بماذا تسمى سورة التحريم

كتابة:
بماذا تسمى سورة التحريم

أسماء سورة التحريم ووجه تسميتها

سُمّيت سورة التّحريم بهذا الاسم لِما ذُكر فيها من تحريم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على نفسه ما أُحِلّ له،[١] لذا كان من أسماء سورة التحريم سورة النبيّ،[٢] وتُسمّى أيضاً بسورة "لمَ تُحرِّم"،[٣] باعتبار بدايتها، حيث قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكَ)،[٤] كما وتُسمّى أيضاً بسورة النّساء لِما اشتملت عليه من الحديث عن الخصومة التي نشبت بين نساء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.[٥]


سبب نزول سورة التحريم

تجدر الإشارة إلى أنّه قيل في سبب نزول سورة التّحريم سببين نذكرهما فيما يأتي:

  • أوّلهما: إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان قد جامع زوجته ماريّة القبطيّة في بيت حفصة، إلّا أنّ كل من عائشة وحفصة -رضيَ الله عنهما- كانتا تحاولان منع رسول الله عنها بدافع الغيرة حتى حرّمها على نفسه،[٦] وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- قال: (أنَّ رسولَ اللهِ كانت له أمَةٌ يطؤُها، فلم تزَلْ به عائشةُ وحفصةُ، حتَّى حرَّمها على نفسِه، فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إلى آخرِ الآيةِ).[٧][٨]
  • ثانيهما: إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان قد شرب عسلاً عند زوجته زينب بنت جحش -رضيَ الله عنها-، فاتّفقت عائشة وحفصة -رضيَ الله عنهما- أن تقول كلّ واحدة منهما لرسول الله حال دخوله عليها أنّها تشتمّ منه رائحة مغافير -وهو صمغ حلو له رائحة كريهة[٩]-، فحصل ذلك حتى حرّمه رسول الله على نفسه.[١٠]
وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ، ويَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أنَا وحَفْصَةُ: أنَّ أيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلْتَقُلْ: إنِّي أجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ علَى إحْدَاهُمَا، فَقالَتْ له ذلكَ، فَقالَ: لَا، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ، ولَنْ أعُودَ له فَنَزَلَتْ: {يَا أيُّها النبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ}).[١١]


ويجدر باالذّكر أنّ معنى التّحريم المراد بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكَ)،[٤] هو منع النّفس وحظرها عمّا أُحلّ لها، وهو أمر لا إثم فيه، وهذا على خلاف معنى اعتقاد الحلال حراماً.[١٢]


مناسبة سورة التحريم لما قبلها وما بعدها

يظهر ارتباط سورة التّحريم بالسورة التي قبلها وهي سورة الطّلاق من خلال ثلاثة أوجه كما يأتي:[١٣]

  • أوّلها: افتتاح الله -تعالى- كل من السّورتين بخطاب النبيّ: "يا أيّها النبيّ".
  • ثانيها: حديث كلٍّ من السّورتين عن الأحكام والمواقف الخاصّة بالنّساء.
  • ثالثها: حديث كلٍّ من السّورتين عن سُبل تحريم ما أحلّ الله -تعالى-؛ كالطّلاق في سورة الطّلاق، والإيلاء في سورة التّحريم، -والإيلاء: هو حلف الرّجل بالله -تعالى- على عدم وطئ زوجته-.[١٤]


ويظهر ارتباط سورة التّحريم بالسورة التي بعدها وهي سورة الملك من خلال وجهين كما يأتي:[١٥]

  • أوّلهما: إنّ سورة التّحريم تتحدّث عن قدرة الله -تعالى- وتأييده لرسوله في مواجهة تآمر زوجَتيه عليه، وفي سورة الملك يتحدّث الله -تعالى- عن قدرته العظيمة وملكه للسّماوات والأرض.
  • ثانيهما: إنّ في نهاية سورة التّحريم ذكر الله -تعالى- لامرأتي نوح ولوط مثالاً للكافرين رغم اتّصالهما وزواجهما بنبيّين، وامرأة فرعون ومريم ابنة عمران مثالاً للمؤمنين رغم اتّصال الأولى بفرعون الطّاغية، وقد جاء الحديث في سورة الملك عن قدرة الله -تعالى- وتدبيره في خلقه بما يشاء من العجائب.

موضوعات سورة التحريم وتوجيهاتها

هناك عدّة موضوعات تناولتها سورة التّحريم، منها ما يأتي:[٣]

  • الحديث عن أحد جوانب حياة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وعتاب الله -تعالى- له على تحريم ما أحلّه له.[١٦]
  • حثّ المؤمنين على الإقدام على العمل الصّالح، والإكثار من التوبة والإنابة إلى الله -تعالى-.
  • ذكر أمثلة للكافرين؛ كامرأتي نوح ولوط، وأمثلة للمؤمنين؛ كامرأة فرعون ومريم ابنة عمران، وذلك بهدف الاتّعاظ والاعتبار.[٥]




المراجع

  1. محمد الهرري (1421)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار طوق النجاة، صفحة 453، جزء 29. بتصرّف.
  2. محمد صديق خان (1412)، فتحُ البيان في مقاصد القرآن، بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 203، جزء 14. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة: دار نهضة مصر ، صفحة 465، جزء 14. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة التحريم، آية:1
  5. ^ أ ب سعيد حوى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة:دار السلام، صفحة 5995، جزء 10. بتصرّف.
  6. السيوطي، الدر المنثور، بيروت:دار الفكر، صفحة 214، جزء 8. بتصرّف.
  7. رواه الالباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3969 ، إسناده صحيح.
  8. ابن كثير (1419)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 180، جزء 8. بتصرّف.
  9. "شرح حديث:أكلت مغافير"، إسلام ويب، 2-11-2013، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2021.
  10. محمد صديق خان (1412)، فتحُ البيان في مقاصد القرآن، بيروت:المكتبة العصرية، صفحة 207، جزء 14. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5267 ، صحيح.
  12. محمد المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 2. بتصرّف.
  13. وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 300، جزء 8. بتصرّف.
  14. "معنى الإيلاء"، إسلام ويب، 17-5-2003، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2021. بتصرّف.
  15. وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 5-6، جزء 29. بتصرّف.
  16. جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة 1)، بيروت:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ، صفحة 41، جزء 10. بتصرّف.
4838 مشاهدة
للأعلى للسفل
×