كل إنسان يولد حرّاً، وهذا يمكنه لاحقًا من تبني الآراء بناء على تجاربه ومعتقداته، وإن حريّته هذه تتضمن حرية التعبير عن رأيه ونفسه دون قيود، بشرط أن لا يمسّ في تعبيره عن رأيه أحداً، فليس من حق أيّ إنسان أن يفرض رأيه على إنسان آخر، كيف لا وكلاهما يملك عقلاً يفكّر، وعيناً ترى، ولساناً يتكلم، مما يعني أنّهما متساويان في الرؤية وحرية التعبير عن الرأي.
بعض الأشخاص يخطؤون في حق أنفسهم عندما يسمحون لغيرهم بفرض آرائهم عليهم، وإجبارهم على ما لا يرغبون، فيعيشون في بؤس ويأس وحزن لأنّهم لا يملكون أنفسهم، وهذا أسوأ شعور قد يصيب الإنسان، وهو أن تسلب إرادته، لذلك يجب على كل فرد أن يتعلم كيف يعبّر عن إرادته ورأيه منذ الصغر، وهذا هو دور الوالدين، إذ يجب أن يربوا أطفالهم على التعبير عن رأيهم قبولاً أو رفضاً بحرية، وأن يعلّموهم كيف يحترموا آراء الآخرين فلا يتهكّمون عليها مهما كانت، ولا يهاجمون صاحبها إن اختلف معهم، فكما تتنوع أشكالنا وأجناسنا نحن البشر تتنوع أفكارنا وآراؤنا.
في المجتمع المتفهم الذي يحترم أفراده آراء بعضهم يكمن النجاح والتقدم والتطور، فكل شخص يرى الشيء من وجهة نظره وتصوّره، ويقدمه كما يراه، فتجتمع الرؤى وتتجانس لتكوّن صورة متكاملة تهدف إلى منفعة الوطن في النهاية، وذلك على عكس المجتمعات المتناحرة التي يحقّر الأفراد والجماعات فيها آراء بعضهم فنجدها مجتمعات ضعيفة يسهل فيها نشر الفتنة والخراب.
لإبداء الرأي أسس على الشخص إدراكها، وهي التعبير عن الرأي بأدب ولباقة دون المساس بأي طرف من الأطراف، واحترام الدين والموروثات، والأعراق المختلفة، وتقبّل الرأي الآخر وإن كان مخالفاً، وعدم مقاطعة الآخرين، أو أخذ مواقف شخصية بسبب اختلاف آرائهم وأفكارهم، فاختلاف وجهات النظر لا يعني أننا يمكن أن نفرض رأيًا على رأي آخر، إلّا أنّه يمكننا تقديم البراهين لإقناع الشخص الذي يواجهنا، ويفضل سماع آراء من حولنا مع فعل الشيء الذي نراه نحن على صواب، أو الذي يخدم مصلحتنا.
فقد يرى البعض أن الإنترنت -على سبيل المثال- هو وسيلة للتسلية والإزعاجات والبحث عن الممنوعات، فيما يرى البعض الآخر أن هذا ليس صحيحاً، إذ إنّ له استخدامات جادة ومفيدة جدًّا في مختلف الميادين الحياتية، والثقافية، والعلمية، والاجتماعية، وغيرها ويلعب التوجيه هنا دورًا هامًّا في الاستفادة الحقيقية من هذا التطور التقني المفيد.