محتويات
التحليل الموضوعي لرواية حمار الحكيم
رواية كتبها توفيق الحكيم وهو يعقد فيها مقارنة ما بين الحمار والفلاسفة، وتبدأ القصة لمّا كان الراوي ذاهبًا إلى الفندق فرأى في طريقه حمارًا للبيع، وكان معه رجل أصر عليه أن يشتريه، ولكنّه لا يملك المال فاشتراه له وأعطاه إياه، فاضطر الراوي أن يأخذ معه الحمار إلى الفندق، وأن يصعد معه إلى الغرفة، فيُساعده واحد من الخدم بحمله على السلم ويُوصله إلى حمام الغرفة.[١]
هنا تبدأ مقارنة الحكيم ما بين تصرفات الحمار وتصرفات الفلاسفة، فالحمار يصدف أن يقف أمام المرآة ليتعرف على نفسه، مع أنّ هناك امرأة جميلة بالقرب منه لكنّه لا يهتم بها، فيرى الحكيم أنّ الحمار يتشابه مع الفلاسفة في إهمالهم للآخرين بوجه عام، والمرأة بشكل خاص، خاصة أن الحكيم عُرف في الوسط الأدبي بأنّه عدو للمرأة.[١]
تدور أحداث الرواية كلها حول المقارنات ما بين تصرفات الحمار وتصرفات الفلاسفة، ليجد الحكيم أخيرًا أنّ المستحق للقلب الفيلسوف هو الحمار وليس هم، وتستمر الأحداث ليُعرض على الراوي كتابة مشاهد غرامية على غرار روميو وجولييت، لتُمثل في الريف المصري فيرفض الأخير.[١]
إذ إنّ روميو وجولييت قصة غير قابلة لأن تُسقط في الريف المصري الجاهل على حد تعبيره، ويضع الكاتب يده على ذلك الجرح الأليم الذي يحكي فيه عن سبب تأخر الريف المصري وأسباب وصول مصر إلى تلك الحالة الرديئة.[١]
التحليل الأسلوبي لرواية حمار الحكيم
بدأ توفيق الحكيم روايته بأسلوب أدبي لافت، استخدم فيه لغة عالية قريبة من النفوس، يستطيع القارئ الوقوف معها وفهمها دون أن يجد تعقيدًا بها، وحاول الحكيم من خلال أسلوبه الساخر أن يغير رأي النّاس عن الحمار، فقد اعتبره حيوانًا ذكيًا بل هو إمام في الحكمة.[٢]
ويُحاول الحكيم أن يستخدم مختلف التشبيهات والاستعارات التي تفي بالغرض، وأن يُوصل الفكرة التي يُريدها عن طريق الاستنتاج والتحليل، بحيث يصل مع القارئ في اللحظة ذاتها إلى الإجابة، دون أن يُملي على قارئه ما يُريده.[٢]
أي أنّ توفيق الحكيم استخدم في روايته تلك أسلوب الإقناع والتقديم والتأخير والمباشرة، كما استخدم المعجم اللفظي المُتداول الذي يألفه القراء العرب فلم يأتِ بعبارات غير مفهومة أو صعبة الشرح، باختصار استطاع الحكيم أن ينجح في روايته، بسبب سلاسة العبارة، وتنظيم الأفكار، والانتقال السهل، بحيث لا يفرغ من فكرة إلا ليأتي بثانية دون شرح مطول ولا إسهاب ممل.[٢]
الاستعارة والصور الفنية في رواية حمار الحكيم
استخدم الحكيم مجموعة من الصور البيانية من أجل توضيح المعنى وتقريبه للقارئ، فاستخدم التشبيه المجمل، والتشبيه الضمني، والتشبيه البليغ، وغير ذلك من فنون البلاغة العالية.[٣]
وقد برز ذلك أكثر من مرة في روايته، ومن الصور التي عبر عنها: "قد تسألني ولماذا لا يوجد هذا الحب؟ فأقول لك مرة أخرى لأن العلة دائمًا هي أن الحب الرفيع لا يظهر مطلقًا في جو العبودية، ولا ينبت إلا في أرض الحرية الروحية، والمرأة المصرية ربيبة الجواري لم تكن تفهم من الحب إلا ما تفهمه الجارية المملوكة إن الحب الرفيع زهرة ينبغي أن تتساقط بذورها من السماء وليس في جو الحريم المغلق سماء".[٤]
فقد انتقد الجهل الذي كانت تعاني منه المرأة المصرية في الريف، خاصّة أنه كان ابن الريف ولكنه يمقت ذلك الجو المغلق السائد فيه.[٤]
الحوار والسرد في رواية حمار الحكيم
استطاع توفيق الحكيم من خلال السرد والحوار في روايته أن يُوصل للساسة والسادة مجموعة من الرسائل، خاصة أولئك المتحذلقين، فها هو يُدير حوارًا مع الحمار في الرواية كالآتي:[٥]
قال حمار الحكيم توما: متى ينصف الزمان فأركب فأنا جاهل بسيط أما صاحبي فجاهل مركب، فقيل له: وما الفرق بين الجاهل البسيط والجاهل المركب؟ فقال: الجاهل البسيط هو من يعلم أنه جاهل أما الجاهل المركب فهو من يجهل أنه جاهل"، وهنا يُشير الحكيم إلى مجموعة من الأشخاص الذين يدعون العلم والمعرفة وهم لا ينتمون إلا إلى فئة الجهال المركبين.[٥]
وأمّا من ناحية السرد فقد أبدع في توصيف جهل الإنسان بالمخلوقات التي حوله بطريقة لاذعة ساخرة، فقال: "فأنا حديث عهد بمعرفة طباع هذا النوع الظريف من المخلوقات، فإن جل معارفي منحصرة في ذلك النوع المبتذل الذي يسمونه النوع الإنساني وهو على ما رأيت منه لا يأبى مطلقا التهام ما يقدم إليه مما يؤكل ومما لا يؤكل حتى لحم أخيه.. وهو دائمًا جوعان، عطشان إلى شيء وهو لا يصنع شيئًا إلّا لغاية ومأرب".[٦]
شخصيات رواية حمار الحكيم
وردت في رواية حمار الحكيم مجموعة من الشخصيات التي أسهمت في تصاعد أحداث الرواية، ومن بينها ما يأتي:[٧]
- الراوي
هو الشخص الذي يشتري الحمار وتكون المهمة الشاقة في الاعتناء به، خاصة في الفندق وأخذه إلى هناك، وكانت مهمة الراوي في الرواية هي التعليق على تصرفات الحمار وعقد مقارنة بينه وبين الناس.
- مندوب الشركة الفرنسية
هو الشخص الذي يطلب من الراوي أن يؤلّف نصًا يحكي عن قصة حب تشبه قصة روميو وجولييت، ويحاول إقناع الراوي بذلك طيلة الوقت.
- الحمار
جعل الكاتب من الحمار شخصية في الرواية، بل ربما الشخصية الرئيسة التي يستنبط الراوي من خلالها أفكاره وينثرها على الورق الأبيض.
آراء النقاد حول رواية حمار الحكيم
ترددت العديد من الآراء حول رواية حمار الحكيم لعل من أبرزها ما يأتي:
- سامر موسى
"الحكيم يحمل صورة رديئة عن الريف المصري، حيث عاش فيه زمنًا، ومناظره الرديئة ما تزال محفورة في ذاكرته، كل ذلك جعله خائفًا مترددًا من زيارة الريف الحديث مع المخرج السينمائي".[١]
- ناقد مجهول
"في رواية حمار الحكيم يوجد جمال الأسلوب الأدبي وبالخصوص الأسلوب الأدبي من ناحية الصورة البيانية".[٢]
رواية حمار الحكيم التي أبدع في كتابتها توفيق الحكيم، واستطاع أن يحقق من خلالها نجاحًا كبيرًا، بسبب براعة الفكرة، وسلاسة الأسلوب، إذ إنّ فكرة تحقير الحيوان مهما كان هي فكرة ساذجة، فلا بدّ للإنسان دائمًا من النظر بعين العدل تجاه مخلوقات الله، وأن يحاول أن يتعلم من كل ما حوله.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج سامر موسى، رواية السيرة الذاتية في أدب توفيق حكيم، صفحة 36. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث بحث منشور على الإنترنت، بحث عن حمار الحكيم، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑ بحث على الإنترنت، التشبية في رواية حمار الحكيم، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب "حمار الحكيم"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 15/9/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب "حمار الحكيم"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 15/9/2021. بتصرّف.
- ↑ "حمار الحكيم"، أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 15/9/2021. بتصرّف.
- ↑ توفيق الحكيم، حمار الحكيم، صفحة 5. بتصرّف.