محتويات
التحليل الموضوعي لرواية يسمعون حسيسها
تعتبر رواية يسمعون حسيسها من أفضل الروايات العربية التي تندرج تحت النوع الأدبي "أدب السجون"، يصف الكاتب في هذا النوع المعاناة عندما تكون خارج إرادته، في السجن أو الإقامة الجبرية، خلال أو بعد أو قبل ذلك، رواية يسمعون حسيسها للكاتب الأردني أيمن العتوم، وهي سيرة غيرية وليست من خيال الكاتب، أو سيرته الذاتية، نشرت عام 2012 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
تدور أحداث الرواية حول طبيب اسمه إياد أسعد، والذي يُعتقل مدة ثلاث عشرة سنة في السجون دون أي تهمة حقيقية بحقه، إذ إنه يُتهم بالانتماء لخلية إرهابية، وتعتبر أحداث الرواية ما هي إلا تصوير للحياة الشخصية لإياد داخل السجون، وتصوير للمشاهد التي رآها، والتي يصعب على المرء تصديقها.[١]
يُجرد المساجين من إنسانيتهم، ويعيشون أصعب ما قد يعيشه الإنسان، من: حفلات التعذيب، وإعدام المساجين، وتفشي الأمراض كالكوليرا بين السجناء؛ نظرًا لسوء الأحوال المعيشية حولهم، وتشاهد الشخصية الرئيسة بعينها ضياع مفاهيم الكرامة والإنسانية، وتعاني كذلك من صراع نفسي حاد، وتحاول الشخصية الرئيسية الهروب من السجن، لكن لا يلبث إلا أن يعتقل مرة أخرى، وتصاب قدمه برصاصة.
الأسلوب المتبّع في رواية يسمعون حسيسها
تبدأ الرواية بكلمة إهداء من الكاتب، يلمس بها القارئ أسلوب الكتابة الإبداعية، وخصوبة اللغة، وخيال التشبيه، وبناء الصور الفنية، الذي يمتاز به الكاتب أيمن العتوم، ويشير الكاتب إلى أن الرواية مهداة للأحرار جميعًا، الذين يناضلون ويجازفون بحياتهم من أجل الحق، ويلي الإهداء كلمة خاصّة بالشخصية التي تروى عنها الأحداث، وينوه الكاتب عن أن الأحداث التي سيقرأها القارئ ما هي إلا جزء صغير من الأحداث التي شهدها في السجن.
يعتبر أسلوب أيمن العتوم في هذه الرواية، كما هو الحال في بقية رواياته، متأثرًا بالقرآن الكريم أو "النزعة الدينية"، وتتضح هذه النقطة للقارئ بمجرد قراءة اسم الرواية "يسمعون حسيسها" المأخوذ من آيات القرآن الكريم، كما يستخدم الكاتب الكثير من المصطلحات والتعابير المستخدمة في القرآن، إضافة إلى ذلك يذكر الكاتب في أثناء سرد الرواية لبعض الآيات نصًا كما هي من القرآن الكريم، للتعبير عن موقف معين.
كما يستخدم أسلوب المناجاة والحديث مع الله، مثال على ذلك: "يا إله السماء، كم ناجيتك كي لا تتركني مع الوحوش، ثم لم يكن للوحوش الضارية أي عواء!! أي حكمة تتجلى لي كي أحياها يا رب"، وقد استخدام أسلوب التعجب، وأسلوب الأسئلة البلاغية، مثل: "هل كانت أمي تعرف ما يمكن أن يخبئ القدر لطفلٍ لاهٍ مثلي؟". ويمتاز الأسلوب اللغوي للكاتب بأنه على مستوى عالٍ، إذ إنه يستخدم مصطلحات جزلة، ويوظفها بطريقة جميلة، كما أن اللغة في الوقت ذاته، توصف بأنها سهلة، يمكن للقرّاء من شتى الفئات اقتناء الكتاب وقراءته من دون أي صعوبات.
الاستعارة والصور الفنية في رواية يسمعون حسيسها
افتنّ الكاتب باستخدام الصور الفنية والاستعارات، وأكثر من استخدامها، وقد ميزت أسلوبه، وأبرزت مواهبه بالتصوير، والخيال، والوصف، لكي ينقل المشاعر والأفكار إلى القارئ، ومن ضمنها ما يأتي:
- "لا أحد يعرف الجحيم أكثر منا، نحن الذين كما هناك".
- "لو كنت يومها أعرف قيمة القلم والورقة، لرسمت غدي الحالم بيدي قبل أن ترسمه كائنات خارج الإنسانية لا تعترف بالبشرية مطلقًا، إنها كائنات قادمة من الجحيم".
- "الكلمة الطيبة شجرةٌ مورقةٌ إذا وقعت في القلب أحيته".
الحوار والسرد في رواية يسمعون حسيسها
يبدأ الكاتب بسرد أحداث أو مقتطفات من طفولة الشخصية الرئيسية، التي تظهر أن الكاتب قد عاش حياة هنيئة، أو على الأقل طبيعية، مثل أي طفل، من ناحية الأفكار والمخاوف والعادات والحياة اليومية العادية، لتكون بذلك عبارة عن البداية السعيدة التي لن تطول، وتبدأ نقطة السرد أو التحول في الأحداث بعدها مباشرة، كما يظهر أن الكاتب يقوم بسرد الأحداث التي تجعل من الممكن القيام بعملية مقارنة بينها والمستقبل الذي ستؤول إليه الشخصية الرئيسة، ويتضح من خلال ذلك الفرق.
الرواية مقسمة لأجزاء، كل جزء من الرواية له عنوانه ورقمه الخاص، وتمتاز عناوين أجزاء الرواية بكونها تعابير إبداعية، ومن الأمثلة على العناوين: "لا يمكن أن يسجنوا الشمس"، و"شياطين الجحيم"، وهي ذات علاقة بفحوى محتوى الجزء، وبخصوص الموضوعية في السرد، يذكر الكاتب في بداية الكتاب بشأن موضوعية كتابه وبعده عن الخيال والتلفيق، بل يذكر أنها في بعض المواضع لم يذكر أحداث وأهوال التعذيب كاملة.
سرد الكاتب روايته باللغة العربية الفصحى، ما عدا الحوار، إذ قام الكاتب بنقل الحوار الخارجي كما هو باللهجة العامية بدلًا من الفصحى، كما استخدم الحوار الداخلي في السرد، هذا الأسلوب يتبعه الكتاب؛ لكي يجعل من الرواية أكثر واقعية، كما أن اللهجة التي كتب بها الحوار هي اللهجة السورية، الحوار عنصر مهم في الرواية، فبالكاد تجد صفحة أو أجزاء من دون الاستعانة بعنصر الحوار، اشتمل الحوار على أساليب عنيفة أو مهينة، أو ربما مخلة بالأخلاق، والتي تعتبر جزءًا من صور التعذيب أو فكرة الرواية، والتي يجب نقلها كما هي.
المراجع
- ↑ أيمن العتوم، يسمعون حسيسها، صفحة 1-368. بتصرّف.