تحريف الإنجيل في الإسلام

كتابة:
تحريف الإنجيل في الإسلام

الإنجيل

يدلُّ مصطلح الإنجيل وهي كلمة مأخوذة من اليونانية ومعناها: البشارة السارّة، على الكتاب المقدّس عندَ المسيحيّين وهو ما يشمل الكتب الأربعة الأولى من كتاب العهد الجديد وهي: متى، مرقس، لوقا، يوحنا، ويؤمن المسيحيون بأنَّ هذه الكتب هي وحيٌ من الله تعالى، وقد جاء في رسالة الرسول بولس الثانية إلى تيموتاس قوله: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ"، وكذلك فإنهم يجتمعون على صحّة وصدق ونقاء كل نصوص الإنجيل، وفي هذا المقال سيتمُّ التعرف على تحريف الإنجيل في الإسلام وعلى حكم قراءة الإنجيل في الإسلام. [١]

تحريف الإنجيل في الإسلام

ممّا لا شكَّ فيه أنَّ الإنجيل هو الكتابُ الذي أنزله الله تعالى على نبيّه عيسى بن مريم -عليه السلام-، وقد أمر الله تعالى المسلمين في القرآن الكريم بالإيمان بما أنزل على سيّدنا عيسى -عليه السلام-، وهو الإنجيل والإيمان به من أركان الإيمان وأصوله، قال تعالى في محكم التنزيل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [٢]، وفي الحديث المشهور أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما سأله جبريل -عليه السلام- عن الإيمان قال: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشرّه" [٣].

أمَّا عن تحريف الإنجيل فهو أيضًا من المسلَّمات في الإسلام، ويجبُ على المسلمين أيضًا أن يؤمنوا بأنَّ الإنجيل أو الأناجيل الموجودة اليوم عند المسيحيّين ليست الكتاب الذي أنزله الله تعالى على عيسى -عليه السلام-، ولم يبقَ من الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه إلا القرآن الكريم وباقي الكتب إما تغيرت أو تم تحريفها، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل: إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا، وهم متفقون على أنَّ لوقا ومرقس لم يريا المسيح، إنَّما رآه متى ويوحنا، وأنَّ هذه المقالات الأربعة التي يسمّونها الإنجيل، وقد يسمُّون كل واحد منها إنجيلًا، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح، فلم يذكروا فيها أنَّها كلام الله ولا أنَّ المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته"، إذن فالأناجيل الموجودة اليوم ليست هي الكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيه.

وقد ذكرَ الله تعالى في كتابه العزيز إلى تحريف الإنجيل في عدة مواضع، قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [٤]، وقال تعالى في موضعٍ آخر: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [٥]، وممّا يدلُّ على تحريف الإنجيل قول ابن حزم -رحمه الله-: "كيف يستحل مسلم إنكار تحريف التوراة والإنجيل وهو يسمع كلام الله -عز وجل-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [٦]. وليس شيء من هذا فيما بأيدي اليهود والنصارى، ممَّا يدعون أنَّه التوراة والإنجيل"، والله تعالى أعلم. [٧][٨]

حكم قراءة الإنجيل في الإسلام

بعدَ أن تبيّنَ للمسلم تحريف الإنجيل وأنَّ الإيمان بذلك من أسَّس الإيمان وأركان العقيدة؛ لأن ذلك ورَدَ في كتاب الله تعالى كما سبق، لذلك لا يجوز للمسلم أن يقرأ الإنجيل ولا غيره من كتب أهل الكتاب، وفي الحديث جاء عمرُ بنُ الخطابِ -رضي الله عنه- إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال: يا رسولَ اللهِ، إني مررت بأخٍ لي من بني قريظةَ فكتب لي جوامعَ من التوراةِ ألا أعرضُها عليك، قال: فتغيَّر وجهُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، قال عبدُ اللهِ يعني ابنَ ثابتٍ: فقلت: ألا ترَى ما بوجهِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال عمرُ: رضينا باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- رسولًا، قال: فسُرِّيَ عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: "والذي نفسُ محمدٍ بيدِه لو أصبح فيكم موسَى ثم اتبعتموه وتركتموني لضلَلتم أنتم حظِّي من الأممِ وأنا حظُّكم من النبيينَ" [٩]، ورغم أن عمر أخذ الصحف من التوراة ليطلع عليها فقط إلا أن الرسول منعه وغضب لذلك، فلا يجوز على المسلمين الاطلاع على كتب أهل الكتاب وخاصة بعد أن ثبتَ تحريف الإنجيل إلا أهل العلم  والراسخون فيه فإنَّه يجوز لهم ذلك لأنهم يطلعون عليها لبيان التضارب والتحريف فيها وإظهار الحقائق والملابسات في نصوصها. [١٠]

المراجع

  1. إنجيل, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف
  2. {البقرة: الآية 285}
  3. الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/333، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
  4. {البقرة: الآية 75}
  5. {المائدة: الآية 13}
  6. {الفتح: الآية 29}
  7. الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير, ، "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف
  8. هل في القرآن ما يدل على أن الإنجيل لم يحرف ؟, ، "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف
  9. الراوي: عبدالله بن ثابت الأنصاري، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 1/178، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه جابر الجعفي وهو ضعيف
  10. حكم قراءة كتب أهل الكتاب, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف
4327 مشاهدة
للأعلى للسفل
×