تحليل قصيدة هم ألم به مع الظلماء لإيليا أبو ماضي

كتابة:
تحليل قصيدة هم ألم به مع الظلماء لإيليا أبو ماضي


التحليل الموضوعي لقصيدة: هم ألم به مع الظلماء لإيليا أبو ماضي

يبدأ إيليا أبو ماضي قصيدته بقوله:[١]

  • هَمٌّ أَلَمَّ بِهِ مَعَ الظَلماءِ
فَنَأى بِمُقلَتِهِ عَنِ الإِغفاءِ

نَفسٌ أَقامَ الحُزنُ بَينَ ضُلوعِهِ

وَالحُزنُ نارٌ غَيرَ ذاتِ ضِياءِ

يَرعى نُجومَ اللَيلِ لَيسَ بِهِ هَوى

وَيَخالُهُ كَلِفاً بِهِنَّ الرائي

في قَلبِهِ نارُ الخَليلِ وَإِنَّما

في وَجنَتَيهِ أَدمُعُ الخَنساءِ

قَد عَضَّهُ اليَأسُ الشَديدُ بِنابِهِ

في نَفسِهِ وَالجوعُ في الأَحشاءِ

يَبكي بُكاءَ الطِفلِ فارَقَ أُمِّهِ

ما حيلَةُ المَحزونِ غَيرُ بُكاءِ

فَأَقامَ حِلسَ الدارِ وَهوَ كَأَنَّهُ

لِخُلُوِّ تِلكَ الدارِ في بَيداءِ

يبدأ الشاعر في قصيدته بوصف الحزن والألم الذي يكون في داخل الإنسان ولا يدري أيّ أحد عن ذلك الألم، ولا يكون التعبير عن الحزن سوى من خلال الدموع التي تعتلي الوجه فتجعله مثل السحابة القاتمة.


  • حَيرانُ لا يَدري أَيَقتُلُ نَفسَهُ
عَمداً فَيَخلُصَ مِن أَذى الدُنياءِ

أَم يَستَمِرَّ عَلى الغَضاضَةِ وَالقَذى

وَالعَيشُ لا يَحلو مَعَ الضَرّاءِ

طَرَدَ الكَرى وَأَقامَ يَشكو لَيلَهُ

يا لَيلُ طُلتَ وَطالَ فيكَ عَنائي

يا لَيلُ قَد أَغرَيتَ جِسمي بِالضَنا

حَتّى لَيُؤلِمَ فَقدُهُ أَعضائي

وَرَمَيتَني يا لَيلُ بِالهَمِّ الَّذي

يَفري الحَشا وَالهَمُّ أَعسَرُ داءِ

يا لَيلُ ما لَكَ لا تَرِقُّ لِحالَتي

أَتُراكَ وَالأَيّامُ مِن أَعدائي

يا لَيلُ حَسبِيَ ما لَقيتُ مِنَ الشَقا

رُحماكَ لَستُ بِصَخرَةٍ صَمّاءِ

بِن يا ظَلامُ عَنِ العُيونِ فَرُبَّما

طَلَعَ الصَباحُ وَكانَ فيهِ عَزائي

وارَحمَتا لِلبائِسينَ فَإِنَّهُم

مَوتى وَتَحسَبُهُم مِنَ الأَحياءِ


يعرج الشاعر في قصيدته للحديث عن الشخص الذي يتعرض للأذى من الآخرين وهو لا يدري أيتغاضى عن ذلك الأذى أم يتمرد عليه؟ فالنوم جافاه وبات في حديثه مع الليل المُظلم الذي يُغطي بسواده على نفوس النّاس، ويتمنى لو أنّه ينقشع ويأتي من بعده الصباح المشرق الدافئ.


  • إِنّي وَجَدتُ حُظوظَهُم مُسوَدَّةٌ
فَكَأَنَّما قُدَّت مِنَ الظَلماءِ

أَبَداً يُسَرُّ بَنو الزَمانِ وَما لَهُم

حَظٌّ كَغَيرِهِم مِنَ السَرّاءِ

ما في أَكُفِّهِم مِنَ الدُنيا سِوى

أَن يُكثِروا الأَحلامَ بِالنَعماءِ

تَدنو بِهِم آمالُهُم نَحوَ الهَنا

هَيهاتَ يَدنو بِالخَيالِ النائي

بَطَرُ الأَنامِ مِنَ السُرورِ وَعِندَهُم

إِنَّ السُرورَ مُرادِفُ العَنقاءِ

إِنّي لَأَحزَنُ أَن تَكونَ نُفوسُهُم

غَرَضَ الخُطوبِ وَعُرضَةَ الأَرزاءِ

أولئك النّاس الذين يطمعون في أذى غيرهم يظنون أنّهم محظوظون بقدرتهم على ذلك، ولكنّهم ساء ما يعملون والمصائب ستُلاحقهم دائمًا أينما كانوا وحيثما حلوا، وأحلامهم بالنعم لن توصلهم سوى للمصائب.


  • أَنا ما وَقَفتُ لِكَي أُشَبِّبَ بِالطَلا
ما لي وَلِلتَشبيبِ بِالصَهباءِ

لا تَسأَلوني المَدحَ أَو وَصفَ الدُمى

إِنّي نَبَذتُ سَفاسِفَ الشُعَراءِ

باعوا لِأَجلِ المالِ ماءَ حَيائِهِم

مَدحاً وَبِتُّ أَصونُ ماءَ حَيائي

لَم يَفهَموا ما الشِعرُ إِلّا أَنَّهُ

قَد باتَ واسِطَةً إِلى الإِثراءِ

فَلِذاكَ ما لاقَيتُ غَيرَ مُشَبِّبٍ

بِالغانِياتِ وَطالِبٍ لِعَطاءِ

ضاقَت بِهِ الدُنيا الرَحيبَةُ فَاِنثَنى

بِالشِعرِ يَستَجدي بَني حَوّاءِ

شَقِيَ القَريضُ بِهِم وَما سَعِدوا بِهِ

لَولاهُمُ أَضحى مِنَ السُعَداءِ

نادوا عَلَينا بِالمَحَبَّةِ وَالهَوى

وَصُدورُهُم طُبِعَت عَلى البَغضاءِ

أَلِفوا الرِياءَ فَصارَ مِن عاداتِهِم

لَعَنَ المُهَيمِنُ شَخصَ كُلِّ مُرائي

إِن يَغضَبوا مِمّا أَقولُ فَطالَما

كَرِهَ الأَديبَ جَماعَةُ الغَوغاءِ


الآن يكشف الشاعر عن اختلافه عن غيره من الشعراء فهو لا يُريد أن يتكسب من الكلمة، ولا أن يُجزل العطاء، فهو ليس كمَن باع ماء وجهه لغيره ولا يقول إلّا ما في صدره مبتعدًا عن سفاسف الأمور التي تناولها غيره ممّن ادّعوا قول الشعر.


التحليل الفني لقصيدة: هم ألم به مع الظلماء لإيليا أبو ماضي

عمد الشعراء إلى ترصيع كلامهم بأنواع الفنون ومن بينها ما درج من الصور الفنية في قصائدهم، ولم يكن إيليا أبو ماضي بمعزل عن ذلك، حيث استخدم الاستعارة المكنية في مواضع عديدة من القصيدة، ومن بينها قوله: "همّ ألم به" فشبه الهم بالإنسان الذي يلم بأمر ما أو يجهله، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه، كذلك في قوله: "أقام الحزن" فشبه الحزن بالإنسان الذي يُقيم في مكان ما.[٢]


كما عمد إلى تكرار بعض الكلمات في القصيد، مثل: كلمة حزن؛ للدلالة على الشعور الذي يُخالجه، ولتثبيت المعنى الذي يُريده الشاعر إيصاله للمتلقي.[٢]


التحليل الإيقاعي لقصيدة: هم ألم به مع الظلماء لإيليا أبو ماضي

نسج الشاعر قصيدته على البحر الكامل بتفعيلته: "متفاعلن متفاعلن متفاعلن"، إذ نظم كثير من الشعراء قصائدهم على هذا البحر؛ لما له من خفة تُمكن الشاعر من الوصول إلى المعنى الذي يُريد، وتكرر حرف النون بكثرة في القصيدة، مثل: لفظة "الحزن، النجم، الخنساء"، وهذه كلها رموز أعانت الشاعر على إيصال مشاعره الداخلية الأليمة التي يُعانيها.[٢]

المراجع

  1. "هم ألم به مع الظلماء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/3/2022.
  2. ^ أ ب ت "هم ألم به مع الظلماء "، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/3/2022. بتصرّف.
31929 مشاهدة
للأعلى للسفل
×