تاريخ غزوة الأحزاب
تعتبر معركة الأحزاب من المعارك التاريخية الهامة، والتي يمكن القول عنها أنها شكلت حداً فاصلاً بين فترتين اثنتين ضمن الفترة التي قضاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، ووقعت معركة الأحزاب أو كما تسمى أيضاً معركة الخندق في العام الخامس للهجرة، وتحديداً في شهر شوال من ذلك العام، وقد وافق هذا الشهر شهر مارس من العام ستمئة وسبعة وعشرين من الميلاد.[١]
سبب غزوة الأحزاب
إن السبب الرئيسي في حدوث غزوة الأحزاب أن يهود بني النضير استمروا بنقضهم للعهود مع المسلمين؛ حيث إن نفراً من الذين أجلاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى منطقة خيبر ومنهم: سلَّام بن مشكم، وَسلّام بن أَبي الْحقيق، وَحييّ بْن أَخطب، وَكنانة بنُ الرَّبِيعِ، وغيرهم قاموا بالتجمع مع زعماء قريش.[٢]
وحرضوا زعماء قريش على قتال المسلمين، ووعدوهم بالمعاونة والتحالف معهم ضد المسلمين، فأجابتهم قريش لذلك، وأخبر اليهود قريش أن ما يعبدون من أصنام أفضل من الدين الإسلامي، فنزل قول الله -تعالى-: (ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا).[٣][٢]
أحداث الغزوة
تجمع من القبائل كل من: قريش ومن حالفها من بنو فزارة وبنو مرة، وأشجع، وانضم إليهم يهود بني قريظة، وعندما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- خبر قربهم من المدينة، استشار الصحابة الكرام في القتال، وأشار عليه الصحابي سلمان الفارسي بحفر خندق عظيم حول المدينة المنورة، فلما وصلت قريش للمكان فزعوا مما رأوا إذا لم يعهدوا ذلك من قبل.[٤]
وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل، وبلغ عدد المشركين عشرة آلاف مقاتل، وبدأ المشركون بالتسلل إلى الخندق فقام المسلمون بالتصدي لهم وقتلهم، وفي هذه الأوقات أسلم نعيم بن مسعود ابن عامر وجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بأن يهود بني قريظة يثقون به؛ فأمره بالتخذيل عن المسلمين بنشر الأخبار التي تثبط عزيمة اليهود والمشركين.[٤]
واستعمل نعيم بن مسعود ذكائه للتفريق بين اليهود والمشركين ومن حالفهم، فاستطاع ذلك، وأرسل الله -تعالى- ريحاً شديدة في ليلة من الليالي قامت بتدمير معسكر المشركين، وقلب قدورهم وأمتعتهم؛ فامتلأت قلوب المشركين بالرعب؛ وفروا هاربين من أرض المعركة.[٤]
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا* إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)،[٥] وقد انتهت هذه المعركة بانسحاب المشركين وانتصار المسلمين، بعد أن قذف الله -تعالى- في قلوب المشركين الرعب.
المراجع
- ↑ موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 139.
- ^ أ ب موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 140. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:51- 52
- ^ أ ب ت مصطفى السباعي، السيرة النبوية، صفحة 89- 90. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب ، آية:9- 11