تاريخ ليلة الإسراء والمعراج

كتابة:
تاريخ ليلة الإسراء والمعراج


تاريخ ليلة الإسراء والمعراج

تعدَّدت الأقوال فيما يتعلَّق بالوقت الذي وقعت فيه حادثة الإسراء والمعراج؛ فقال الطبري إنَّ الإسراء والمعراج كان في ذات السَّنة التي أُنزل فيها الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،[١] وقد ورد بقولٍ شاذ أنّ الإسراء والمعراج كان قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم-، لكن من الممكن تأويل هذا القول على أنَّها كانت في المنام قبل البعثة، وليس المقصود الحادثة التي وقعت فعلياً.[٢]


ثمَّ جاءت الأقوال الأخرى والتي مفادها أنَّ حادثة الإسراء والمعراج قد وقعت بعد بعثة النبي -عليه الصّلاة والسَّلام-؛ وقد تعددت الأقوال في تحديد تاريخ الإسراء والمعراج على الوجه الآتي:[٢]

  • قال كلٌ من ابن سعد، وابن حزم، والنووي إنَّها وقعت قبل الهجرة بعام، ولكنّ هذا القول قولٌ مردودٌ.
  • قال ابن الجوزي إنَّها كانت قبل الهجرة بثمانية أشهر.
  • بينما قال أبو الربيع بن سالم إنَّها كانت قبل الهجرة بستَّة أشهرٍ.
  • قال إبراهيم الحربي وقعت قبل الهجرة بأحد عشر شهراً.
  • قال ابن عبد البرِّ إنَّ الحادثة وقعت قبل الهجرة بسنةٍ وشهرين.
  • قال ابن فارس كانت الحادثة قبل الهجرة بستةٍ وثلاثة أشهر.
  • قال السدِّي وقعت الحادثة قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر.


وبناءً على هذه الأقوال فقد كانت حادثة الإسراء والمعراج في شهر شوال، أو في رمضان، وقال السيوطي المشهور إنَّها وقعت في رجب، ونُقل عن ابن سعد أنَّ حادثة الإسراء والمعراج وقعت في الَّليلة السَّابعة عشر من رمضان الموافق يوم السبت، وقال ابن المنذر كانت في ليلة سبعٍ وعشرين من ربيع الآخر الموافق يوم الاثنين، وذلك بناءً على استقراء النصوص المتعلِّقة بالهجرة، وعلى الأصحِّ فإنَّ حادثة الإسراء والمعراج وقعت في يوم الإثنين، الثاني عشر من ربيع الأوَّل، وبذلك يكون يوم الإثنين هو يوم مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويوم مبعثه، وهجرته، ووفاته، وينضم إلى ذلك إسرائه ومعراجه.[٢]


قصة الإسراء والمعراج

مفهوم الإسراء والمعراج ودليلها

يُقصد بالإسراء انتقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليلاً مع جبريل -عليه السَّلام- من المسجد الحرام بمكَّة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس على دابَّة البُراق، أمَّا المعراج فهو صعودهما معاً من المسجد الأقصى إلى السَّماوات العُلا، وقد ثبتت حادثة الإسراء والمعراج بالنُّصوص الشرعيَّة من القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة الشَّريفة، وكذلك من خلال شهود الصَّحابة عليها، قال -تعالى- في كتابه الكريم: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ).[٣][٤]


أحداث الإسراء والمعراج

أُتيَ رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- في هذه الَّليلة بالبراق، وهو دابَّةٌ أبيض طويل، ما بين الحمار والبغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، وقد ركبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتوجَّه به إلى بيت المقدس، ثمَّ نزل عنه وربطه، ودخل المسجد الأقصى وصلَّى فيه ركعتين، ثمَّ أتاه جبريل بإناءٍ من خمرٍ، وإناءٍ من لبنٍ، فاختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإناء الذي فيه لبنٍ، فقال جبريل -عليه السلام-: "اخترت الفطرة".[٥]


ثمَّ عُرِج بجبريل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السَّماء، فقيل: "من أنت؟" قال: "جبريل"، قيل: "ومن معك؟"، قال: "محمد"، قيل: "وقد بُعث إليه؟" فقال: "قد بُعث إليه"، ففتح فإذا هو آدم -عليه السلام-، فرحَّب به ودعا له بالخير، وكذلك بالثَّانية فإذا به عيسى -عليه السّلام-، ثمَّ الثَّالثة فإذا به يوسف -عليه السّلام-، ثمَّ الرابعة فإذا به إدريس -عليه السّلام-، ثمَّ الخامسة فإذا به هارون -عليه السلام-، ثمّ في السادسة موسى -عليه السلام-، وصولاً إلى السابعة فإذا به إبراهيم -عليه السّلام-، وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور.[٥]


بعد ذلك توجّه به إلى سدرة المنتهى، وعندها رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- جبريل بصورته الملائكيَّة التي خلقه الله عليها، وشاهد الجنَّة والنَّار أيضاً، ثمَّ أوحى الله -تعالى- له ففرض عليه خمسين صلاةً، فلمَّا رجع إلى موسى -عليه السلام- وعَلِم به قال له ارجع إلى ربِّك ليخفِّف منها، فلم يزل يرجع ليخفِّف منها حتى وصلت لخمس صلواتٍ بأجر خمسين صلاةً، ثمَّ عاد إلى بيت المقدس ومعه الأنبياء فصلَّى بهم إماماً، ثمَّ ركب البراق وعاد إلى مكَّة المكرَّمة.[٦]


العبر المستفادة من الإسراء والمعراج

مثَّلت حادثة الإسراء والمعراج تسليةً كبيرةً ومواساةً من الله -تعالى- لنبيِّه -عليه الصلاة والسلام-، وذلك بعد أن تعرَّض للرفض والطرد والأذى من قبل أهل الطائف؛ إذ إنَّ للطائف مكانة عالية، ولمَّا أراد الله -تعالى- أن يواسي نبيَّه الكريم من رفضهم له، صعد به إلى السَّماوات العُلا، ولمَّا منعت قريش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الطَّواف حول البيت الحرام، واساه ربُّه فجعله إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى.[٧]


وجديرٌ بالذكر أنَّ هذه الرحلة قد تجلَّت فيها العديد من آثار ومظاهر رحمة الله -تعالى- بنبيِّه الكريم -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث شاهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- من آيات ربِّه الكُبرى ما علم بها أنَّ مآل دعوته هو النَّصر والنَّجاح، فرضي واطمأنَّ قلبه، وانشرح صدره، وزال ما به من همّ وغمّ، صلوات ربي وسلامه عليه.[٨]


المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة 1)، بيروت :دار الهلال ، صفحة 124. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت سعد المرصفي (2009)، الجامع الصحيح للسيرة النبوية (الطبعة 1)، الكويت :مكتبة ابن كثير، صفحة 1551-1553، جزء 4. بتصرّف.
  3. سورة الإسراء ، آية:1
  4. أحمد غلوش (2003)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي (الطبعة 1)، بيروت  :مؤسسة الرسالة ، صفحة 387-388. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أحمد غلوش (2003)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي (الطبعة 1)، بيروت : مؤسسة الرسالة، صفحة 386-391. بتصرّف.
  6. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة 1)، بيروت:دار الهلال، صفحة 124-127. بتصرّف.
  7. صالح المغامسي ، شرح المدائح النبوية، صفحة 4. بتصرّف.
  8. محمد أبو شُهبة (1427)، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة 8)، دمشق:دار القلم ، صفحة 407، جزء 1. بتصرّف.
5114 مشاهدة
للأعلى للسفل
×