بنو الأحمر في العصر الأندلسي

كتابة:
بنو الأحمر في العصر الأندلسي

الأندلس في عصر بنو الأحمر

استمرَّ حكم المسلمين للأندلس من سنة 92 للهجرة إلى سنة 789 للهجرة، أي ما يقارب السبعة قرون، وخلال هذه الفترة مرت الأندلس بعصور مختلفة، بدأت من عصر الولاة، وانتهاءً بعصر بني الأحمر، فبنو الأحمر كانوا آخر من حكم الأندلس، وكان مركز حكمهم مدينة غرناطة.

نبذة عن بنو الأحمر

من أهم ما يذكر عنهم:[١][٢]

  • ينتسب ملوك بني الأحمر أو بني نصر لمؤسس دولتهم محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن حسين بن نصر بن قيس الأنصاري، والذي عُرف بالشيخ وبابن الأحمر ولقب بأبي دبوش، وهو كبيرهم إلى نهاية دولة الموحدين.
  • أما عن سبب التسمية (بنو الأحمر) فقد سميت الدولة باسم محمد بن يوسف الذي أطلق عليه لقب ابن الأحمر، وترجع تسميته إلى جده عقيل الذي كان أشقراً مائلاً للحُمرة، ومن الجدير بالذكر أن بني الأحمر اتخذوا اللون الأحمر شعاراً لدولتهم.
  • تأسست دولة بنو الأحمر في ظل ظروف سياسية معقدة، فقد ضعفت الأندلس في أواخر عهد الموحدين فاستنجد الأندلسيون ببلاد المغرب وملك دولة المرابطين يوسف بن تاشفين وشرع في القضاء على ملوك الطوائف فأصبحت الأندلس تابعة للمرابطين في المغرب، وبقي الأمر على تلك الحال إلى أن ظهرت دعوة الموحدين المعارضة للمرابطين ودخول الطرفين في حرب بينهما ودخلت الدولة مرة أخرى في صراعات وحروب.
  • كان بنو الأحمر في بداية حكمهم شأنهم شأن أي دولة حديثة النشأة، تسعى للسيطرة على كامل الأندلس ليخلفوا دولة الموحدين، ولكنها امتنعت عليها وواجهتها صعوبات جمة، كان من أبرزها الثورات الداخلية المناهضة.[٣]

المعالم الحضارية لبني الأحمر

تقدّم الفن المعماري بغرناطة تقدماً عظيماً، وكان لمهندسيها شهرة واسعة في أوروبا، فهم الذين شيّدوا قصر الحمراء، الذي ما زال موضع إعجاب الفنانين في كل مكان، ونمت الزراعة والصناعة وراجت التجارة، حيث أقامت الدولة علاقات مع إيطاليا وفرنسا ومصر والشام، ولعِظم حضارة بنو الأحمر واشتهارها بالفنون وتوسعها فيه، انقسم الفن المعماري إلى قسمين؛ معماري ديني ومعماري مدني، ومن الأمثلة عليهما:[٤]

الفن المعماري الديني

من المساجد التي تعكس الفن المعماري الديني في عهد بني الأحمر:

  • المسجد الجامع: يوجد في غرناطة، ولم يكن مجرد مكان للعبادة، ولكنه كان المركز الذي تدور حوله الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية في المدينة؛ فكانت أهميته كبيرة جداّ حتى أولته الدولة ذلك الاهتمام بالمساجد، وقد وصف في إحدى المقولات بأنه: "من أبدع الجوامع وأحسنها منظراً، وهو مُحكم البناء لا يلاصقه بناءٌ آخر تحفُّ به دكاكين الشهود والعطارين، قد قام سقفه على أعمدة حِسان والماء يجري داخله".
  • مسجد الحمراء الأعظم: بُنى في حوالي عام 705 للهجرة، ويوجد أيضًا عدد من المساجد الصغيرة في أحياء المدينة.

الفن المعماري المدني

من أهم قصور بنو الأحمر:

  • قصر الحمراء: يُعد قصر الحمراء صرحًا أثرية ثمينًا من تاريخ عهد بنو الأحمر، ومن الجدير ذكره أنّ قصر الحمراء ليس قصراً واحداً، بل عبارة عن سلسلة قصور مُقامة على هضبة تشرف على غرناطة، ومنها يمكن مشاهدة جبال سيرنافادا.[٥]
  • قصر جنة العريف: يقع جنة العريف في ركن الهضبة المنعزل ويطل على الحمراء، وهو القصر الصيفي لأُمراء غرناطة، فجعلوه لغايات الاستجمام والراحة، وتتواجد حوله البساتين والمياه المتدفقة من أعالي الجبال عن طريق بناء بُحيرات محفوفة بالرخام وفي جوانبها مجموعة من النوافير، ويعكس هذا القصر صورة معمارية مميزة تبرز القدرة على الجمع بين العمارة والطبيعة.[٦]

سقوط دولة بنو الأحمر

وعن سقوط دولتهم:[٧]

  • كانت غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس بعد احتلال الإسبان لباقي المدن الأندلسية مما جعلها محط أنظار الإسبان وركزوا جهدهم عليها لإسقاطها، والتي لم تكن إلا مسألة وقت، فأرسلوا بطلب أبي عبد الله الصغير بتسليمها لهم صلحاً بعد أن حاصروها، فرفض أبي عبد الله الصغير وقرر القتال حتى الرمق الأخير بالاتفاق مع رجال الدولة.
  • حاصر الملكان الإسبانيان فريناند وإيزابيلا المدينة، وواجهوا صعوبة بسبب حصانتها فقررا حصار المدينة وقطع الإمدادات عنها سنة 896 للهجرة، وخلال فترة الحصار كانت تحدث هجمات بين الفينة والأخرى، ولكنها لم تكن حاسمة رغم سقوط قتلى وجرحى.
  • وجد أبو عبد الله نفسه أمام خيارين؛ إما الصمود في المدينة حتى يموت أهلها جوعاً أو تسليم المدينة صُلحاً والنجاة بأرواح من فيها، فسلموا المدينة صُلحاً، ولكن الإسبان غدروا ولم يحفظوا للمسلمين أرواحهم.
  • سُلمت غرناطة بموجب اتفاقية عقدت مع أبي عبد الله الصغير آخر حكام الأندلس وفرناندو في عام 1941 م، وكانت الاتفاقية تنص على تسليم مفاتيح قصر الحمراء ومغادرة أبي عبد الله الصغير الأندلس، وهكذا سقطت الأندلس كلها في أيدي الإسبان.

المراجع

  1. بوحسون عبد القادر، الأندلس في عهد بني الأحمر، صفحة 23.
  2. راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح الى السقوط، صفحة 632.
  3. بوحسون عبد القادر، الأندلس في عهد بني الأحمر، صفحة 25.
  4. أحمد الطوخي، مظاهر الحضارة في الأندلس في عصر بني الأحمر، صفحة 57-58. بتصرّف.
  5. أحمد الطوخي، مظاهر الحضارة في الأندلس في عصر بني الأحمر، صفحة 61.
  6. جهيدة طرفاية ، العمارة الأندلسية في عهد بني الأحمر، صفحة 39. بتصرّف.
  7. راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، صفحة 688.
5481 مشاهدة
للأعلى للسفل
×