تحليل قصيدة (إلى أمي) لمحمود درويش

كتابة:
تحليل قصيدة (إلى أمي) لمحمود درويش


التحليل الموضوعي لقصيدة (إلى أمي) لمحمود درويش

يُعبر محمود درويش في هذه القصيدة عن حنينه إلى والدته وتفاصيلها، وما تعده من خبزٍ وقهوةٍ ولمسةٍ تحنو عليه بها، ومن شدة حبه لها يقول إنّه متمسك بالحياة، خشيةً من بكاء والدته عليه إذا تُوفي، كما يطلب من والدته أن تأخذه إليها، وتعدّه غطاءً يُلامسها، وتُعانقه بخصلةٍ من شعرها، أو تجعله خيطًا في فستانها، فالشاعر تعب بسبب بُعده عن والدته، وبات يشعر بأنّه كهل كبير في العمر.[١]


يقول محمود درويش:[١]

:أحنُّ إلى خبز أمي

:وقهوة أُمي

:ولمسة أُمي

:وتكبر فيَّ الطفولةُ

:يومًا على صدر يومِ

:وأعشَقُ عمرِي لأنّي

:إذا مُتُّ

:أخجل من دمع أُمي!

:خذيني، إذا عدتُ يومًا

:وشاحًا لهُدْبِكْ

:وغطّي عظامي بعُشب

:تعمَّد من طهر كعبك

:وشُدّي وثاقي

:بخصلة شعر

:بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك

:عساني أصيرُ إلهًا

:إلهًا أصيرْ

:إذا ما لمستُ قرارة قلبك!

:ضعيني، إذا ما رجعتُ

:وقودًا بتنور ناركْ

:وحبل غسيل على سطح دارك

:لأنّي فقدتُ الوقوف

:بدون صلاة نهارك

:هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة

:حتى أُشارك

:صغار العصافير

:درب الرجوع

:لعُشِّ انتظارِك!


يُلاحظ بأنّ الشاعر اعتمد في قصيدته على مبدأ الوحدة الموضوعية، فمن بداية القصيدة وحتى نهايتها الموضوع وحد وهو الأم والحنين لها، وهذا دليل واضح على مدى تعلق الشاعر بوالدته وحنينه إليها واشتياقه الكبير لها، إذ ثبت على هذا الموضوع، وربطه بعدة أمور أخرى، مثل: الحياة والموت، الصغر والكبر.[١]


التحليل الفني لقصيدة (إلى أمي) لمحمود درويش

نُظمت قصيدة (إلى أمي) على بحر المتقارب، ومفتاحه: عن المتقارب قال الخليل ** فعولن فعولن فعولن فعولن،[٢] ويُعرف هذا البحر بموسيقاه الجميلة التي تصلح للغناء، فقارئ هذه القصيدة يتلمس الإيقاع الموسيقي وتناغم الكلمات، والتي أكسبت القصيدة دفئًا وحركةً وخفةً.[٣]


كما تضمنت القصيدة أساليب فنية متنوعة، مثل: التشبيهات والاستعارات، فالصور الفنية وُظفت من الواقع، واتسمت بأنّها تعبيرية، يُحاول فيها الشاعر التعبير عن مدى تعلقه بالماضي وبوالدته، ومن الصور الفنية التي يُشار لها ما يأتي:[١]

  • وتكبر في الطفولة

استعارة مكنية، فقد شبَّه الطفولة بالإنسان الذي يكبر، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو الكبر.

  • يومًا على صدر يوم

استعارة مكنية، فقد شبَّه اليوم بالوالدة التي يكبر طفلها على صدرها، وحذف المشبَّه به الوالدة، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو صدرها الذي يكبر عليه أطفالها.

  • تعمّد من طهر كعبك

استعارة مكنية، فقد شبَّه العشب بالطفل الذي يتم تعميده، وحذف المشبَّه به الطفل، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو التعميد.

  • خذيني وشاحًا

تشبيه بلغ، فقد شبّه الشاعر نفسه وشاحًا، وأركان التشبيه؛ المشبه: الشاعر، والمشبه به: الوشاح، وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.


التحليل الأسلوبي لقصيدة (إلى أمي) لمحمود درويش

إنّ قصيدة محمود درويش (إلى أمي) تضمنت معاني الشوق والحنين للأم، فتعابيرها السهل الممتنع، استمدها الشاعر من الواقع وما يرتبط بوالدته، فدلالتها غير معقدة، فمثلًا لو تأمل القارئ بكلمة "القهوة" فإنّ مدلولها هو الحنين إلى قهوة الصباح التي تعدها والدته، وهذا الأمر أيضًا يقع على العديد من الكلمات، مثل: الخبز.[٤]


كما استخدم الشاعر الأساليب الإنشائية في اللغة العربية، ولكنه أكثر من أسلوب الأمر الطلبي، مثل: خذيني، غطي، شدي، ولعل استخدم الشاعر هذا الأسلوب، وهذه الكلمات ليُعبر بشكل أكبر عن حاجته الماسة لأمه وحنينه لها، وهذا يُشير إلى مدى تعلقه بها وحنينه إلى تفاصيلها.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "إلى أمي "، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2022. بتصرّف.
  2. إبراهيم أبو طالب، في علم العروض والقافية وفنون الشعر الفصيحة والشعبية، صفحة 38. بتصرّف.
  3. آزاد محمد كريم الباجلاني، القيم الجمالية في الشعر الأندلسي عصري الخلافة و الطوائف، صفحة 347. بتصرّف.
  4. على محمد عودة، دراسات في الشعر الفلسطيني، صفحة 1-2. بتصرّف.
64337 مشاهدة
للأعلى للسفل
×