محتويات
معنى قاعدة الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد
الاجتهاد: الاجتهاد افتعال من الجهد والجَهد المشقة والكلفة، فالاجتهاد: هو بذل الوسع في تحصيل أمر فيه كلفة ومشقة، وعند الفقهاء: هو بذل الفقيه وسعه في تحصيل ظن بحكم شرعي من خلال النظر في الأدلة الشرعية النقلية؛ القرآن والسنة والإجماع، ويكون الاجتهاد من: القياس، والاستحسان، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، وغير ذلك.[١]
المراد منها أنَّ الأحكام الاجتهادية هي التي اجتهد فيها المجتهد، وحَكَم فيها ونفذت ولا يجوز نقضها باجتهاد آخر؛ لأنَّ الاجتهاد الثاني ليس أولى من الاجتهاد الأول، ولأنَّه إذا نُقض الأول جاز أيضاً نقض الثاني بثالث والثالث بغيره، فلا يمكن أن تستقر الأحكام، وهذا أمر مجمع عليه.[٢]
ولكن إذا تبين مخالفة الاجتهاد للنص الشرعي أو لمخالفته طريق الاجتهاد الصحيح، أو وقوع خطأ فاحش فيُنقض حينئذٍ؛ لأنَّ النص هو أصل الشريعة الإسلامية ولا اجتهاد في مورد النص، وتُطبق هذا القاعدة عندما يكون الاجتهاد في الأدلة الظنية وليست القطعية، لأنَّ النصوص القطعية لا مجال للاختلاف فيها ولا اجتهاد مع النص.[٢]
دليل القاعدة
دليل هذه القاعدة هو إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- بذلك، وأنَّ أبا بكر حكم في مسائل كان لعمر رأي آخر فيها ولكن لم ينقض حكمه، وقضى في الجد قضايا مختلفة، فهنا أبو بكر -رضي الله عنه- لم ينقض حكم عمر في المسائل التي قضى فيها بخلافه، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم ينكر أحد منهم.[٣]
تطبيقات فقهية على القاعدة
ذكر العلماء في كتبهم تطبيقات فقهية لهذه القاعدة، ومن هذه التطبيقات ما يأتي:
- اجتهاد المجتهد: إذا اجتهد مجتهد في أنَّ الخلع فسخ في حادثة وحَكَم به، ثمَّ تغير اجتهاده بعد زمن، ورجَّح أنَّ الخلع طلاق؛ فإنَّ اجتهاده الثاني لا ينقض اجتهاده الأول؛ لأنَّ هذه المسألة من المسائل الظنية التي تقبل الاجتهاد.[٤]
- طلب حكم آخر من قاضي آخر في نفس المسألة: لو تقدم خصمان إلى القاضي فقالا كان بيننا خصومة في كذا، وتحاكمنا فيها إلى القاضي فلان؛ فحكم بيننا بكذا لكننا نريد أن نستأنف الحكم فيها عندك وتحكم بيننا أنت، فيمضي حكم الأول.[٥]
- الاجتهاد في القبلة: إذا اجتهد مسلم في القبلة فاجتهد رجل ثمَّ تغير اجتهاده عمل بالثاني، ولو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد فلا قضاء.[٦]
- الظن: إذا اجتهد مسلم فظنَّ طهارة أحد الإناءين فاستعمله، وترك الآخر ثم تغير ظنه لم يعمل بالثاني.[٧]
- إذا شهد الفاسق عند القاضي فردت شهادته فتاب وأعادها لم تقبل؛ لأنَّ قبول شهادته بعد التوبة يتضمن نقض الاجتهاد بالاجتهاد.[٨]
- إذا ألحق القائف -الذي يميز الأنساب بالمظاهر- بأحد المتداعيين ثمَّ رجع وألحقه بالآخر لم يُقبل، وكذا لو ألحقه القائف بأحدهما فجاء قائف آخر فألحقه لم يلحق به؛ لأنَّ الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.[٩]
- المسائل المُجتهد فيها: إذا حكم الحاكم في المسائل المُجتَهد فيها لا ينقض باجتهاد آخر، مثل النكاح بلا ولي.[١٠]
المراجع
- ↑ محمد الغزي (1424)، موسوعة القواعد الفقهية (الطبعة 1)، بيروت _ لبنان:مؤسسة الرسالة، صفحة 175، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب د محمد الزحيلي (1427)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 389، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السيوطي (1411)، الأشباه والنظائر (الطبعة 1)، صفحة 101، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الغزي (1424)، موسوعة القواعد الفقهية (الطبعة 1)، بيروت _ لبنان:مؤسسة الرسالة، صفحة 176، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ بدر الزركشي (1405)، المنثور في القواعد الفقهية (الطبعة 2)، الكويت:وزارة الأوقاف الكويتية، صفحة 93، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ بدر الزركشي (1405)، المنثور في القواعد الفقهية (الطبعة 2)، الكويت:وزارة الأوقاف الكويتية، صفحة 94، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ بدر الزركشي (1405)، المنثور في القواعد الفقهية (الطبعة 2)، الكويت:وزارة الأوقاف الكويتية، صفحة 94، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السيوطي (1411)، الأشباه والنظائر (الطبعة 1)، صفحة 102، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السيوطي (1411)، الأشباه والنظائر (الطبعة 1)، صفحة 102، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السيوطي (1411)، الأشباه والنظائر (الطبعة 1)، صفحة 102، جزء 1. بتصرّف.