تحليل قصة ورقة من غزة

كتابة:
تحليل قصة ورقة من غزة


تحليل عنوان قصة ورقة من غزة

تُعد قصة ورقة من غزة واحدةً من قصص غسان كنفاني المدرجة في مجموعته القصصية أرض البرتقال الحزين، والناظر إلى عتبة العنوان يجد أنّه يكشف بوضوح أنّ هذه القصة صادرة عن أرض غزة، فالقاص وظّف عنوانه ليكون كاشفًا وعن جانب ضئيل من قصته.[١]

وهو بذلك حقّق عددًا من أهداف العنوان، فهو استطاع أن يُشهر جزءًا من محتوى قصته، وجعل هذا العنوان يُغري القارئ بالكتابة لا سيما القارئ صاحب القضية والراغب في الاستزادة عن مأساة فلسطين في كافة أجزائها، وما يجري فيها من معاناة نتيجة الاحتلال.[١]


تحليل أحداث قصة ورقة من غزة

تجري أحداث القصة على شكل رسالة يتم كتابتها من قِبّل القاص إلى صديقه مصطفى، مضمنًا فيها مجريات وأحداث القصة الفرعية، فيشرع في بداية قصته بأن يكتب رسالة لصديقه مصطفى يرفض فيها الهجرة إلى أمريكا والذهاب إلى كاليفورنيا للعمل بعد أن رتب صديقه مصطفى كافة الترتيبات اللازمة له من إقامة ومسكن وعمل وغيرها.


ويُحاول الكاتب تخفيف حدة التوتر والصدمة عند صديق مصطفى، الذي كان يُريد له أنْ يبقيا معًا ويُحقّقا أهدافهما ويُصبحا غنيين في تلك الأرض البعيدة، ويخرجا من غزة التي أظلمتها الحرب، وتهدمت مبانيها وساد فيها جو الهزيمة والحزن والموت، فغزة تُمثل فضاءً طاردًا، دفع مصطفى للذهاب للكويت، ومن ثم لأمريكا.


نرى أنّ القاص يسرد لنا قصة معاناته في الكويت، وعن كون العمل فيها خانقًا، لكنّه مضطر ليُعيل أسرته المكونة من أمه وزوجة أخيه الشهيد وأولادهما الأربعة، فكانت الأحداث تصف معاناة الفلسطيني اللاجئ الذي يُحاول كسْب قوته في بلد غريب، فيُعاني من مشكلتين الأولى أنّه لاجئ وطنه مسلوب، والثانية أنه مغترب، وهذا زيادة في حالة اليأس والألم القارّ في نفس القاص، فهو لا يجد أمانا في غربته ولا في لجوئه.


ومن ثم نرى القاص يُعلن السبب الأساسي لرفضه فكرة الاغتراب لأمريكا والعمل فيها، وهو انبعاث روح المقاومة في نفسه، إذ انتعشت هذه الروح بعد عودته إلى غزة، فقد إظهر بدايةً كراهيته لهذا الفضاء القاتم المدمر، ورغبته بالهروب منه إلى أمريكا، لكن معرفته ورؤيته لابنة أخيه ناديا بأنها قد بُترت ساقها وهي تحمي إخوانها من اللهب والقصف، جعله يعيد النظر إلى ذاته، ويحتقر فكرة الهروب والاغتراب.


تحليل الشخصيات في قصة ورقة من غزة

فيما يأتي تحليل أهم الشخصيات في القصة:


شخصية القاص

في هذه القصة نجد أنّ الشخصية الرئيس هي شخصية القاص المتمثلة بغسان كنفاني، وهي شخصية نامية متطورة، خرجت من دائرة التخبط والسعي للهروب من الواقع إلى مواجهة الواقع ومحاولة تغييره والعيش في قلب الأزمة، فهو يمثل الإنسان الفلسطيني الذي سيطرت عليه روح الهزيمة والتشاؤم والرغبة في الهجرة لجمع المال وكسب السعادة بعيدًا عن واقع فلسطين وأهلها، ومعاناة أهله المتواجدين في غزة تحت نار قصف الاحتلال.


مصطفى

أمّا شخصية مصطفى فهي شخصية جامدة آثرت الهروب من الواقع، والذهاب إلى أمريكا دون أي مبرر فقد عجز عن تقديم ثلاثة أسباب منطقية تدفعانه للهروب، فقد مثّل شخصية الإنسان العربي المتخلي عن قضيته، فهو انهزامي قدّم مصالحه على مصلحة وطنه.


ناديا

أمّا شخصية ناديا فهي تُمثل شخصية الإنسان الفلسطيني المقاوم، فهي كانت تتحلى بشجاعة عجز الكاتب عن وصفها، فقد كان بإمكانها الهرب لحظة القصف وترك إخوتها يموتون، لكنها ضحت بساقها كاملة من أجل حمايتهم.


لعل إيراد هذه الشخصية بعمر صغير كان من باب تحطيم معتقدات الكاتب الذي ظنّ أن هذا الجيل الجديد قد تشرب الهزيمة ورضي باللجوء، فكانت تضحية ناديا هادمة لهذا التصور، دافعة الكاتب لنبذ فكرة الهروب والتخلص في تمكن الهزيمة، والتوجه للمقاومة والثبات في الأرض مهما كان الفقر مدقعًا وكانت الظروف سيئة، فالهرب ليس حلا للمشكلة كما يُريد الكاتب أن يخبرنا.



المراجع

  1. ^ أ ب غسان كنفاني، أرض البرتقال الحزين، صفحة 63. بتصرّف.
3961 مشاهدة
للأعلى للسفل
×