محتويات
المقدمة: مخاوف وانتظار في بداية الجائحة
لقد أثّرت جائحة كورونا على قطاع التعليم تأثيرًا مباشرًا، فبعد الإعلان عن الوباء وخطره وسرعة انتشاره من منظمات الصحة العالميّة أصبح هناك مخاوف لدى القطاع التعليمي من هذا المرض، فسارعت المدارس والجامعات والكليات إلى إغلاق أبوابها أمام الطلاب، خوفًا من إصابة الطلاب وانتشار عدوى المرض بينهم، فترك الطلاب مقاعدهم الدراسيّة داخل الصفوف والجامعات وانتقلوا إلى التعليم عن بُعد ممّا أثّر بشكل كبير على التحصيل الدراسي والفهم والاستيعاب لدى الطلاب.
فمنذ بداية الجائحة والطلاب وأهاليهم في ترقّب وانتظار لانتهاء المرض والعودة إلى صفوفهم والانتظام في تعليمهم الوجاهي كما في السابق.
العرض: برأيك، كيف تعامل قطاع التعليم مع أزمة كورونا؟
بعد انتشار وباء فيروس كورونا كالنار في الهشيم، وبعد حصده لآلاف الأرواح في أنحاء العالم كافة، أوقفت المدارس العمليّة التعليميّة الوجاهيّة، وأصبح التعليم الإلكتروني هو الأساس في العمليّة التعليميّة، فوجد الطلاب والمعلمون أنفسهم يتصارعون مع تقنيّة تدريسيّة غير مألوفة، وربما واجه الكثير منهم صعوبة في التعامل معها، لكنها كانت الطريقة التعليميّة الوحيدة المتاحة لاستمرارالتعليم دون أن يتضرر الطلاب أو المعلمين.
وعلى الرّغم من أنّ استخدام الإنترنت في العمليّة التعليميّة ليس وليد اليوم بل يعود إلى سنين طويلة سابقة، لكن في ظلّ أزمة كورونا توجّهت أغلب المؤسسات التعليميّة نحو التعليم الإلكتروني بديلًا مناسبًا للعمليّة التعليميّة لا مساعدًا فيها ومساندًا لها، وزاد بشكل ملحوظ استخدام تطبيقات الفيديو عبر الإنترنت، وأصبح عقد الاختبارات وكتابة وتصحيح الواجبات المدرسيّة يتم عبر المنصة الإلكترونية.
وحتى امتحانات شهادة الثانويّة العامة أصبحت تُعقد إلكترونيا، واستخدمت الوزارة العديد من التطبيقات الحديثة مثل رسائل البريد الإلكتروني وتطبيق الواتساب لحل الواجبات والدروس، وأنشأت مجموعات تجمع بين المعلمين والطلاب ليبقوا على تواصل دائم مع بعضهم فيما يخص الاختبارات والشروحات والعلامات والواجبات والتقييمات.
والتعليم الإلكتروني لم يقتصر على الدول المتقدّمة، بل حذت الدول النّامية حذوها في استخدام التعليم الإلكتروني، وعلى الرّغم من وجود فجوة بين التعليم الوجاهي والتعليم الإلكتروني إلا أن التعليم الإلكتروني كان أفضل الوسائل المتاحة وأكثرها أمنًا لإيصال المعلومات إلى الطالب وبقاء التعليم مستمرًا.
وقد أعطى القطاع التعليمي ممثلًا بوزارة التربية والتعليم المعلمين الدورات التدريبيّة التي تساعدهم على التعليم الإلكتروني للطلبة وإيصال المعلومة المفيدة للطلاب بأسهل الطرق، وطوّرت الوزارة منصات تعليميّة تفاعليّة، وحسّنت المحتوى وطرق تقديمه، ليتسنّى للمعلم توظيف التعليم الإلكتروني داخل الحصة الصفيّة.
طورت الوزارة أيضًا البرامج التدريبيّة متعددة الوسائط للمعلمين حرصًا من الوزارة على التنمية المُستدامة، وعدّلت أُسس الرسوب والنجاح بما يتناسب مع التعليم عن بُعد، وخصصت قنوات تلفزيونيّة وقنوات راديو لتقديم الحصص الدراسيّة وتغطية المناهج، ونجحت وزارة التربية والتعليم أيضًا بعقد امتحان التوجيهي باستخدام الأسئلة الموضوعيّة.
أحدث التعليم الإلكتروني ضغطًا على المعلم، ووقعت على عاتقه مسؤوليّة التنويع في وسائله التعليميّة وتغييرها خلال الشرح للطلاب لتغطية احتياجاتهم المختلفة وكي لا يصيبهم الملل والضجر خلال عملية الشرح، فتركيز المعلم على التحدّث من طرفه كل الوقت قد يكون مناسبًا داخل الغرف الصفيّة، بينما لا تكون هذه الطريقة ناجعة في التعليم عن بُعد.
كان هناك تحديًا كبيرًا واجهته وزارة التربية والتعليم أثناء التعليم الإلكتروني في ظلّ جائحة كورونا فيما يخص توفّر أجهزة إلكترونية وشبكة إنترنت قوية وحزم إنترنت، فقد يتوفّر لدى الطالب أو المعلم جهاز إلكتروني، لكن في نفس الوقت قد لا تتوافر لديه خدمة الإنترنت طوال الوقت، أو قد تكون الخدمة بطيئة ومتقطعة، أو تكون حزم الإنترنت غير كافية لإتمام متابعة المواد الدراسيّة جميعها.
كان هناك عدم مساواة في قدرة التلاميذ على الوصول إلى مواد التعلّم عن بُعد، فقد وجد آلاف الطلاب المتأثرين بإغلاق المدارس، ممّـن يجابهون مصاعب التعلّم عن بُعد، سيما الطلاب في المناطق النائية، فقد عانوا في هذه المناطق من صعوبة الوصول إلى الأدوات والتقنيات التعليميّة الحديثة، ربما لعدم توفّر الأدوات من أجهزة التلفزيون والكمبيوتر والهواتف الذكيّة، وفي بعض الأحيان إذا توفرت هذه الأدوات قد لا يكون هناك اتصال بالإنترنت، فخدمات الاتصال ضعيفة في تلك المناطق.
والمشكلة الأخرى التي عانت منها المناطق النائية في التعليم عن بُعد هي عدم توفّر التيار الكهربائي، وعدم وصوله لبيوت بعض المناطق الأشد فقرًا، فحاولت الوزارة حصر المشكلة وتحديد المناطق النائية والبعيدة التي لا تصلها الخدمات، بالإضافة إلى توفير الوزارة أجهزة كمبيوتر محمولة للمناطق التي لا النائية وتوزيعها على فئة الطلاب المحرومين من التعليم عن بُعد، ورغم ذلك لم تحلّ المشكلة جذريًّا، وعانى طلاب كثر من التعليم عن بعد، فبعضهم انخفض تحصيله الدراسي.
الخاتمة: كيف ترى مستقبل التعليم في ظل أزمة كورونا؟
في ظل استمرار تأثير جائحة كورونا سيستمر التعليم عن بُعد، وربما ستعتمد أغلب الدول على التعليم عن بُعد أو تدمجه مع التعليم الوجاهي حتى بعد انتهاء الجائحة، لكن يبقى مستقبل التعليم ضبابيًا وغير واضح، ويبقى موضوع عودة الطلاب إلى مدارسهم مرتبطًا بانتهاء الجائحة والسيطرة على نسب الإصابة، بالإضافة إلى توسيع دائرة التطعيم بعد اعتماد اللقاحات من منظمة الصحة العالمية. وتبقى أعين الطلاب وذويهم تترقب القرار الذي ستصدره وزارة التربية والتعليم للعودة إلى التعليم داخل المدارس، ولعل الأمر مرتبط بمدى التزامنا بارتداء الكمامة والامتثال للتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة فيما يتعلق بفيروس كورونا للتغلّب على المرض والتخلص منه.