بماذا لقب عبدالله بن الزبير

كتابة:
بماذا لقب عبدالله بن الزبير

عبد الله بن الزبير

هو الصحابيّ الجليل عبد الله بن الزبير بن العوّام بن خويلد الأسدي بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة، يكنّى بأبي خُبيب، أو أبي بكر، أمّه هي: أسماء بنت أبي بكر الصّديق، وخالته السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، وُلد عبد الله بن الزّبير في السنة الأولى للهجرة، وهو أوّل مولود في الإسلام بعد الهجرة، حيث كانت أمّه أسماء -رضي الله عنها- قد حملت به وهي في مكّة، ثمّ وضعته بعد أن وصلت قباء في المدينة المنوّرة، ولقد أخذت أسماء ابنها عبد الله إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليحنّكه بالتمر، وورد في ذلك: (فأخذه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- منها فوضعه في حِجرِه، ثمّ دعا بتمرةٍ، قال: قالت عائشةُ فمكثْنا ساعةً نلتمِسُها قبل أن نجدَها، فمضغَها، ثمّ بصقَها في فيه، فإنَّ أولَ شيءٍ دخل بطنَه لَرِيقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،[١] وأمّا أولاد عبد الله بن الزّبير -رضي الله عنه- فقد كانوا أربعة عشر من الذكور، وخمس بنات، وهم: خبُيب، وحمزة، وعباد، وثابت، وهاشم، وقيس، وعروة، والزبير، وعامر، وموسى، وأمّ حكيم، وفاطمة، وفاختة، وأبو بكر، وبكر، ورقيّة، وبكراً آخر، وعبد الله، وكانت أمّه جارية.[٢]


لقب عبد الله بن الزبير

حمل عبد الله بن الزبير لقباً كان جديراً به؛ وهو: حمامة المسجد، وقد أسمته أمّه أسماء وبعض الصّحابة بهذا اللقب؛ لكثرة عبادته؛ فكان مصلّياً في الليل، وصائماً في النهار، وفي موقفٍ آخر حاز فيه عبد الله انفراداً عن غيره من الصحابة، حيث روى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد احتجم، فأخذ الدم المسفوح، وأعطاه لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وأمره أن يريقه في مكانٍ لا يراه فيه أحد، فذهب عبد الله، وعندما عاد قال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (جعَلتُه في أخفى مكانٍ علِمتُ أنه يَخفى عنِ الناسِ، قال: لعلَّكَ شرِبتَه، قال: نعَم، قال: ولِمَ شرِبتَ الدمَ ويلٌ للناسِ مِنكَ، وويلٌ لكَ منَ الناسِ)،[٣] فكان عبد الله بن الزبير مَن شرب دم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ رغبةً أن تصيبه بركة دمه.[٤][٢]


صفات عبد الله بن الزبير

كان عبد الله بن الزّبير -رضي الله عنه- كالصّحابة عموماً؛ ممتلأً بالصّفات العظيمة، والخصال الرفيعة، وقد قال العديد من الصحابة بصفاته، وأخلاقهن وامتدحوا عباداته، وفي ما يأتي بيان جانب من صفاته:[٥][٢]

  • خشوعه في الصلاة؛ فكان إذا دخل في الصلاة كأنه عمود؛ من شدّة خشوعه، وثباته حين يصلّي، ولقد روى يوسف بن الماجشون عن سنده أنّ عبد الله -رضي الله عنه- كان يصلّي القيام على ثلاثة أشكال؛ ليلة قائم حتى الفجر، وليلة راكع حتى الفجر، وليلة ساجد حتى الفجر، وذات ليلة سقطت حيّة في بيته، وهو قائم يصلّي، فصاح أهل البيت الحيّة الحيّة، حتى أمسكوا بها، وألقوها خارجاً، وهو قائم يصلّي لم يلتفت.
  • شجاعته في سبيل الله؛ ففي غزوة إفريقة، هجم جرجير قائد البربر وجنوده على مخيم المسلمين وحاصروه، وكان تعداد جيش البربر يومها مئةً وعشرين ألفاً، وكان المسلمون عشرين ألفاً، فبذكاءٍ ونباهةٍ من عبد الله استطاع أن يحدّد مكان قائدهم جرجير، فطلب مساعدة ثلاثين من فرسان المسلمين، أن يحموا ظهره، ثمّ خرج عليهم صامداً، شجاعاً، فحسبوه رسول إليه يحمل رسالة، فأخذ الجميع مواقعهم ينتظرون قوله حتى وصل إلى جرجير قائدهم، فطعنه حتى قتله، ثمّ حمل رأسه على رمحه وكبّر، فهرب أصحاب جرجير من كلّ مكان، وحقّق يومها المسلمون النصر المبين.
  • جمعه ونسخه للقرآن الكريم مع الصحابة؛ حيث كان ممّن اختارهم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لنسخ المصحف في عدّة نُسخ؛ لتوزيعها على أمصار المسلمين، فنال شرف هذه المهمّة عظيمة القدر.
  • ثقة الناس به، ومبايعته لخلافة المسلمين؛ فبعد وفاة يزيد بن معاوية، وابنه معاوية، اتفق أهل الحجاز، وخراسان، وأهل اليمن، والعراق على مبايعة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه؛ ليكون خليفةً للمسلمين، وكانت خلافتة سنة أربعٍ وستين للهجرة.
  • ثباته على الحقّ؛ فقد تعرّض خلال مدّة خلافته للعديد من محاولات الاعتداء على حُكمه، آخرها ما كان من الحجّاج بعد خروج الناس ومناصرتهم إياه، وخذلانهم عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه، وحينها وقع في نفس عبد الله بن الزبير شيئاً من الحيرة؛ حيال ما يجب فعله، فاستشار والدته أسماء في التنازل والاستسلام، أو المتابعة حتى النصر، أو الشهادة، فكانت والدته ثابتةً، صابرةً، فثبّتته وشدّت على يده؛ أن يبقى صامداً مهما كان الظرف صعباً، فأن مات، مات على الحقّ في سبيل الله، فكان ردّه على والدته: (هذا والله رأيي، والله ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إِلّا الغضب لله أن تستحلّ حرمته، ولكنّي أحببت أن أعلم رأيك، فزدتيني بصيرةً مع بصيرتي، فانظري يا أمّاه، فإنّي مقتول من يومي هذا، فدعت له والدته أسماء رضي الله عنها، وكانت كبيرةً في العمر، وقد أصابها العمى.


مقتل عبد الله بن الزبير

قتل الحجّاج عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، يوم الثلاثاء، وصلبه في مكّة، يوم السابع عشر من جمادى الأولى، سنة ثلاثٍ وسبعين للهجرة، وقد بقي صاحب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مصلوباً ثلاثة أيامٍ، حتى ذهب ابنه عُروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان طالباً منه أن ينزل والده، فوافق على ذلك، وقُتل معه يومها مئتان وأربعون رجلاً، سال دم بعضهم إلى داخل الكعبة، وقال فيه نافع بعد وفاته: (سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون -مكان بمكّة- حين قُتل ابن الزبير، فقال: لمن كبّر حين وُلد أكثر وخير ممّن كبّر لقتله)؛ وذلك دلالة على ظُلم مَن قتلوه.[٢]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عروة بن الزبير و فاطمة بنت المنذر بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 2146، صحيح.
  2. ^ أ ب ت ث "ترجمة عبد الله بن الزبير"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-3. بتصرّف.
  3. رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 4/ 434، إسناده حسن.
  4. "هل شرب أحد الصحابة دم النبي صلى الله عليه وسلم ؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-3. بتصرّف.
  5. "عبد الله بن الزبير"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-3. بتصرّف.
5350 مشاهدة
للأعلى للسفل
×