تحليل قصيدة المساء لإيليا أبو ماضي

كتابة:
تحليل قصيدة المساء لإيليا أبو ماضي


تحليل قصيدة المساء لإيليا أبو ماضي

قصيدة المساء للشاعر إيليا أبو ماضي من القصائد المهمة في الأدب المهجري، وتحليلها فيما يأتي:


التحليل الإيقاعي للقصيدة

لقد بنى الشاعر قصيدته على تفعيلة البحر الكامل "متفاعلن" في كلّ أسطر القصيدة؛ فقد تكرّرت في كلّ سطر أربع مرّات، إضافة إلى تنوّع القافية في نهاية كلّ مقطع من مقاطع القصيدة، وهذا التكرار في التفعيلة إضافة لتنوّع القوافي على طول القصيدة أكسبَ القصيدة جرسًا موسيقيًّا مُلِحًّا يعبّر عن ذات الشاعر الذي أراد لكلماته أن تصل إلى المتلقّي بكل الوسائل الممكنة فنيًّا وموسيقيًّا.


التحليل النحوي للقصيدة

بدأ الشاعر قصيدته بمبتدأ "السحب"، وهو اسم، تلاه فعل مضارع "تركض"، وهنا حالة من حالات تقدّم الفاعل على الفعل، والعرب كانت تقدّم الأهم، فإذًا يحاول الشاعر إخبار القارئ بالأمر الأهم الذي يريد له أن يمهّد الجو للدخول في القصيدة، وهو وصف السّحب التي تدلّ على المساء غالبًا، والناظر إلى القصيدة يجد الشاعر قد أكثَرَ من الجمل الاسمية التي تدلّ على رسوخ المعاني وثباتها.


أمّا بالنسبة للجملة الفعلية فإنّ الشاعر قد وازنَ بين استعمال الأفعال الماضية والمُضارعة في القصيدة، ولكلّ فعل من هذه الأفعال دلالته الخاصة؛ فقد دلّ الفعل الماضي على الذكريات التي لا يريد الشاعر لها الرحيل، ودلّ الفعل المضارع على رؤية الشاعر للحال التي هو عليها اليوم؛ فإذًا هو لا يريد الانعتاق من الماضي ويخاف من حاضره ومستقبله، وذلك كلّه يدلّ على حالة الاضطراب التي كان يعانيها الشاعر لحظة قوله القصيدة.


التحليلي الأسلوبي للقصيدة

بالنسبة للأسلوب فقد رَاوَحَ الشاعر بين الأساليب الإنشائيّة والأساليب الخبريّة؛ وإن كان الأسلوب الخبريّ أكثر حضورًا في القصيدة، ومن الأساليب الخبريّة الكثيرة في القصيدة قوله: "السحب تركض"، "الشمس تبدو"، "البحر ساجٍ"، ومن الأساليب الإنشائية قوله: "أرأيت أحلام الطفولة"، "أم أبصرت عيناك أشباح الكهولة".


الصور الفنية في قصيدة المساء لإيليا أبو ماضي

من الصور الفنية المهمة في قصيدة المساء ما يأتي:

  • السُحُبُ تَركُضُ في الفَضاءِ رَكضَ الخائِفين

استعارة مكنية، فقد شبّه السحب بإنسان يركض، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو "الركض".

  • الشَمسُ تَبدو خَلفَها صَفراءَ

استعارة مكنية، فقد شبّه الشّمس بالإنسان العابس، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو العبوس على سبيل الاستعارة المكنية.

  • البَحرُ ساجٍ صامِتٌ

استعارة مكنية، فقد شبّه البحر بالإنسان الصامت، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو الصمت على سبيل الاستعارة المكنية.

  • خِفتِ أَن يَأتي الدُجى الجاني

استعارة مكنية، فقد شبّه الدّجى بالإنسان الذي يجني، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو "الجناية" على سبيل الاستعارة المكنية.

  • يَهوى البُروقَ وَضَوأَها وَيَخافُ تَخدَعُهُ البُروق

استعارة مكنية، فقد شبّه البرق بالإنسان المخادع، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو الخداع على سبيل الاستعارة المكنية.

  • المُروجِ الخُضرِ سادَ الصَمتُ في جَنَباتِها

استعارة مكنية، فقد شبّه المروج الخضراء بالإنسان الذي يصمت، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو الصّمت على سبيل الاستعارة المكنية.

  • لَم يَسلُبِ الزَهرَ الأَريجُ وَلا المِياهُ خَريرُها

استعارة مكنية، فقد شبّه الزهر بالإنسان الذي يسلب، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو السلب على سبيل الاستعارة المكنية.

  • ماتَ النَهارُ اِبنُ الصَبحِ

استعارة مكنية، فقد شبّه النهار بالإنسان الذي يموت، فحذف المشبّه به الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه وهو الموت على سبيل الاستعارة المكنية.


الأفكار الرئيسة في قصيدة المساء لإيليا أبو ماضي

من أبرز الأفكار الرئيسة التي دارت في قصيدة المساء ما يأتي:

  • وصف الغروب ومنظره ومجيء المساء، وأثر ذلك كلّه على سلمى.
  • وصف سلمى وهي تراقب غروب الشّمس وتفكّر بعمر الطّفولة الذي نفذ وانقضى.
  • وصف خوف الشاعر من مرحلة الكهولة والشيخوخة القادمة.
  • الدعوة إلى التفاؤل والأمل.
  • الدعوة إلى البعد عن الأحزان وعدم الاكتراث بأمور الحياة.


أبيات قصيدة المساء لإيليا أبو ماضي

أبيات قصيدة المساء للشاعر المهجري إيليا أبو ماضي فيما يأتي:[١]

السُحُبُ تَركُضُ في الفَضاءِ رَكضَ الخائِفين
وَالشَمسُ تَبدو خَلفَها صَفراءَ عاصِبَةَ الجَبين
وَالبَحرُ ساجٍ صامِتٌ فيهِ خُشوعُ الزاهِدين
لَكِنَّما عَيناكِ باهِتَتانِ في الأُفقِ البَعيد
سَلمى بِماذا تُفَكِّرين
سَلمى بِماذا تحلُمين
أَرَأَيتِ أَحلامَ الطُفولَةِ تَختَفي خَلفَ التُخوم
أَم أَبصَرَت عَيناكِ أَشباحَ الكُهولَةِ في الغُيوم
أَم خِفتِ أَن يَأتي الدُجى الجاني وَلا تَأتي النُجوم
أَنا لا أَرى ما تَلمَحينَ مِنَ المَشاهِدِ إِنَّما
أَظْلالُها في ناظِرَيكِ
تَنِمُّ يا سَلمى عَلَيكِ
إِنّي أَراكِ كَسائِحٍ فيم القَفرِ ضَلَّ عَنِ الطَريق
يَرجو صَديقاً في الفَلاةِ وَأَينَ في القَفرِ صَديق
يَهوى البُروقَ وَضَوأَها وَيَخافُ تَخدَعُهُ البُروق
بَل أَنتِ أَعظَمُ حيرَةً مِن فارِسٍ تَحتَ القَتام
لا يَستَطيعُ الاِنتِصار
وَلا يَطيقُ الاِنكِسار
هَذي الهَواجِسُ لَم تَكُن مَرسومَةً في مُقلَتَيكِ
فَلَقَد رَأَيتُكِ في الضُحى وَرَأَيتُهُ في وَجنَتَيكِ
لَكِن وَجَدتُكِ في المَساءِ وَضَعتِ رَأسَكِ في يَدَيكِ
وَجَلَستِ في عَينَيكِ أَلغازٌ وَفي النَفسِ اِكتِئاب
مِثلُ اِكتِئابِ العاشِقين
سَلمى بِماذا تُفَكِّرين
بِالأَرضِ كَيفَ هَوَت عُروشُ النورِ عَن هَضَباتِها
أَم بِالمُروجِ الخُضرِ سادَ الصَمتُ في جَنَباتِها
أَم بِالعَصافيرِ الَّتي تَعدو إِلى وَكَناتِها
أَم بِالمَسا إِنَّ المَسا يَخفي المَدائِنَ كَالقُرى
وَالكوخُ كَالقَصرِ المَكين
وَالشَوكُ مِثلُ الياسَمين
لا فَرقَ عِندَ اللَيلِ بَينَ النَهرِ وَالمُستَنقَعِ
يَخفي اِبتِساماتِ الطَروبِ كَأَدمُعِ المُتَوَجِّعِ
إِنَّ الجَمالَ يَغيبُ مِثلُ القُبحِ تَحتَ البُرقُعِ
لَكِن لِماذا تَجزَعينَ عَلى النَهارِ وَلِلدُجى
أَحلامُهُ وَرَغائِبُه
وَسَمائُهُ وَكَواكِبُه

المراجع

  1. "السحب تركض في الفضاء ركض الخائفين"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.
12496 مشاهدة
للأعلى للسفل
×