تأملات في سورة الكوثر

كتابة:
تأملات في سورة الكوثر

سورة الكوثر

سورة الكوثر من السور الخالصة لرسول الله كسورة الضحى، وسورة الشرح، حيث نزلت للتسرية عن رسول الكريم بعدما آذاه بعض كفار قريش ووصفوه بأنه أبتر، فيبيّن الله -عزّ وجلّ- أن البتر هو صفة متعلقة بأعداء الرسول ويبيّن سبحانه من خلال هذه السورة حقيقة الشر والكفر والإيمان والهدى، فالكفر مصيره إلى الهوان والذل والخسران أما الإيمان فهو سبيل السعادة والنجاة، فالدعوة إلى الله والحق والخير لا يمكن أن تكون بتراء ولا أن يكون صاحبها أبتر، وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد؟ إنما يُبتر الكفر والباطل والشر ويُبتر أهله، مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل الأجل ممتد الجذور، وسيتحدث هذا المقال عن تأملات في سورة الكوثر.[١]

تأملات في سورة الكوثر

سورة الكوثر أصغر سورة في القرآن الكريم، ولكن هذه السورة احتوت على معانٍ عظيمة ودلالات مهمة، ومنها وعد الرسول الكريم بنهر الكوثر وأنه له ولأمته خاصة من يشرب منه لا يظمأ بعدها أبدًا، وهذا مما اختص به الله -عزّ وجلّ- رسوله الكريم فهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود والشفاعة العظمى، ومن التأملات في سورة الكوثر في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}،[٢] قال تعالى "أعطيناك" ولم يقل "آتيناك"، والسبب في ذلك أن العطاء مختص بالأموال والأشياء المادية، أما الإيتاء يكون في الأشياء المعنوية ويختص الإيتاء بالأشياء العظيمة، العطاء يتبعه التمليك، أما الإيتاء فليس فيه تمليك ويمكن نزعه، كما جاء فعل العطاء بصيغة الماضي وهو سيحدث في المستقبل كناية عن تحقق الوقوع لا محالة فوعد الله منجز وأمره قائم، فهو سينصر نبيه الكريم ويظهره على أعدائه ويجازيه يوم القيامة بأن يعطيه نهر خاص به وذلك بسبب ما قاساه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وتحمله في سبيل الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى-، هذا جانب من تأملات في سورة الكوثر ومن التأملات والدلالات الأخرى علاقة النصر بالصبر وهو ما ستتناوله الفقرة اللاحقة.[٣]

علاقة النصر بالصبر

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كنتُ رديفَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- فقال لي: يا غلامُ ألا أُعلِّمُك كلماتٍ ينفعُك اللهُ بهنَّ؟ فقلتُ: بلى، فقال: احفظِ اللهَ يحفظْك، احفظِ اللهَ تجدْه أمامَك، تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ، إذا سألتَ فاسْألِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاسْتعنْ باللهِ، فقد جفَّ القلمُ بما هو كائنٌ، فلو أنَّ الخلقَ كلَّهم جميعًا أرادوا أن [ينفعوك بشيءٍ لم يقسمْه اللهُ لك؛ لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن] يضرُّوك بشيءٍ لم يقضِه اللهُ عليك؛ لم يقدروا عليه، واعمل للهِ بالشكرِ واليقينِ، واعلم أنَّ في الصبرِ على ما تكرَه خيرًا كثيرًا، وأنَّ النصرَ مع الصبرِ، وأنَّ الفرجَ مع الكربِ، وأنَّ مع العسرِ يُسرًا"،[٤] يتماشى معنى هذا الحديث مع سورة الكوثر حيث قال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}،[٥] أي لا تكترث يا محمد بما يُقال ضدك فالنصر لك في النهاية وإنما عليك أن تصبر وأن تلتزم بالشرائع فتقوم بذبح الأضاحي وتقديم القرابين لله -عزّ وجلّ- وتستمر في الصلاة وإظهار العبادة مما يزيد الكفار وأعداء الإسلام حنقًا وغيظًا ويكون سبب في خسارتهم وخذلانهم، وهذا المبدأ يجب أن يكون راسخ في عقول المسلمين اليوم ليعلموا أنه ما من سبيل للنصر سوى الصبر والالتزام بشرع الله الحكيم.[٦]

المراجع

  1. "سورة الكوثر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  2. سورة الكوثر، آية: 1.
  3. "د/ فاضل السامرائي - لمسات بيانية ... إنا أعطيناك الكوثر"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  4. رواه القرطبي المفسر، في تفسير القرطبي، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 8/335، صحيح.
  5. سورة الكوثر، آية: 1-2-3.
  6. "دلالات تربوية على سورة الكوثر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
3437 مشاهدة
للأعلى للسفل
×