تحليل رواية ماجدولين (الأدب الرومانسي)

كتابة:
تحليل رواية ماجدولين (الأدب الرومانسي)

التحليل الموضوعي لرواية ماجدولين

لقد ترجم الأديب المصريّ مصطفى لطفي المنفلوطيّ رواية ماجدولين عن واحد من الأدباء الفرنسيّين، لكن وضع على تلك الرواية مسحة من سحره الخاص الذي استقاه من بحر اللغة والأدب، نُشرت هذه الرواية عام 1912م وتقع في مئة وخمسين صفحة تقريبًا، وتعدّ واحدة من الأعمال الرومانسية التي لا تخدش سمة الحياء في النفس الإنسانية، تُناقش الرواية قصّة حبّ ما بين قلبين عاشقين لم يُوفق القدر بينهما ليكونا زوجين في الحياة الدنيا، ولكنّ الأدب يُسطّر مثل تلك القصص بحبره الخاص وينظر لها من زاويته الخاصة.[١]


التحليل الأسلوبي لرواية ماجدولين

لقد عُرف عن المنفلوطي قوّة عبارته؛ إذ كان من الأدباء المصريين الذين لا يُشق لقممهم غبار إذا ما ارتجل للكتابة أو حتى الترجمة، لقد استطاع المنفلوطي أن يرسمَ لوحة حية من العشق من خلال كلمات سهلة بسيطة لا يقف القارئ على معجم لتقفي معانيها، وكانت لغته في ذلك جزلة قوية في حين، وسهلة ليّنة في أحوال أخرى، فاستطاع أن يُصوّر ما يدور في خُلد ماجدولين أو ستيفن بدقة عالية؛ حيث رسم خلجات نفس كل منهما وصوّرها للقارئ عبر بضع من الكلمات القليلة.[٢]


مع أنّ نهاية الرواية كانت انتحار كلّ من البطلين، لكنّ المنفلوطي وقف غير مرة ضدّ هذه الفكرة التي بدأت تزحف نحو الشباب العربي، وقد عبّر عن ضعف المُنتحر ونفى عنه الإيمان جملة وتفصيلًا، وقد استطاع المنفلوطي من خلال روايته أن يُطابق ما بين علم النفس والأدب؛ حيث وصل كل من البطلين إلى حالة من الهوس والضعف أدّت بهما إلى الانتحار، وهي النتيجة الحتمية لحالة الضعف تلك.[٣]


الاستعارة والصور الفنية في رواية ماجدولين

لقد استعمل المنفلوطي في رواياته صورًا كثيرة وتشبيهات عديدة، حتى إنّ القارئ ليتيه في بحر بلاغته وسحر قلمه فلا يجد شاطئًا إلّا في محراب المعاني حين يلتمس مما كتبه طوقًا ينجو به من سكرات الحب والعشق.[٤]


لقد أبدع المنفلوطي باستعمال الاستعارات مثل قوله على لسان ماجدولين: "إن أشجار الربيع قد بدأت تبتسم عن أزهارها، وإن النسيم العليل يجمع إليَّ في غرفتي في هذه الساعة التي أكتب إليك فيها شذى أول زهرة من زهرات البنفسج وأول عود من أعواد الزنبق"، فاستعار من الإنسان بعضًا من صفاته وجعلها للجمادات مثل الجمع والابتسامة وهي استعارة مكنية شاعت في بطون البلاغة والأدب.[٤]


ثم يميلُ على نوع آخر من أنواع البلاغة وهو التشبيه تامّ الأركان؛ حيث تصف البطلة ما تُعانيه من الضعف والهيام عبر لوحة فنية من الكلام وهي: "فإذا نال مني التعب أويت إلى أشجار الزيزفون في الحديقة لأستريح في ظلالها قليلا، فلا يكاد يعلق نظري بأول زهرة يروقني منظرها من بين أزهارها حتى أشعر كأنني أنتقل من هذا العالم شيئًا فشيئًا إلى عالم جميل من عوالم الخيال، فأتغلغل فيه كما يتغلغل الطائر المحلق في غمار السحب".[٤]


ومع أنّ كثيرًا من الأدباء لم يفضلوا التشبيه تام الأركان لضعفه لكنّ المنفلوطي استطاع أن يأتي به قويًا ثابتًا لا ينم إلا عن لغة رُبطت خيوطها بين أنامله.[٤]


الحوار والسرد في رواية ماجدولين

لقد كان الحوار والسرد هما سيّدا الموقف في بحر رواية ماجدولين، تلك الرواية التي بُنيت على الأحزان والآلام؛ حيث يُحاول كل من ستيفن وماجدولين أن يُسطرا مشاعرهما عبر الورق الأبيض البهيم، لكنّ ماجدولين تورعت عن الكتابة وخافت أن تنتهك سترها إن هي زفت بأحرفها إلى رجل غريب عنها بالنسب قريب إليها بالحب والمشاعر.[٥]


فقال لها ستيفن: كتُبي إليّ يا مجدولين، فإن الذي يستطيع أن يكتم سرّ حديثك لا يعجز عن أن يكتم سرّ كتابك واعلمي أنّ رجلًا غيري ذلك الذي يتخذ من رسائلك سيفًا يجرده فوق عنقك إن بدا لك في الفرار منه رأي، وإنّ فتاة غيرك تلك التي ترضى لنفسها أن تهب قلبها إلى رجلٌ يتجر بأسرار النساء".[٥]


فردّت ماجدولين عليه: "ماذا صنعت يا ستيفن؟ إنّك سلبتني الليلة الماضية راحتي وسكوني، فإنّي كلما تذكّرت تلك القبلة التي وصمتَ بها جبيني، شعرتُ كأنّ نارًا مشتعلة تتأجّج بين أضلعي، وأنّ صحيفتي التي لم تزل بيضاء حتى ليلة أمس قد أصبحت تضطرب في بياضها النّاصع نقطة سوداء"، لقد استطاع المنفلوطي أن يركب عجلة السرد في الرواية ويقودها كيف شاء، خاصة أنّ السرد هو عامود من أعمدة نجاح الرواية، فاستطاع أن ينجح بذلك نجاحًا ما يزال حتى هذا اليوم مسطرًا في طرقات الأدب.[٥]


تحليل شخصيات رواية ماجدولين

لقد وردت مجموعة من الشخصيات في رواية ماجدولين كان لها أثر واضح في سير تلك الرواية، ومن تلك الشخصيات:[٤]

  • ستيفن: هو بطل الرواية مع ماجدولين، الرجل الثريّ الذي أحبّ امرأة بإخلاص، واستطاع أن يكبح نفسه فلا يكون سلعة يُباع ويُشترى بالنفيس من المال.
  • ماجدولين: الفتاة الطاهرة البريئة التي حاولت ألّا تلوث شرفها بما يعيب الناس به على غيرهم، ولكنّ قسوة الحياة كانت أكبر منها، فهي يتيمة لا تملك الأم التي تنير بصرها.
  • سوزان: الصديقة التي تسبّبت بإجهاض قصة الحب الصادقة بين ستيفن وماجدولين بإقناع الأخيرة بعشق إدوارد لها.


آراء النقاد حول رواية ماجدولين

ظهرت مجموعة من الآراء النقدية التي علقت على رواية ماجدولين بينها:

  • طه عبد الرحيم عبد البر: "قوة العاطفة، يُعدّ هذا المقياس من أهم مقاييس نقد العاطفة إن لم يكن أهمّها جميعًا، ومن المقتطفات الدالّة على قوة العاطفة: لقد أحببتك حبًّا لم يُحبّه أحد من قبلي أحد، وأخلصتُ لك إخلاصًا لا يضمر مثله أخ لأخيه، ولا والد لولده، وأجللتكَ إجلال العابد لمعبوده فما خنتك في سر ولا جهرة".[٦]
  • سهام الرحالي: "إنّ هذه الشخصيات أسهمت بدور فعّال في تحريك الأحداث بطريقة شيقة، وأهم الشخصيات في الرواية ماجدولين واستيفن ومولر".[٧]


المراجع

  1. مصطفى لطفي المنفلوطي، ماجدولين، صفحة 5. بتصرّف.
  2. "‫ماجدولين: كلاسيكيات الادب"، كود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  3. محمد العنزي، بعض الأبعاد النفسية في أدب المنفلوطي، صفحة 57. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج المنفلوطي، ماجدولين، صفحة 5. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت أديليا فوتري سومانتري، الصراع الاجتماعي في الرواية ماجدولين، صفحة 42. بتصرّف.
  6. سرى وحيوني، العاطفة في رواية ماجدولين، صفحة 40.
  7. سهام رحالي، دراسة بنية الشخصية في رواية ماجدولين، صفحة 32.
5612 مشاهدة
للأعلى للسفل
×