به، وقاموا بسؤال رسول الله إن كان الله قادراً على إعادة خلقهم بعد أن يصبحوا ترابًا، فأجاب رسول الله؛ بأنّه قادر على البعث أيًا كانت الحال الّتي هم عليها، فالّذي خلقهم أول مرة قادرٌ على إعادة إحيائهم، وهذا اليوم ليس بالبعيد، إذ تقومون من قبوركم، وتظنون أن الحياة الدنيا، ما كانت إلّا لحظات معدودة، وفيه تنبيه المؤمنين، بأن يحسنوا الجدال مع المشركين، لإبعادهم قدر الإمكان عن المراء والجدال، وعن العناد في دين الله، فما وظيفة الرسول والمؤمنين إلّا التذكير والتبشير والتحذير.[٩]


استبعد مشركو قريش بأن يكون رسول الله نبيًّا لهم، وأصحابه الفقراء هم أتباعه، فجاء الجواب من الله بأنّه أعلم بأهل الارض، فيختار منهم الأنسب للنبوّة، من حيث ما له من فضائل نفسيّة، حتّى أنّ داود قدّ فُضّل بنبوّته لا بملكه، وأيّاً ما تدعون من دون الله لا يملكون أي نفع أو ضرر، أو حتى نقل الضرر منكم إلى غيركم، ولمعرفة بأنّ قريش ستكفّر بأّي آية ربانية يأتي بها رسول الله، كان سببًا في عدم إرسال أي آية لهم، فكما كفر السابقون، سيكفرون هم، وقد ابتلاهم بمعجزة الإسراء والمعراج وكذّبوا بها.[١٠]


ولقد مَنَّ الله أن أبقى القرآن في السطور والصدور، فلم يذهب مثل باقي الكتاب السابقة، ولو تكاثفت كل الجهود للإتيان بمثل القرآن، لن يقدروا على ذلك، فبعدما قيلت آيات إعجاز القرآن، يتصدّر المشركون الموقف قائلين، بأنهم لن يؤمنوا إلا بتفجير لهم ينبوعاً من الأرض، وبإظهار بعض الأمور الحسّية، فيتعجّب رسول الله أنه بشر مثلهم، مرسل من عند الله فقط.[١١]


فكان إرسال البشر، سبب في كفر الناس، فكانوا يريدون أن يكون الرسول ملكًا، لكنّ الله تعالى بصير عالم بما يحدث، فما على الرسول إلّا البلاغ المبين، فلن يكون جزاؤهم يوم القيامة إلّا نار الحريق؛ لكفرهم بالبعث، وشكّهم بقدرة الله -تعالى- على ذلك.[١٢]


تفسير آيات نعم الله على عباده

نعم الله في الكون

ومن نعم الله تعالى في الكون ما ياتي:

  • آية الليل والنهار: فهما آيتان دالتان على قدرة الله -تعالى-، فهما خير دلالة على تحقيق مصلحة الإنسان والحيوان، فالليل جعل للسكن والرحاة، والنهار لطلب الرزق، وبمرور الأيام والليالي، يُعرف بهما حساب الأيّام والشهور، ومعرفة أوقات العبادات، وغر ذلك من الأمور التي تتوقف معرفتها بناء على مرور الوقت.[١٣]
  • آية تسيير الفلك في البحر: فهو -سبحانه- منّ على بني آدم بأن سيّر السفن في الماء، مالحًا كان أو عذبًا، للارتزاق بالتجارة، والسياحة، المتفضّل عليهم بالأمن بالسير في وسط البحر وبالوصول إلى البر بسلامة.[١٤]


تفضيل بني آدم

فضل الله تعالى بني آدم على من سواهم من المخلوقات، فكرّمهم بالعقل واكتساب العلم والمعرفة، وإرسال الرسل، ومنحهم الإرادة، وجعل منهم الأصفياء والصالحين والأنبياء.[١٥]


أيات السجود لآدم

بيّنت الآيات الكريمة أول عصيان لله -تعالى-؛ وهو رفض إبليس السجود لآدم كما أمر الله، ويقصد هنا بالسجود؛ التعظيم لا العبادة، فرفض إبليس استكبارًا وعلوًا على حامل الأمانة الربانية، وخليفة الله -تعالى- على أرضه.[١٦]


تفسير الآيات المتعلقة بمحاولة فتنة الرسول

بينت الآيات الكريمة محاولة فتنة رسول الله عن أمر الله -تعالى-؛ بالتنازل عن بعض المبادئ الإسلاميّة الهامّة، لكنّ الله -تعالى- عصمه من الوقوع في ذلك الزلل، وما كان سيقع أمر كهذا من رسول الله إلّا لرغبته -صلى الله عليه وسلم- بإسلامهم.[١٧]


تفسير الآيات المتعلقة ببني إسرائيل

تحدثت الآيات الكريمة عن المعجزات الّتي أيّد الله -تعالى- بها موسى؛ العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم، وانفجار الماء من الحجر، وانفلاق البحر، ونتق الطور على بني إسرائيل، وقيل الطوفان والسنون ونقص الثمرات.[١٨]


تفسير الآيات المتعلقة بالدعاء

في الآيات الكريمة حث للمسلم بأن يدعو الله بأسماءه الحسنى وصفاته العليا.[١٩]


التعريف بسورة الإسراء

سورة مكيّة، نزلت في السنة الحادية عشر من البعثة، وتسمى بسورة بني اسرائيل، لأنّها تحدّثت عن إفسادهم، وبسورة سبحان، نزلت هذه السورة بعد سورة القصص وقبل سورة يونس، ويكون ترتيبها في نزول القرآن السورة الخمسون، عدد آياتها مئة وعشر آيات.[٢٠]


خلاصة المقال: تناول المقال تفسير آيات سورة الإسراء بشكل مجمل، من خلال تقسيم الآيات المتعلقة بنفس الموضوع ثم تفسيرها، وثم التعريف بسورة الإسراء.


المراجع

  1. الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1323. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عبدالرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 453. بتصرّف.
  3. سورة الاسراء، آية:9-10
  4. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 249. بتصرّف.
  5. سورة الإسراء، آية:105-109
  6. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 269. بتصرّف.
  7. الزحيلي، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 1339-1347. بتصرّف.
  8. البيضاوي، تفسسير البيضاوي، صفحة 256-257. بتصرّف.
  9. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 258. بتصرّف.
  10. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 259-260.
  11. سورة الاسراء ، آية:55-60
  12. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 267-268. بتصرّف.
  13. الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1331--1335. بتصرّف.
  14. الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1369. بتصرّف.
  15. عبدالرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 643. بتصرّف.
  16. مجموعة من المؤلفين، التفسير الوسيط، صفحة 777. بتصرّف.
  17. السعدي، تفسير السعدي، صفحة 463. بتصرّف.
  18. الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1392. بتصرّف.
  19. السعدي، تفسير السعدي، صفحة 468. بتصرّف.
  20. ابن عاشور ، التحرير والتنوير، صفحة 5-7، جزء 5. بتصرّف.
5757 مشاهدة
للأعلى للسفل
×