بنود وثيقة المدينة

كتابة:
بنود وثيقة المدينة

بنود وثيقة المدينة

سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله

إنَّ من أعظم ما يدل عليه التاريخ في سماحة الإسلام، تلك الوثيقة النبوية التي أقرَّها الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع يهود المدينة، فلم ُيكره اليهود على الدخول في الدين الإسلامي وقبوله، وأقرَّ لهم عقائدهم الدينية، بل ووضع أيضاً وثيقة معاهدة تنظم حياتهم داخل المدينة مع المسلمين.[١]

وأعطاهم الأمن والأمان، وتمتعوا بالمزايا الدينية والاجتماعية، وجعل لهم حقوق وعليهم واجبات، دون أن يتعرضوا للأذى أو السوء، ولكن عند تآمرهم على المسلمين، وتحالفهم مع عدو المسلمين عليهم، ونقضهم لنص من نصوص الوثيقة، كان لا بُدَّ أن يُعاملوا بالمثل، كما سيأتي في البنود.[١]

بنود وثيقة المدينة

وثيقة المدينة هي بمثابة الدستور الإسلامي الذي نظَّم علاقة المسلمين مع بعضهم البعض، ونظَّم علاقة المسلمين مع اليهود، لتكوين مجتمع متماسك قوي ومتين، وفيما يلي أهم البنود التي نصَّت عليها الوثيقة:

  • البند الأول

المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أمة واحدة من دون الناس، إنَّ الإسلام وحده هو أساس توحيد المسلمين جميعاً فجعلهم أمة واحدة وألف بينهم، ولا عبرة بالفوراق بينهم، ووحد أيضاً بين المسلمين ومن عاونهم من اليهود، لبناء مجتمع متماسك سليم.[٢]

  • البند الثاني

هؤلاء المسلمون جميعاً على اختلاف قبائلهم يتعاقلون بينهم، ويفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وإنَّ المؤمنين لا يتركون مفرحاً بينهم أن يعطوه في فداء أو عقل، ينصُّ على صورة من صور التكافل الاجتماعي بين المسلمين مثل؛ الديِّة وفك الأسير والغارمين بالديون، وفي جميع شؤون حياتهم، فهم مسؤولون جميعاً عن بعضهم البعض، متعاونين على البر والتقوى.[٢]

  • البند الثالث

إن المؤمنين المتقين، على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ظلم، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم، وضَّح هذا البند على أنَّ التعامل بين الفريقين يجب أن يكون على أساس التكافل لكلِّ فرد، دون الخداع أو غش، والولاء لله ولرسوله، في دفع الظلم، ونصرة المؤمن، والبراءة من كل ظالم ولو كان ولد أحدهم.[٣]

  • البند الرابع

لا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن، وإن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم، يؤكد على الترابط القوي والمتين بين المؤمنين وموالاتهم لبعض، وأنَّ دم الكافر لا يكافئ دم المؤمن، وإعلان حالة السلم والحرب، هي اختصاص النبي -عليه الصلاة والسلام- وتحقيق مبدأ العدالة بينهم.[٤]

  • البند الخامس

ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم، والمؤمنون بعضهم موالي بعض دون الناس، ينص على مبدأ وركن من الأركان الشرعية، وهو المساواة بين المسلمين أنفسهم، وأنَّ ذمة المسلم محترمة، لا يجوز أن تنتهك حرمة جواره، إذا استجار بأخيه المسلم، وكذلك المرأة مثل الرجل، فنالت مكانتها من الإسلام وحفظ مكانتها.[٥]

  • البند السادس

لا يحل لمؤمن أقرّ بما في الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا، أو أن يؤويه، وإن من نصره، أو آواه، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، لا يؤخذ منه صرف ولا عدل، تؤكد أنَّه لا حماية لمعتد من السلطة المسلمة، وعدم التناصر لغير المؤمنين، والتحذير من عاقبة ذلك.[٦]

  • البند السابع

اليهود ينفقون مع اليهود ما داموا محاربين، يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، إن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، هذه البند متعلق باليهود.

حيث نصَّ وأكد على أنَّ اليهود عليهم التعاون، والتشارك في دفع نفقات الحرب مع المؤمنين، ومسؤولية الدفاع عن الدولة، ويحدد العلاقة بين اليهود والمؤمنين، وأنهم جزء من الدولة الإسلامية، لهم الحرية الدينية، وعليهم واجبات ولهم حقوق.[٧]

  • البند الثامن

كل ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله، الاحتكام والفصل في المنازعات والخصومات، مردها إلى الشريعة الإسلامية، منعاً للفساد.

  • البند التاسع

من خرج من المدينة آمن ومن قعد آمن، إلا من ظلم وأثم، المدينة هي وطن آمن للجميع، لا فرق بين مسلم ويهودي، إلا من أراد الفساد.[٨]

  • البند العاشر

إن الله على أصدق ما في الصحيفة وأبره، وإن الله جار لمن برّ واتقى، رسول الله هو الكفيل بتطبيق هذه النصوص كونه رئيساً للدولة، والله -عز وجل- شاهداً على ذلك، فالحكم له فهو منهجه وشرعه.[٩]

مدى أهمية الوثيقة

كان للوثيقة الدور الكبير في إرساء المجتمع الإسلامي، وبناء قواعده المتينة، بفضل النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى أصبح مجتمعاً جديداً له سياسته، في تنظيم علاقة الأفراد مع بعضهم، وعلاقتهم بغيرهم داخل الدولة، من الناحية الأخلاقية والسياسية والاقتصادية، وإظهار سماحة الإسلام في الدعوة.[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب عبد العظيم المطعني، سماحة الإسلام في العوة إلى الله، صفحة 134. بتصرّف.
  2. ^ أ ب رمضان البوطي، كتاب فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، صفحة 153. بتصرّف.
  3. منير الغضبان، كتاب فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان، صفحة 373. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 271-272. بتصرّف.
  5. رمضان البوطي، كتاب فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، صفحة 153. بتصرّف.
  6. منير الغضبان، فقه السيرة النبوية، صفحة 376. بتصرّف.
  7. "صحيفة المدينة"، اسلام ويب، 1/5/2003، اطّلع عليه بتاريخ 9/3/2022. بتصرّف.
  8. عبد العظيم المطعني، سماحة الإسلام في العوة إلى الله، صفحة 132. بتصرّف.
  9. منير الغضبان، كتاب فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان، صفحة 377. بتصرّف.
  10. موسى العازمي (2011)، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة 1)، الكويت: المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 206. بتصرّف.
4334 مشاهدة
للأعلى للسفل
×