محتويات
السيرة النبوية
سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- هي سيرة لأشرف الخلق والمرسلين، لذلك يجب دراستها بعناية لأخذ السنة النبوية منها، فالسيرة النبوية تضم جميع الأحداث التي مرّت في حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام- منذ ولادته وبعثته وهجرته وحتى التحاقه بالرفيق الأعلى، وفي كلّ جزءٍ منها أحكامٌ كثيرة يجب على كلّ مسلمٍ أن يكون عليمًا بها، ليأخذ منها العبر والدروس، ومن ضمن الأحداث المهمة في حياته -عليه السلام-، هجرته من مكة إلى المدينة، حيث كانت الهجرة بداية جديدة في الدعوة الإسلامية، وفي هذا المقال سيتم تسليط الضوء على الهجرة وأحداثها، كما سيتم ذكر تاريخ هجرة النبي -عليه السلام-.
الهجرة النبوية
الهجرة النبوية تعني انتقال الرسول -عليه الصلاة والسلام- من مكة إلى يثرب، وقد انتقل معه في هذه الهجرة المسلمون الذين تركوا أموالهم وأهلهم وبيوتهم وتبعوا الرسول -عليه السلام-، وقد أصبحت يثرب تٌعرف باسم المدينة المنورة، بمجرّد وصول النبي -عليه السلام- إليها، والهجرة النبوية تُعدّ من أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، التي تُشكّل تاريخًا فاصلًا، لأنها حدثٌ عظيم نتج عنه الكثير من التبعات المهمة التي بُنيت عليها أركان الدولة الإسلامية الأولى، كما أنّ الدعوة الإسلامية بعد الهجرة النبوية انتقلت من المرحلة المكية إلى المرحلة المدنية، وبين هاتين المرحلتين الكثير من الاختلافات، وتُعدّ الهجرة النبوية أيضًا بمثابة نصرٍ كبير من الله -تعالى- إلى نبيه -عليه السلام-، فعلى الرغم من أنّها كانت محفوفة بالكثير من المخاطر، إلا أنّ النبي -عليه السلام- وصاحبه في هجرته أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- تجاوزا كل المخاطر برعاية الله وفضله، إذ يقول -تعالى-: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[١][٢]
تاريخ هجرة النبي -عليه السلام-
يجهل الكثير من الناس تاريخ هجرة النبي -عليه السلام-، وبحسب الآراء الراجحة فإنّ الرسول -عليه السلام- قد خرج من بيته بنية الهجرة في ليلة الجمعة، بتاريخ السابع والعشرين من صفر من السنة الرابعة عشرة من البعثة، الموافق للثالث عشر من أيلول من عام ستمئة واثنين وعشرين ميلادية، وقد بقي -عليه السلام- في الغار ليلة الجمعة وليلة السبت والأحد، وانطلق في طريق الهجرة ليلة الإثنين في الأول من ربيع الأول من السنة الرابعة عشرة من البعثة، الموافق للثالث والعشرين من أيلول من سنة ستمئة واثنين وعشرين ميلادية، وقد وصل عليه السلام إلى المدينة المنورة بتاريخ الثاني عشر من ربيع الأول من نفس العام.[٣]
معجزات الهجرة النبوية
كانت طريق الهجرة النبوية محفوفة بالكثير من الصعوبات والمخاطر، خصوصًا أن قريش كانوا يتربصون بالنبي -عليه السلام- كي يقتلوه ويمنعوه من الخروج من مكة، لأنهم كانوا يعرفون جيدًا أنّ مجرّد خروج الرسول من مكة سيعني دخول الدعوة الإسلامية في مرحلة جديدة أكثر قوة وتنظيمًا بعيدًا عن بطش قريش، ومن أهم المعجزات التي حدثت في طريق الهجرة ما يأتي:[٤]
عمي عيون المتربصين
خرج النبي -عليه السلام- من بيته دون أن يراه كفار قريش، وقد اجتمعوا حتى يتخلصوا منه ويضربوه ضربة رجلٍ واحد، لكنه توارى عن أنظارهم بعد أن أخذ حفنة من الرمال وذراها في عيونهم، فعميت الأبصار عنه وعن صاحبه أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.
معجزة غار ثور
بعد أن مكث الرسول -عليه السلام- وصاحبه أبو بكر في الغار، حدثت معجزة ثانية وهي إنبات شجرة على باب الغارـ لتستره، وإرسال الله -تعالى- لعنكبوت كي تنسج بيتًا متراكمًا على باب الغار، كما أرسل حمامتين وضعتا البيض على مدخل الغار، وبعد أن رأى كفار قريش هذا، تأكدوا من عدم وجود الرسول -عليه السلام- في الغار.
شاة أم معبد
مرّ الرسول وصاحبه في طريق الهجرة بامرأة تدعى أم معبد الخزعية، فطلبوا منها لحمًا وتمرًا ليشتروه، لكن لم يكن لديها ما تبيعه لهما، فأرادوا أن ينزلوا في ضيافتها، فقالت لهما: "ليس لدينا طعامٌ وشراب إلا شاة هزيلة، فسألها الرسول -عليه السلام-: "هل بها من لبن؟” قالت: هي أجهد من ذلك وجف ضرعها. قال:” أتأذنين في أن أحلبها؟”، قالت: نعم إن رأيت بها حلبا فأحلبها".
قصة سُراقة بن مالك
رصدت قريش مئة ناقة لمن يقتص أثر الرسول -عليه السلام- ويقبض عليه، فطمع سراقة بن مالك بهذه المكافئة، فتتبع أثر النبي -عليه السلام- وأدركه فعلًا حتى أوشك على الإمساك به، فدعا الرسول -عليه السلام-: "اللهم اكفنيه بما شئت، اللهم اصرعه عنا"، فابتلعت الرمال أقدام فرس سراقة وغاصت في الصخر، فقال للرسول -عليه السلام-: "إني أراكما قد دعوتما عليَّ، فادعوَا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب واضلل الناس عنكم، فعفا عنه النبي ووعده بسواري كسرى مكافئة له عند فتح فارس".
رأس السنة الهجرية وأصل التقويم الهجري
يخلط الكثير من الناس بين تاريخ هجرة النبي -عليه السلام- وبين رأس السنة الهجرية الذي يحتفل به المسلمون، والحقيقة أن تاريخ هجرة النبي الفعلي ليس نفس التاريخ الذي يعتبره المسلمون رأس السنة الهجرية، إذ إنّ أوّل من أرّخ للتاريخ الهجري هو الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي استشار المسلمين في هذا الشأن، فأشار بعضهم إلى أن يبدأ التاريخ ببعثة الرسول -عليه السلام-، وأشار البعض أن يبدأ التاريخ بتاريخ هجرة النبي وخروجه من مكة، والبعض أشار إلى أن يكون من شهر رمضان، لكن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قرر أن يكون رأس السنة الهجرية في الأول من محرم، أي عند بدء موسم الحج، وكان ذلك في عام ستمئة واثنين وعشرين ميلادية.[٥]
المراجع
- ↑ سورة التوبة، آية: 40.
- ↑ "الهجرة النبوية الشريفة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "الميقات الزمني لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "الهجرة دروس وعبر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "أول من اقترح التقويم الهجري"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019. بتصرّف.