الصحابة الكرام
يُطلق لفظ الصحابي على كلِّ من صاحب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو مؤمن به ولو لم يرَه لمانع كالعمى شريطة أن يموت وهو مؤمن، فمن صاحب رسول الله وآمن به ثمَّ ارتدَّ عن دينه فهو ليس من الصحابة الكرام، وقد كان لصحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فضل كبير في نشر الدعوة وتبليغ الرسالة ومحاربة المشركين، كانوا قناديل الضياء ومصابيح الدين والنجوم التي يهتدي به الضالون، حملوا على عاتقهم أمانة عظيمة فكانوا كُفُؤًا لها، وفيما يأتي بحث عن خالد بن الوليد الصحابي الجليل وسيف الله المسلول في وجه أعداء هذا الدين.[١]
بحث عن خالد بن الوليد
هو خالد بن الوليد بن المغيرة، يرجع نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي، ويلتقي في النسب مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند الجد السابع لؤي، أمُّ خالد هي لبابة بنت الحارث الهلالية، وتقول الروايات إنَّ خالد قريب في العمر من عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، وهو مخزومي من سادة وأثرياء قريش ووجهائها فرسانها، وعائلته لها مكانة خاصة عند بني مخزوم، فعمُّ خالد حكيم من حكماء العرب وأحد كرمائهم المشهورين، ووالده واحد من حكماء قريش وأثريائها أيضًا، ولد خالد بن الوليد في مكة المكرمة، وعاش فيها طفولته ودخل الإسلام في شهر صفر في السنة الثامنة للهجرة، وقد تردد خالد كثيرًا قبل إسلامه، فهو الفارس الذي حارب المسلمين في أحد وفي غزوة الخندق أيضًا، ولكنَّه بعد أن تفحص الأحداث بدأ يميل إلى الإسلام فأسلم بعد صلح الحديبية مباشرة.[٢]
بعد إسلامه مباشرة شارك خالد بن الوليد في غزوات عديدة ضد الرومان، كان أبرزها غزوة مؤتة التي ظهر فيها بصورة القائد العسكري صاحب الحنكة العسكرية عندما استطاع أن ينسحب من المعركة بجيشه تفاديًا لخسارة مؤسفة بسبب تفوق الرومان بالعدد والعتاد على المسلمين في تلك المعركة، فانسحب وعاد بالمسلمين إلى المدينة وحينها أطلق عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لقب سيف الله المسلول، وكان خالد قائدًا لإحدى كتائب المسلمين أيضًا يوم فتح مكة، وكان قائدًا لسرية من سرايا المسلمين في غزوة تبوك أيضًا، كما شارك خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق في حرب اليمامة ضد الخوارج الذين كانوا بقيادة مسيلمة الكذاب، وكان لخالد دورٌ كبير في فتح بلاد فارس وبلاد الشام، ففي العراق بعث الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد مددًا للمثنى بن حارثة الشيباني، وهناك كانت أول معركة لخالد ضد الفرس، حيث واجه خالد الفرس الذين كانوا بقيادة هرمز في معركة ذات السلاسل، وفي بداية المعركة بارز خالد هرمز وقتله، وبعد قتال عنيف انتصر المسلمون في المعركة وفرَّ الفرس، فقام المسلمون بمطاردتهم حتَّى التحموا معهم في معركة أخرى اسمها معركة المذار، وعاد بعدها وانتصر على الفرس في معركة الولجة أيضًا، ثم انتصر أيضًا في معركة عين التمر، وكلُ هذه المعارك تدلُّ على أهمية خالد بن الوليد كقائد عسكري في كلِّ حروب العراق التي كانت سببًا في فتح العراق أمام المسلمين.[٣]
وفي بلاد الشام ذهب خالد إلى الشام مع نصف جيشه الذي كان يقاتل به في العراق بأمر من الخليفة أبي بكر الصديق ليساند جيوش المسلمين في الشام آنذاك، فجيوش المسلمين الأربعة التي كانت بقيادة كلٍّ من: أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص كانت تحت خطر الهزيمة الساحقة أمام جيوش الرومان التي كانت تفوقهم عددًا وعتادًا، وفي طريقه إلى الشام سلك خالد بجيشه طريق صحراء السماوة في بادية الشام وترك الطريق الآخر الذي سيجبره على المرور بالحاميات الرومانية، ووصل إلى بلاد الشام وهناك خاض خالد بجيشه معارك شرسة، ولكنَّها على ضراوتها حسمت كثيرًا من الأمور ففتحت دمشق في معركة فتح دمشق، وشارك خالد أيضًا في معركة أجنادين ومعركة فحل ومعركة السوق ومعركة اليرموك الكُبرى، وكان في كلِّ معركة يثبت مدى دهائه العسكري وحنكته في القيادة وقدرته على القتال والصبر في الميادين، فُضرب به المثل وأصبح قائدًا عسكريًا ذائع الصيت، ولعلَّ أبرز المعارك التي اشتهر بها خالد هي معركة اليرموك التي تعتبر أعظم المعارك التي انتصر فيها المسلمون على الروم في دمشق في سنة 13هـ، وهذه المعركة هي التي جسدت شخصية خالد العسكرية، وفي ذات الفترة التي كان المسلمون فيها يحاربون الروم في اليرموك توفي خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في المدينة وخلفه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فبعث عُمر أمرًا يقضي بعزل خالد من قيادة جيش المسلمين في اليرموك وتسليم أبي عبيدة بن الجراح قيادة الجيش، فأخفى أبو عبيدة هذا الأمر حتَّى انتهت المعركة، فانصاع خالد لأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وشارك تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح في فتح دمشق.[٤]
وفي خاتمة ما جاء من بحث عن خالد بن الوليد جدير بالقول إنَّه بعد أن انتهت معارك بلاد الشام وانتصر المسلمون وفُتحت دمشق وحمص وغيرها، أقام خالد في حمص، وفيها توفِّي وهو على فراشه بعد أن خاض معارك كثيرة ولم تُكتب له الشهادة، توفي خالد على فراشه سنة 21هـ في فترة خلافة عمر بن الخطاب، وتختلف الروايات حول مكان وفاته، فقيل توفِّي في حمص وقيل توفِّي في المدينة وحضر عمر بن الخطاب جنازته أيضًا، ولكنَّ الراجح أنَّ خالد توفِّي في حمص وفيها دُفن، لذلك تم تسمية أحد جوامع المسلمين في حمص باسم خالد ويزعم الناس أنَّ قبر خالد موجود في حمص في مسجد خالد بن الوليد، والله تعالى أعلم.[٣]
المراجع
- ↑ "تعريف الصحابي"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "خالد بن الوليد رضي الله عنه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-05-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "خالد بن الوليد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "خالد بن الوليد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-05-2019. بتصرّف.