محتويات
الدولة الأموية في الأندلس
بعد سقوط الدولة الأمويّة على يد العباسيين في معركة الزاب التي وقعت عام 132هـ [١]، وأثناء مُلاحقة العباسيين لأفراد الأسرة الأمويّة الحاكمة استطاع عبد الرحمن بن مُعاوية بن هشام الملقّب بعبد الرحمن الداخل أن يغادر بلاد الشام قاصدًا بلاد الأندلس التي كانت بمثابة إمارة تابعة للدولة الأمويّة بهدف إحياء الدولة الأمويّة من جديد في بلادِ الأندلس، واستطاع بالفعل أن يؤسس الدولة الأمويّة في الأندلس، وقد أطلق الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور لقب صقر قريش على عبد الرحمن الداخل وذلك لذكائه، وقد مرت بلاد الأندلس بعهود متعددة منها عهدُ الفتح وعهدُ الإمارة والخلافة وعهد ملوك الطوائف وعهد المرابطين والموحدين وعهد مملكة غرناطة. [٢]
تاريخ ملوك الطوائف
بعد إنتهاء حُكم الأمويين في الأندلس في عام 422هـ تقريبًا بدأ عهد ملوك الطوائف، وهذا العهد تندرج فكرته من مُسماه والطوائف هي عبارة عن المُدن الموجودة في الأندلس والتي كان يحكمها الأمويين سابقًا، وبدأت هذه الفترة بعد أن عزم أُمراء الأندلس على إنشاء دويلات يحكمونها بشكلٍ فرديّ أي يحكم كُل مدينة أمير وهذه المدينة أصبحت على شكل دويلة مُنفصلة عن الدويلات الأخرى، ومن أبرز هذه الدويلات : قُرطبة واشبيلية وألمرية وبلنسية وسرقسطة وغيرهم، وبدأ في هذا العهد خطر الممالك المسيحية التي كانت خُطتها الاستيلاء على المُدن الأندلسيّة، الأمر الذي دفعهم للتفكير بهذا الأمر هو ضعف ملوك الطوائف وصراعهم الداخليّ على الحُكم، مما دفع ملوك الطوائف الاستنجاد بقوى إسلامية خارجية لصد خطر الممالك المسيحية، وهذا يتضح عندما استنجد المُعتمد بن عبّاد بالمرابطين الذين حققوا انتصارًا هائلًا في معركة الزلاقة التي دارت بين المسلمين والنصارى. [٣]
بعد أنْ انتصر يوسف بن تاشفين في معركة الزلّاقة بدأ فعليًا بالتخطيط للسيطرة على بلاد الأندلس، ويوسف بن تاشفين مؤسس مدينة مراكش كان له دور كبير في إنقاذ المُدن الأندلسية من تهديد النصارى لها وهذا ما تمّ فعلًا عندما خاض معركة فاصلة في التاريخ الإسلامي وهي معركة الزلّاقة وانتصرَ فيها عام 479هـ، هذا ما مهّد ليوسف بن تاشفين فكرة السيطرة على بلاد الأندلس وتوحيدها مع المغرب وكان ذلك عام 484 هـ تقريبًا، ولم ينتهي خطر الممالك المسيحية حتى بعد سيطرة المُرابطين على الأندلس فقد استمرّ الخطر إلى أن ضعفت دولة المرابطين وانتهت بقيام دولة الموحدين. [٤]
حكم الموحدين
كان لضعف دولة المُرابطين دور كبير في قيام دولة الموحدين لأن هذه الدولة كانت دعوتها الأساسية توحيد الله سبحانه وتعالى، ومما مكّن قيام دولة الموحدين ظهور ما يُخالف تعاليم الدين الإسلامي في عهد دولة المُرابطين الأمر الذي دفع الموحدين أصحاب الدولة القويّة في المغرب من السيطرة على مُلك دولة المُرابطين بطلب من أهالي وعُلماء الأندلس هذا الأمر من عبد المؤمن بن علي الكومي الذي حكم الموحدين بعد محمد بن تومرت، وقد خاض الموحدين العديد من المعارك مع النصارى الإسبان كان من أبرزها معركة الأرك عام 591 هـ وكان يقود جيش الموحدين أبو يوسف مأمون المُلقب بالمنصور، وكان جيش النصارى تحت قيادة ألفونسو التاسع وقد حلّت الهزيمة بجيش النصارى، الأمر الذي يُبرهن على قوّة الموحدين في ذلك الوقت، حيث أن الملك ألفونسو طلب الصُلح والهدنة من المنصور وتمّ ذلك بالفعل.[٥]
أبرز دويلات الطوائف
كان هُناك العديد من الدويلات التي قامت في الأندلس في عهد ملوك الطوائف، وقد قامت بعد سقوط الحُكم الأمويّ في الأندلس الذي استمرّ كما تمّ ذكره آنفًا حتى عام 422 هـ، وسيتم استعراض بعضًا من هذه الدويلات فيما يأتي: [٦]
دويلة قرطبة
حكم هذه الدويلة آل جهور، وهؤلاء هم من أوائل المُشاركين في فكرة إلغاء الخلافة الأموية في الأندلس وتولى حُكم قُرطبة جهور بن محمد وفي عهدهِ عمل على استقرار الدولة وعزّز اقتصادها، وبذلك مهّد لخليفتهِ في الحُكم دولة قوية، وبالفعل بعد 13 سنة من الحكم في قرطبة جاء الوليد ليحكم قرطبة بعد وفاة أبيه جهور بن محمد الذي أراد فيما بعد أنْ يكون نظام الحكم في قرطبة عن طريق الوراثة.
دويلة إشبيلية
هذه الدويلة قامت على يد إسماعيل بن عبّاد بعد أنْ أُلغيت الخلافة الامويّة في الأندلس، لكن إسماعيل بن عبّاد لم يستمر في حُكم إشبيلية لتقدمهِ في السن، ولكن فيما بعد أصبح الحكُم عن طريق مجلس يُدير الأمور في قُرطبة حتى انفرد في حُكم إشبيلية أبو القاسم بن محمد بن إسماعيل.
دويلة طليطلة
كان لموقع طُليطلة أهميّة كبيرة لأنها تُعتبر الحدّ الفاصل بينها وبين الممالك الأخرى، وقد حكمتها قبيلة من قبائل البربر وهم بني ذي النون وأول حُكام إشبيلية هو إسماعيل بن عبدالرحمن بن ذي النون، لكن مدينة إشبيلية تعرضت لخطر مملكة سرقسطة قبل خطر الممالك النصرانيّة وهنا تبدأ عمليات طلب المُساعدة من الممالك النصرانيّة حتى يتم التصدي لخطر مملكة سرقسطة، وتمّ ذلك بالفعل.
دويلة سرقسطة
كانت دويلة سرقسطة قبل أنْ يسقط الحكم الأمويّ في الأندلس يحكمها المُستعين بالله سليمان بن الحكم الذي بقي يحكم سرقسطة حتى وفاته عام 420 هـ، واستمرّ أبناء المُستعين بالله في حُكم سرقسطة حتى يحيى ابن المُستعين بالله على يد عبد الله بن حكيم الذي لم يكن محمود السيرة عند أهل سرقسطة الذين قتلوه لأفعاله المُنافية إلى أن استقرَّ الحُكم لبني هود بعد صراعاتٍ كثيرة.
ضعف دولة ملوك الطوائف
دول ملوك الطوائف قامت على أساس التفريق والتنافس والصراع الداخليّ والخارجيّ، بحيث كانت كُل دويلة لها شأن خاص بها من حيث شكل الحُكم الذي كان وراثيًا في أغلب الدويلات وهذا بحد ذاتهِ يُشكّل نقطة كبيرة في موضوع الصراع على الحُكم، والصراع تجذّر بفعل التنافس بينَ هذهِ الدويلات فُكل دويلة تحكمها أسرة مُختلفة عن الأخرى وكان لهم طموح كبير في السيطرة على ما يجاورهم من الدويلات الإسلاميّة كأن تتطلع دويلة إشبيلية للسيطرة على دويلة قُرطبة، هذا الأمر الذي سهّل على الممالك المسيحية مهمتها في السيطرة على دُويلات الطوائف لأن الأسر الحاكمة لكل دويلة من دويلات الطوائف كانت تستعين بالحكّام النصارى لِمساعدتها ضدّ الدويلة المُتنازعة معها أو التي تتطلع للسيطرة عليها.[٧]
كانت أوضاع دويلات الطوائف الاقتصادية تضعف شيئًا فشيء لأن كُل دويلة كانت تستنزف مواردها الاقتصادية في الحروب الداخلية مع غيرها من الدويلات وأيضًا بالتحالفات مع الممالك النصرانية، هذه الأسباب كانت كفيلة بسقوط دويلات الطوائف تحت سيطرة الممالك النصرانية التي قامت على أساس الوحدة فيما بينهم الأمر الذي مكّنهم في نهاية الأمر السيطرة على آخر معاقل المسلمين في الأندلس وهي غرناطة التي حكمها بنو الأحمر من عام 629 هـ حتى عام 897 هـ وسقطت هذه المملكة بعد تسليمها من قبل أبي عبدالله الصغير إلى ملوك الكاثوليك.[٧]
المراجع
- ↑ "معركة الزاب"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "أمويو الأندلس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "ملوك الطوائف"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "من أيام رمضان في دولة المرابطين بالأندلس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2019. بتصرّف.
- ↑ د. محمد عبده حتاملة (2010م)، مدخل لدراسة تاريخ الأندلس (الطبعة الأولى)، الأردن - عمان: مطبعة الجامعة الأردنية، صفحة 122 - 124. بتصرّف.
- ↑ د. محمد عبده حتاملة (2010م)، مدخل لدراسة تاريخ الأندلس (الطبعة الأولى)، الأردن - عمان: مطبعة الجامعة الأردنية، صفحة 89 - 99 - 102 -105. بتصرّف.
- ^ أ ب د. محمد عبده حتاملة (2010م)، مدخل لدراسة تاريخ الأندلس (الطبعة الأولى)، الأردن - عمان: مطبعة الجامعة الأردنية، صفحة 112.