تحية للأم السورية في عيد الأم!

كتابة:
تحية للأم السورية في عيد الأم!

مع دخول المأساة السورية الإنسانية عامها الرابع لا نستطيع إلا أن نفكر بالأم السورية ونرسل لها تحية من القلب لما عانته وتعانيه من مصاعب وويلات وفقدان، ونعني هنا بالفقدان الشامل ليس لأحباء وحسب بل لأمور أساسية وحيوية نسأل أنفسنا كثيرا كيف يمكننا أن نمارس حياتنا بدونها.

تواجه الأمهات اينما تواجدن في أنحاء العالم تحديات كبيرة ترتبط بكل مراحل نمو وتطور أولادهن، ابتداء من مرحلة الحمل أو التخطيط له، مرورا بالطفولة الغضة والطفولة المتقدمة والمراهقة وما يترتب على كل هذا من قضايا صحية، تربوية وسلوكية لا يستهان بها، ولا شك أن من أهم الشروط المطلوبة تلقائيا لكي تمارس الأم امومتها باخلاص هو الشعور بالأمان والاستقرار والوجهة المريحة والمضمونة للخدمات المتعلقة بالأمومة والطفولة، كسهولة تلقي الخدمات الصحية والتعليمية وتوفر الأغذية والمياه الجارية الصالحة للاستخدام. 

ونحن نحتفل بعيد الأمهات الغاليات في وطننا العربي ككل سنة في الواحد والعشرين من آذار\مارس، قد تبدو الشروط التي ذكرتها سابقا بديهية ولا نفكر فيها كثيرا مهما تفاوتت مستوياتنا المعيشية ومهما كانت ظروفنا الاجتماعية صعبة، ولكن ومع دخول المأساة السورية الإنسانية عامها الرابع لا نستطيع إلا أن نفكر بالأم السورية ونرسل لها تحية من القلب لما عانته وتعانيه من مصاعب وويلات وفقدان، ونعني هنا بالفقدان الشامل ليس لأحباء وحسب، بل لأمور أساسية وحيوية نسأل أنفسنا كثيرا كيف يمكننا أن نمارس حياتنا بدونها، وأهمها كما قلنا الأمان والاستقرار.

سواء كن لاجئات خارج سوريا أو مقيمات في المناطق المنكوبة داخل سوريا تفتقر النساء السوريات وخاصة من الأمهات لأبسط شروط العيش الكريم او ما يتيح ممارسة حد أدنى من الحياة بكرامة، فعلى الصعيد الداخلي لكم أن تتخيلوا مثلا التحديات التي يمكن أن تواجهها ام لعدة أطفال استشهد زوجها أو يغيب في ساحة المعركة أو في السجون ، وسط غياب\تدمير 3 مرافق أساسية:

المستشفيات \ العيادات:

تم استهداف وتدمير كلي أو جزئي لأكثر من 40% من مستشفيات سوريا خلال الحرب وفق الأرقام الأخيرة التي نشرتها الأمم المتحدة. وحتى إذا افترضنا أن ثمة مستشفيات أو أماكن علاجية لم تدمر وما زالت تعمل فإنها بالضرورة قد يكون من أولوياتها انقاذ الجرحى أو علاج حالات الطوارئ ، مما يجعل الام تقف في مواجهة الصحة العامة والشؤون الطبية البسيطة منها والمعقدة لأطفالها عاجزة أحيانا وخاصة مع زيادة فرص انتشار الأمراض والأوبئة نظرا لتدهور الظروف البيئية، ونقص الأدوية. ولنا أن نتخيل حين يدور الحديث عن أطفال رضع ولدوا لتوهم وظروف عمليات الإنجاب وصحة الأم واستشفائها أصلا.

المدارس والخدمات الاجتماعية:

تم حرمان أكثر من مليونين ونصف مليون طفل من التعليم وذلك نتيجة لتدمير آلاف المدارس وبالتالي نشأ منذ ثلاث سنوات جيل كامل يفتقر للإطار التربوي\التعليمي الواضح والمتعارف عليه مما يثقل نفسيا على كاهل الأم ويضاعف من مسؤولياتها لملء الفراغ الحاصل وذلك في غياب أطر بديلة لغياب الأمان أصلا. وإذا أضفنا لكل هذا حجم العنف والفظائع والفوضى التي يتعرض لها الطفل في ظروف الحرب سواء كان منخرطا في الأحداث أو مجرد مشاهد لها، فلنا أن نتخيل في غياب الإطار التربوي مدى العبء الذي يقع على الأم في امتصاص كل ما يمر به أولادها في سبيل الحفاظ على قدر أساسي من وحدة العائلة والنسيج الإجتماعي الأوسع.

الموارد الغذائية:

تواجه الأمهات في ظروف الحرب في المناطق المنكوبة في سوريا تحديا كبيرا يتمثل بضرورة توفير الطعام لأطفالهن وسط شح الموارد الغذائية وقطع سبل تأمين الغذاء في كثير من الأحيان. فكما نتابع جميعنا عبر الشاشات تقل فرص الحصول وتأمين الغذاء في سوريا مع تفاقم الأزمة وفي حال توفر الغذاء من أصله يكون ثمنه باهظا مما يزيد من حجم المأساة وتعقيدات الأمر نظرا لشبه توقف الحركة الاقتصادية في البلد والحصار المفروض على عدة مناطق.

أما خارج سوريا وتحديدا في مخيمات اللجوء فإضافة إلى ما ذكرنا مما قد يكون شبيها أو مختلفا، فالتحديات الأكبر تتمثل بالخوف من انفراط عقد العائلة المتمثلة بالأب والأم والأولاد بعد فقدان الحيز العائلي الحميمي ألا وهو "البيت" حيث الدفء والأغراض الشخصية واستبدال ذلك بخيمة باردة او كرفان أو غرفة مدرسة تغيب فيها الحدود بين أفراد العائلة وربما عائلات أخرى وتفقد فيها الغرف معناها وتتداخل الأمور فيما بينها بحيث يفقد أفراد العائلة خصوصياتهم وتفقد الام دورها التقليدي المتمثل في إدارة شؤون البيت، ببساطة شديدة  لغياب "البيت" أصلا ويصبح هدفها في هذه الحالة إنقاذ ما تبقى لإنقاذه، خاصة عند فقدان أحد أفراد العائلة في الحرب، كما أنه وبسبب كون المخيمات تحتوي على حمامات ومرافق صحية عمومية وجماعية تُنتهك ابسط حقوق الأم كأنثى بالخصوصية والاختلاء بنفسها والعناية بجسمها ونظافته وما إلى ذلك من أمور قد تعتبر ترفًا بعد أن كانت مفهومة ضمنًا.

المأساة السورية بالأرقام:
(وفق معطيات الأمم المتحدة والهيئات العاملة بالشأن الإنساني والمنظمات الحقوقية المختلفة حتى مطلع عام 2014 )
نسبة المستشفيات المدمرة كليا\جزئيا 45% حسب تقدير الأمم المتحدة
عدد المدارس المدمرة كليا\جزئيا 3,900 
نسبة الاطفال الذين لا يذهبون الى المدرسة 51.8% في انحاء سوريا
عدد القتلى من النساء في الحرب آكثر من 15,000 امرأة (وفق منظمات حقوقية)
عدد النساء اللاتي تعرضن لعمليات عنف جنسي في سوريا خلال الحرب  أكثر من 7,500 امرأة
عدد النساء المعتقلات أكثر من 6,500 امرأة
عدد القتلى من الأطفال خلال الحرب حوالى 11,500طفل
عدد الولادات في مخيمات اللاجئين خلال الحرب أكثر من 30,000 ألف طفل سوري
 
3695 مشاهدة
للأعلى للسفل
×