تحليل رواية دعاء الكروان

كتابة:
تحليل رواية دعاء الكروان


الكروان

تعتبر رواية دعاء الكروان لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين من أهم الروايات الواقعية التي تحدثت عن معاناة الأسر الريفية الفقيرة التي تعاني الجهل، والفقر، ونظرة المجتمع القاصرة والمتخلفة للمرأة بشكل عام .  

تحليل الرواية

يقوم تحليل الرواية على عناصر متعددة أهمها :

  • الأحداث أو الموضوع.
  • الشخوص.
  • البيئة المكانية.
  • الزمان.
  • العقدة أو الحبكة.[١]



المكان

البيئة المكانية في الرواية ترتبط بأحداث الرواية بشكل أو بآخر وطبيعتها تنعكس على شخوص الرواية، وفي رواية دعاء الكروان نلاحظ الأمكنة المفتوحة والمغلقة بشكل واضح جلي على النحو الآتي:

الأماكن المغلقة وهي:

  • غرفة آمنة في بيت المأمور، هذا المكان الآمن الذي امتلأ بالحب والحنان إنه مكان الصداقة الذي جمع بين آمنة وخديجة لفترة طويلة.
  • بيت عمدة القرية، فيه تعرفت آمنة إلى زنوبة ونفيسة العرافة، وفيه أفضت هنادي لأختها بسرها الذي كان سبب خروجهم من المدينة بأمر أمها وهو وقوعها في الخطيئة مع المهندس.
  • منزل القصدير بالمدينة، وهو البيت الذي سكنته زهرة وابنتاها بعد خروجهم من قريتهم .
  • غرفة آمنة بدار المهندس، وهو المكان الذي جلست فيه آمنة تخطط لانتقامها من المهندس، وهو الهدف الذي سعت للوصول إليه لتحقق انتقامها لأختها من مهندس الري.[٢]



الأماكن المفتوحة

تتنوع الأماكن المفتوحة في الرواية حسب مجريات القصة فلكل مكان خصوصية أثرت في الأحداث بشكل أو بآخر، وقد اقتصرت على الأماكن الآتية:

  • قرية بني وركان، حيث نشأت آمنة وأسرتها وهي مهد الرواية الأول.
  • الطريق بين المدينة والقرية، وهو درب السفر وانتقال الحكاية.
  • المدينة، حيث تجري جميع الأحداث المهمة من بداية دخول زهرة وابنتيها إلى بيت العمدة وحتى نهاية الرواية بحوار بين المهندس وآمنة .



الزمان

اتخذ طه حسين في رواية "دعاء الكروان" من المجتمع المصري فضاءً لأحداث قصته، حيث تدور أحداث الرواية في قرية بني وركان المنشأ والمستقر الأول لعائلة البطلة آمنة، ثم المدينة التي سافرت إليها العائلة بعد موت الأب ونفيها بعد ذلك من قبل الخال ناصر.

هذا وقد استخدم طه حسين العديد من التقنيات السردية المهمة ومنها:[٣]

  • الاسترجاع الزمني في روايته بشكل واضح من خلال الحديث عن الحاضر بمشهد حدث في الماضي حيث جسد طه حسين ذلك في دعاء الكروان عندما بدأ سرد قصته بعد ذكر اللحظة التي انتهى اليها مصير البطل في آخر الرواية، كما استخدم تقنية أخرى من تقنيات السرد وهي الاستباق في الأحداث كما حصل عندما تنبأت نفيسة العرافة بمصير آمنة وهنادي.
  • واستخدم الكاتب كذلك تقنية الخلاصة، وتكون بالحديث عن أحداث حصلت في سنوات أو شهور في سطور قليلة، مثل الحديث عن أبي آمنة الذي تحدث عنه الكاتب في سطر أو سطرين.
  • تقنية القطع أو الحذف، فتكون بترك فترة زمنية، أو حذفها من الرواية، لعدم أهميتها.
  • ثم تقنية المشهد، والذي يتمثل بالحوارفي داخل الرواية عندما يتوقف السارد عن الكلام مثل الحوار الذي دار بين بطلة الرواية آمنة والمهندس: لم يكن يقدر اني سألقاه قائمة باسمة حين أقبل ....ويتبن شخصي ماثلا في وسطها .... فتراجع خطوات ثم قال في صوت أبيض جعل يأخذ صوته الطبيعي قليلا قليلا : ماذا ألا تزالين ساهرة إلى الآن أتعلمين متى أنت من الليل ؟ قلت : لقد جاوزت ثلثه ماكان ينبغي لي أن أنام قبل أن ينام سيدي[٤]


الشخوص

يقوم دور البطولة الرئيس في رواية دعاء الكروان على عدد من الشخصيات هي:

  • آمنة
  • والتي تعتبر بطلة الرواية باقتدار، فحولها ومن خلالها نتعرف إلى أحداث الرواية، وهي الابنة الصغرى في أسرة مصرية بسيطة تتكون من الأم والأب الغائب والابنة الكبرى وآمنة بطلة الرواية، تلك الصبية القوية الرافضة لعادات مجتمعها، الصوت المتحدي لقتل المرأة بدعوى الشرف، آمنة هي الشخص الذي تحدى ضعف الأنثى من خلال وقوفها أمام المهندس، بطل الرواية، الذي كان سبب قتل أختها، عندما أحبته، وتنازلت عن شرفها لأجل حبّها، فتنصل من جريمته أمام المجتمع لأنه رجل.
  • هنادي
  • الأخت الكبرى، البسيطة في أسرة آمنة ، تلك المرأة البدوية الريفية، الجاهلة، البسيطة التي أسلمت نفسها لرجل بدعوى الحب، فاستغل سذاجتها ، وسلبها شرفها.
  • الأم

زهرة، تلك البدوية الريفية البسيطة التي دفعت ثمنًا غاليا لأفعال زوجها الماجنة الذي عُرف في قريته والقرى المجاورة بأفعاله التي تحط من قدر مروئته ووقاره اللازم لأي رجل مسؤول عن بيت وأسرة، ليس من رجل فيها سواه.

  • الأب
  • الرجل الماجن الفاسق، الذي نسي أن له زوجة وطفلتين في حاجة لوجوده، ذلك الرجل الذي دفع حياته ثمنًا لعداواته الكثيرة التي اكتسبها بسبب مجونه وأفعاله الفاسدة، ولم يجد من يثأر لمقتله.
  • مهندس الري
  • شاب رشيق أنيق كما وصفته آمنة صاحب وجه وسيم ، يعيش فيبيت كبير وحده مع خادم ريفي يعتني بالحديقة، وخادمة تهتم بتنظيف البيت والاهتمام بمتاع المهندس.
  • الخال
  • الخال ناصر هو الأخ الذي يمثل ظلم المجتمع الذكوري الذي يقتل المرأة بدعوى الشرف، في حين تنازل عن مسؤولياته أمام أخته وبناتها بعد موت ربّ الأسرة ، فطردهم حتى لا يتحدث عنه الناس، قاتل الأخت الكبرى وسبب تعاسة الصغرى.
  • طائرالكروان
  • عصفور رسم الموسيقى التصويرية لأحداث الرواية.[٥]



الشخصيات الثانوية

أما الشخصيات الثانوية التي ظهرت ضمن أحداث الرواية فهي:

  • خديجة
ابنة المأمور التي تصفها آمنة بأنها وديعة النفس، باسمة الثغر، مشرقة الوجه، الصبية الناعمة التي جعلت من آمنة مخزن أسرارها، وشريكة لعبها، والتي كانت سببًا في تعلم آمنة القراءة والكتابة حيث كانت تشاركها حضور دروسها الخصوصية، وقراءة الروايات. 
  • شيخ العزبة

شيخ البلدة ، ذلك الرجل الذي استضاف زهرة وبناتها في بيته ليلة واحدة ثم ساعدهنّ في ايجاد مأوى وعمل في المدينة.

  • زنوبة

المرأة التي وصفتها آمنة بأنها كانت صاحبة شباب مغامر وفتنة بالغة لنفسها ولغيرها من الناس، راقصة بارعة، عين للشرطة على الناس وعين للرجال على ما يشتهون في بحثهم عن الخطيئة، كان صاحبة الفضل في دخول آمنة لبيت مهندس الري بعد موت أختها هنادي.

  • نفيسة العرافة

المرأة التي تتقصى الأخبار من الجن وتحدث الناس بها.

  • سكينة

الخادمة التي عملت لدى مهندس الري قبل هنادي.

  • البستاني

الذي يعتني بحديقة المهندس.[٦]

  • أم خديجة

زوجة المأمور التي ساعدت آمنة ورعتها وهي في بيتها وكأنها ابنتها.


الموضوع والأحداث

رواية دعاء الكروان، تحكي أحداث أسرة ريفية بدوية تعيش في الريف المصري القريب في طبيعته من الحياة في البادية، وذلك ضمن حدود منطقة الجبل الغربي كما يسميها أهل مصر الوسطى، تدور أحداث الرواية حول الأب الذي يعيش حياة الملذات والمجون غير آبه بزوجته وبناته رغم الحب الذي تكنه زوجته له ، فيكون جزاؤه الموت على يد أحدهم لفساده الذي ما ارعوى عنه رغم أنه أب لطفلتين .


لم يقف المجتمع في تلك الناحية الريفية في مصر وكما هو الوضع في المجتمعات الذكورية التي تبرر الخطيئة للرجل وتنكر على المرأة حقها ، بالتعامل العادل مع الأسرة المنكوبة بقتل الأب المعيل لهذه الأسرة، بل يقوم خال الطفلتين (ناصر)، الأخ الشقيق لزهرة بطردهنّ من القرية هربًا من العار الذي ألحقه الأب به وبسمعته كنسيب له.


ترحل زهرة ببناتها إلى المدينة وتسلم طفلتيها لبيوت الأثرياء يخدمن فيها فتكون النتيجة فقدان هنادي البنت الكبرى لشرفها، وقتلها على يد الخال ناصر في رحلة العودة بزهرة وبناتها إلى قريتهنّ، بعد تعرض ابنتها هنادي للخداع من المهندس. 


عودة آمنة للمدينة والعمل في بيت المهندس لتنتقم منه على ما فعل مع أختها فتقع في حبه، ويترك الكاتب النهاية مفتوحة ينهيها القارئ كما يشاء.


العقدة(الحبكة)

تنعقد الحبكة في رواية دعاء الكروان بين القرية والمدينة، عندما دعت زهرة الأم أخاها ليرجعهم إلى المدينة ، وتتدخل يد الخال لتنهي حياة هنادي ، هنا تكمن العقدة التي تتسبب بدمار نفسية آمنة، فتقررالهروب من القرية والعودة للمدينة لتنتقم  لأختها من المهندس السبب الرئيس في ضياع هنادي.[٧]


المراجع

  1. يانوورتي نوريدا زوسماينتي، رواية الشحاذ لنجيب محفوظ دراسة تحليلية بنائية، صفحة 31-37. بتصرّف.
  2. مقيرش محمد أكرم، الواقعية في الأدب العربي رواية دعاء الكروان لطه حسين أنموذجا، صفحة 39-42. بتصرّف.
  3. مقيرش محمد أكرم، الواقعية في الأدب العربي دعاء الكروان لطه حسين نموذجا، صفحة 29-34. بتصرّف.
  4. طه حسين، رواية دعاء الكروان، صفحة 9.
  5. طه حسين، رواية دعاء الكروان، صفحة 14-39. بتصرّف.
  6. طه حسين، رواية دعاء الكروان، صفحة 14-39. بتصرّف.
  7. مقيرش محمد أكرم، الواقعية في الأدب العربي رواية دعاء الكروان لطه حسين أنموذجا، صفحة 43. بتصرّف.
4466 مشاهدة
للأعلى للسفل
×