تحليل قصيدة على المستوى الصرفي

كتابة:
تحليل قصيدة على المستوى الصرفي

كيفية تحليل قصيدة على المستوى الصرفي

يُعتبر التحليل الصرفي اللغة العربية واعتماده كفيلًا بتعيين دلالات مهمة وطرح تفسيرات متعددة، ولعلَّ من ضمنها دلالات صيغ الأفعال والمشتقات،[١] وبعض اللواصق (مورفيمات) التي هي عبارة عن لواحق أو سوابق، وغيرها مما يُمكن أن يُعتبر ضمن دائرة اهتمام المجال الصرفي،[٢] إذ يتضح أنّ للمستوى الصرفي دورًا مهمًا في توضيح خصائص النص الشعري، والكشف عن إيحاءاته المتعددة، ويتم تحليل قصيدة بناءً على المستوى الصرفي من خلال ما يأتي:[١]

  • دراسة الصيغ اللغوية والوحدات الصرفية.
  • البحث في بناء الكلمة.
  • دراسة تناسق الوحدات الصوتية.

نموذج تحليل قصيدة على المستوى الصرفي

تحليل قصيدة "دعيني وقولي" للشنفرى على المستوى الصرفي فيما يأتي:

الصيغ الصرفية للأفعال في القصيدة

عند قراءة قصيدة "دعيني وقولي" للشنفرى يُلاحظ أنّها ممتلئة بالعديد من الأفعال الماضية ذات الصيغة الصرفية "فَعَلَ"، ومنها: خَرَجْنَا، قلَّتْ، شَنَّ، إذ تُعتبر هذه الصيغة ذات دلالة تتمثّل في الثبات والأصل واللزوم، لذلك كان الأصل في الأفعال البناء، إلى جانب أنّ الفعل الماضي له إحالة على زمن قبل زمن التكلم.[٣]

كما يُلاحظ في القصيدة بأنّ هنالك صيغًا أخرى للأفعال نحو صيغة "فَعَّلَ"، فهذه الصيغة الرباعية المزيدة بالتضعيف، دالّة على التعديّة والتكثير والمبالغة؛ ويعود سبب استعمالها من قِبَلِ الشنفرى إلى رغبته في إعطاء الأحداث المرافقة لهذه الأفعال قوة وشدَّة، يقول الشاعر:[٣]

دَعيني وَقولي بَعدُ ما شِئتِ إِنَّني

سَيُغدَى بِنَعشي مَرَّةً فَأُغَيَّبُ

خَرَجنا فَلَم نَعَهد وَقَلَّت وَصاتُنا

ثَمانِيَة ما بَعَدها مُتَعَتَّبُ

سَراحينُ فِتيانٍ كَأَنَّ وُجوهَهُم

مَصابيحُ أَو لَونٌ مِنَ الماءِ مُذهَبُ

نَمُرُّ بِرَهوِ الماءِ صَفحًا وَقَد طَوَت

ثَمائِلُنا وَالزادُ ظَنٌّ مُغَيَّبُ

ثَلاثاً عَلى الأَقدامِ حَتّى سَما بِنا

عَلى العَوصِ شَعشاعً مِنَ القَومِ مِحرَبُ

فَثاروا إِلَينا في السَوادِ فَهَجهَجوا

وَصَوَّتَ فينا بِالصَباحِ المُثَوَّبُ

فَشَنَّ عَلَيهِم هَزَّةَ السَيف ثابِتٌ

وَصَمَّمَ فيهِم بِالحُسام المُسَيَّبُ

وَظِلتُ بِفِتيانٍ مَعي أَتَّقيهُمُ

بِهِنَّ قَلِيلاً ساعَةً ثُمَّ خُيَّبوا

وَقَد خَرَّ مِنهُم رَاجِلانِ وَفارِسٌ

كَمِيٌّ صَرَعناهُ وَخومٌ مُسَلَّبُ

يَشُنُّ إِلَيهِ كُلُّ ريعٍ وَقَلعَةٍ

ثَمانِيَةً وَالقَومُ رِجلٌ وَمِقنَبُ

فَلَمّا رَآنا قَومُنا قيلَ أَفلِحوا

فَقُلنا اِسأَلوا عَن قائِلٍ لا يُكَذَّبُ

المشتقات في القصيدة

يغلب على القصيدة اسم المفعول المشتق من الفعل المزيد، مثل: "مُتَعَتَّب، مُذْهَب، مُغَيَّب، مُسَيَّب، مُسَلَّب"، بل يكاد اسم المفعول يرد في كل بيت، إذ تُعد هذه الصيغ دالة على وصف من وقع عليه الفعل؛ أيّ أنَّها صيغٌ تعدت تحديد من وقع عليه الفعل إلى ذكر صفاته أيضًا، وقد لجأ الشاعر إلى توظيفها كألفاظ واصفة للعدو في أثناء وصفه للمعركة التي خاضها الصعاليك دفاعًا عن كرامتهم التي كادت أن تُنتهك.[٣]

كما ذُكرت صيغة اسم الفاعل، مثل: "ثابتٌ، فارسٌ، قائل"، وهي صيغٌ دالة على وصف من قام بالفعل، وبالرجوع إلى القصيدة، يُلاحظ بأنَّ الشاعر قد وظَّف صيغة اسم الفاعل للدلالة عليه، واستعمل الشاعر صيغًا لجمع التكسير الدالة على الكثرة نحو "فِعْلان" في "فِتْيان"، و"فعائل" في "ثمائل"، و"فعاليل" في "مصابيح" و"سراحين"، وتلك صيغ على ضراوة المعركة، وقوة القتال والمصارعة.[٣]

المورفيمات في القصيدة

إنّ المورفيمات في اللغة العربية وحدات دالة في ذاتها تُسهم في تجزيء الكلمات،[٢] حيث يُلاحظ بأنَّ القصيدة مملوءةٌ بها، ومن الأمثلة عليها ما يأتي:[٣]

  • المورفيمات الداخلة على الأفعال، ومنها: النون في "خرجنا" كمورفيم دال على الشاعر وأصدقائه الصعاليك، والياء في "دعيني وقولي" العائدة على الشاعر كمفعول به، والواو في "خُيِّبوا" كفاعل، والتاء في "ظِلْتُ، شِئْتِ"، والسين والياء في "سَيُغْدى"؛ فالسين مورفيم يدل على المستقبل كحرف للتنفيس، والياء مورفيم دال على المضارعة… إلخ.
  • مورفيم التعريف بـ "أل"، مثل: الماء، الزَّاد، السواد، الأقدام، الصّباح، إلخ.
  • حروف الجر، مثل: في، من، إلى، عن، على، الفاء، الباء، الكاف، اللام.
  • تنوين الرفع، مثل: ثمانيةٌ، ثابتٌ، فارسٌ، وتنوين الجر، مثل: فِتيانٍ، وتنوين النصب، مثل: صَفحًا.
  • الضمير "هُم" الدال على المفعولية: أتَّقيهم.
  • مورفيمات معجمية: حسامْ، رِجْلْ، إلخ.
  • مورفيم النوع الكلامي: أيّ مورفيم يدل على الفِعلية، مثل: شنّ، خَرَّ، إلخ، ومورفيم يدل على الاِسمية، مثل: مصابيح، قلعة.
  • مورفيم الإعراب، كمورفيم الرفع، مثل: الزَّادُ، ومورفيم النصب، مثل: هَزَّةَ، ومورفيم الجر، مثل: الحُسَامِ.
  • مورفيم الزمن، مثل: الزمن الماضي في "شَنَّ، صمَّمَ"، والزمن الحاضر في "يُغدى، نمُرّ"، والزمن الأمر في "اسألوا".
  • مورفيم اشتقاقي، مثل: اسم الفاعل في "قائل، فارس"، واسم المفعول في "المُسَيَّب، مُغَيَّب".

المراجع

  1. ^ أ ب خالد حسين أبو عمشة، تعالق المستوى الصرفي بمستويات اللغة الأخرى ودوره في تبيان الدلالة في تعليم العربية للناطقين بغيرها، صفحة 4-12. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد علي الخولي، مدخل إلى علم اللغة، صفحة 76. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج "دعيني وقولي بعد ما شئت إنني "، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 13/2/2022. بتصرّف.
33688 مشاهدة
للأعلى للسفل
×