تحليل رواية التبر

كتابة:
تحليل رواية التبر



تحليل رواية التبر

تلخيص رواية التبر

تدور أحداث الرواية حول أوخيّد الذي تلقى من زعيم قبائل آهجّار مُهرِية أبلق فاستحوذ ذلك المهري على قلبه، فجعل إحدى الشاعرات تنظم قصيدة في مدح الأبلق، وروّض المهري على الرقص في الأعراس.[١]


حتّى عندما أحب المهري ناقة إحدى القبائل الأخرى لم يقف أوخيّد في طريقه، بل كان يتسلل في الليل نحو تلك القبيلة من أجل أن يجتمع أوخيّد بمعشوقته ويجتمع الأبلق بناقته، حتّى إذا انكشف الأمر، أعطى زعيم تلك القبيلة الحل بأن يرعى المهري مع جمال القبيلة كي تنعم القبيلة بسلالة نبيلة مثل سلالة المهري، أمّا أوخيّد فقد تزوّج الفتاة التي أحبّها رغم لعنة أبيه عليه وحرمانه من الميراث والتبرئه منه.[١]


يمرض الأبلق ويُصاب بالجرب، فيذرع أوخيّد كل مكان في الصحراء كي يجد دواءً للأبلق الذي كاد ينفق من شدّة المرض، وأخيرا يعثر أوخيّد على الحل عند نُصُب الإله تانيت، وهناك ينذر أوخيّد ذبح جمل سمين مُقابل شفاء الأبلق، وهذا ما يحدث بالفعل فبعد مُغامرة شفاء عجيبة، يشتري أوخيّد جملاً ويُطلقه في المرعى كي يُقدمه عندما يسمن للإله تانيت، غير أنّ أوخيّد يذبح الجمل لعرسه وينسى تماماً النذر. [١]


يموت والد أوخيّد، وتتشتت قبيلته، وتشتدّ حرب الطليان مع رجال المُقاومة، فتحلّ المجاعة ويهلك الناس من الجوع، أمّا أوخيّد فبعد أن ترك له أحد أقارب زوجته جِراباً من التمر وجِراباً من الشعير يضيع الجرابان وينقش في المكان الذي ضاعا فيه رمز المُثلث هو رمز الإلهة تانيت، فيتذكّر أوخيّد النذر، لكنّه لا يفعل شيئا حياله لأنّه لا يملك مالاً، وهنا تطلب الإلهة تانيت من خلال حلم راود أوخيّد، الأبلق ثمناً للنذر.[١]


يرفض أوخيّد ذلك، وما إن يعود قريب زوجته مرّة أخرى حتّى يرهن عنده الأبلق مُقابل جملين، يبيع أحدهما ويستخدم الآخر للعمل كي يسد جوع أسرته،[١] ويهرب الأبلق مرّة تلو الأخرى من صاحب الرهن نحو أوخيّد، حتّى يقرر الأخير استرداد المهر مهما كلف الثمن، والثمن يكون طلاق أوخيّد من زوجته كي يتزوّجها ذلك القريب الذي يكون ابن عمها.[١]


يرفض أوخيّد تطليق زوجته، لكنّه في النهاية يرضخ للأمر الواقع، ومُقابل الطلاق يمنح قريب الزوجة أوخيّد حفنتين من التبر، وهكذا ينطلق أوخيّد مع أبلقه هانئاً سعيداً، حتّى يسمع العار الذي لحق به بعد أن انتشرت الشائعة التي تقول إنه باع زوجته وولده مقابل التبر.[١]


يعود أوخيّد لينتقم من قريب زوجته فيقتله، وتثور قبيلة القتيل باحثة عن أوخيّد كي تقتله لا لأجل الأخذ بالثأر، وإنّما لأنّ العُرف يحتم قتل القاتل كي تستطيع القبيلة تقاسُم ميراث القتيل.[١]


ينجح أوخيّد في البداية بالهرب، ثمّ يُقرر في النهاية اللجوء إلى كهوف الجبال، ولأجل ذلك يُطلق مهريه في الصحراء حاميا إياه من الأذى، غير أنّ المهري ما يلبث أن يعود إلى صاحبه، فيكشف عن مخبئ أوخيّد للأعداء، وهكذا يجري قتل أوخيّد، فيما يبقى أبلقه حيا.[١]

التحليل السيميائي لرواية التبر

ترتكز رواية إبراهيم الكوني على الرمز الذي يُقدم رواية باطنية تختلف عن رواية الظاهر، الصراع الأساس هنا يتمثل في صراع الحرية مُقابل العبودية، فالصحراء هنا ترمز إلى الحرية، والأبلق يرمز إلى العبودية، ويندرج تحت هذين الرمزين سلسلة من الرموز الأخرى، فكل ما في داخل الرواية رمز أو بالأحرى إشارة وفق قاموس إبراهيم الكوني اللغوي، فالحلم إشارة، والسر إشارة، ورسومات الكهف إشارة، وحيوانات الصحراء إشارة وغيرها.[٢]


إذاً، كان كل صراع يواجه أوخيّد إشارة لم يفلح الأخير في قراءتها، بل ظلّ مُتمسكا بالأبلق حتى انقلب النذر وأصبح أوخيّد هو القربان المُقدم إلى الإلهية تانيت.[٢]


أمّا المرأة، فهي ترمز إلى الصحراء، وهي إحدى الإشارات التي عجز عن فهمها أوخيّد فأُصيب باللعنة، واللعنة في أقسى أشكالها منفى، والمنفى حرية، ففيه ينعتق المرء من أسر الملكية فيتحرر، غير أن أوخيّد ولأنّه عبد أعمى، أي أنّه عبد لا يُدرك أنّه عبد، لذا لم يستطع أن يتحرّر وهو حي، وربما تحرر حينما مات، أي حين تمكّن في لحظة موته من فهم معنى الإشارة.[٢]


التحليل الأسلوبي لرواية التبر

وقد بدا هذا التحليل واضحاً من خلال:[٢]


1. التشكيل اللغوي

حيث اختار المؤلف التشويق خاصية أسلوبية تكون الجسر بين السارد والقارئ، ولأجل هذه الوظيفة استخدم مُفردات من المُعجم اللغوي الصحراوي، كما جرى استخدام تقنية الوصف، والتكرار، والتقديم والتأخير، إلى جانب استخدام تقنيات سردية مُتعددة وأهمها الاستفهام، والنهي، وتباين الجمل ما بين فعلية واسمية وطويلة وقصيرة، وقد جاء السرد بضمير الغائب، إذ أظهرت الرواية وجهة نظر الشخوص، وأوصلتها إلى المُتلقي بشكلٍ مُباشرٍ.


2. التشكيل البياني

ويظهر واضحا من خلال توظيف المجاز والشاعرية في التراكيب والتشكيل الاستعاري من حيث الوصف والتصوير، فضلاً عن استخدام الصور البيانية، والمجاز، والاستعارة، والكناية، والتجديد، والتشخيص، والتشبيه، وكلّ ذلك بغرض نقل القارئ إلى العالم العجائبي للرواية ودمجه فيه.


التحليل السيميولوجي لرواية التبر

حضرت السيميولوجيا حضوراً واضحًا على مدار الرواية، وقد تجلّى ذلك من خلال:[٣]


  • تُسيطر ثُنائية البقاء والفناء على الفضاء الصحراوي.
  • يرتكز النص على الميثولوجيا حيث قام الكوني بتوظيف الرموز، والإشارات، والأساطير.
  • تظهر الأسطورة داخل النص حية مُتفاعلة ومُشكّلة مسار الأحداث ومُؤثرة على تطوّر الشخصيات.
  • يحتلّ الحيوان مكانة كبيرة عند الكوني، وله دور رئيسي داخل الرواية.
  • ارتكز الكوني على التناص في بداية بعض فصول الرواية لتقوم بدور تمهيدي إشاري يشير بشكل غير مُباشر بما سيقع من أحداث، كما ارتكز على الملمح الصوفي في سرد الرواية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ إبراهيم الكوني، رواية التبر، صفحة 6 - 337. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث بن دبلة ملول ، تجليات العجائب في الخطاب الروائي، صفحة 76 143. بتصرّف.
  3. رشا أحمد محمود، قراءة سيميولوجية في رواية التبر لإبراهيم الكوني، صفحة 3 - 4. بتصرّف.
4842 مشاهدة
للأعلى للسفل
×