محتويات
المقدمة: المرافق العامة للجميع فلا تخرّبها
المرافق العامة هي عبارة تطرق آذان الأطفال من آبائهم وأولياء أمورهم عند خروجهم من المنزل وكيرًا ما يقرؤون التنبيهات عليها، ومن ضمنها الابتعاد عن تخريب المرافق العامة. ولكن ما هي المرافق العامة؟ إنّ المرافق العامة هي كلّ ما تبنيه الدولة وتكون ملكًا للجميع دون أن يختص ذلك بفئة معينة من النّاس ولا يُنظر إلى مستوى الفئة المستخدمة لتلك المرافق لأنها ملك لكل الشعب، الغني والفقير، السيد والخادم؛ لذلك تُشكّل المرافق العامة أهمية كبيرة في تحسين مستوى حياة الناس.
العرض: الممتلكات العامة مسؤولية مجتمعية
الممتلكات العامة هي المرافق التي يستفيد منها النّاس كافة دون أن يكون لأيّ شخص الحقّ في احتكارها أو استثمارها، مثل المقاعد التي تكون على مواقف الباصات فيجلس النّاس عليها ريثما يأتي باصهم المُحدّد فيركبونه، أو الأسوار التي تُبنى حول الحدائق والغابات والتي تعرش عليها الأوراق الخضراء في منظر بديع تُزهر النفوس عند رؤيته، أو حتى أعمدة الإنارة التي يستفيد النّاس منها في إضاءة الطريق حتى لا يكون مظلمًا على المار والسيارات، كل ذلك من المرافق التي أُمر الإنسان بالمحافظة عليها وله الثواب في ذلك.
أمّا أنواع الممتلكات العامة فهي كثيرة؛ فمنها الأرصفة التي تبنيها الدولة للمشاة والتي لا بدّ منها من أجل المحافظة على حياة الإنسان من السيارات السريعة فهو مكان آمن للمشي، والحدائق التي تبنيها الدولة ويستطيع أن يدخل إليها مَن شاء وقتما شاء دون دفع أي مبلغ من المال، والصنابير التي يتدفق منها الماء البارد في الطريق والتي تنتشر في المناطق التي تعاني من ارتفاع في درجات الحرارة، كل ذلك يُعد من المرافق العامة التي تقع على الإنسان مسؤولية الحفاظ عليها والانتباه إليها حتى لا يُقدم أحد على تخريبها أو إيذائها.
إنّ المرافق العامة تسهم بشكل أو بآخر في تحسين صورة الدولة التي تهتم بمثل تلك الأمور، وهي حقيقة ما صارت تتفاضل الدول بها، خاصة تلك الدول الناشئة التي تبحث الآن عن موقع تثبت به نفسها بين البلدان المتقدمة، ولا بدّ أن يكون الشعب واعيًا إلى تلك المسألة ويهتم بالمرافق العامة ويُحاول أن يحسن صورتها فينظر إلى الشارع وما به من المرافق كما ينظر إلى بيته، وحريّ بالمواطن الصالح الالتزام بالمحافظة على هذه المرافق العامة، والالتزام بالآداب العامة التي تحض على المحافظة على ممتلكات الطريق، فلا يُقدم على كسر شجرة ولا تحطيم زجاج ولا يتسبّب في هدم ما تعبت الحكومة في تعميره.
قد يجهل بعض النّاس كيف يُحافظون على الممتلكات العامة، ولا بدّ من التوعية في ذلك المجال من خلال نشر الحملات الإعلانية التي تحضّ على ذلك الفعل ونشر الصور على الجدران بطريقة مرتبة، حيث يتعلم الأطفال منذ صغرهم أهمية ذلك الفعل، فلو دخل الإنسان حديقة عامة فليس من اللائق أن يأكل أنواعًا من الطعام ثم يرمي فضلاته على الأرض، فهو بذلك يسيء إلى البيئة فضلًا عن إساءته للمرافق العامة التي يجدر أن تكون حقًا للجميع، عدا عن الحفاظ على الطريق وعدم نثر الأذى فيه الذي يفسد الأمان على المارة.
إنّ التوعية بالمحافظة على الممتلكات الاجتماعية هو أمر من الأهمية بمكان؛ إذ لا بدّ أن يعرف كل فرد من أفراد المجتمع بخطورة ذلك الأمر وأهميته في آن معًا، والأطفال هم الفئة الأقدر على التأثير بالمجتمع؛ وذلك لأنّه جيل المستقبل الذي يُعوّل عليه بناء الوطن والاهتمام فيه، والطفل الذي يحافظ على الممتلكات العامة يكون قدوة للكبار حين يخجلون على أنفسهم أن يكونوا مخربين بينما يكون الطفل هو المصلح، إنّ تلك الممتلكات مرآة للشعب بأخلاقه وأفكاره؛ لذلك لا بدّ من أن تظهر أنيقة نظيفة حتى تعكس الأناقة النفسية والفكرية لذلك الشعب.
الممتلكات العامة هي مسؤولية كل إنسان يعيش على أرض تلك الدولة، سواء كان من أبناء شعبها أم لم يكن، فكل إنسان لا بدّ أن يكون رقيبًا على نفسه فيهتم بالممتلكات العامة وينهى الناس عن تخريبها، "من رأى منكم منكرًا فليغيرْه بيدِه، فإن لم يستطعْ فبلسانِه، فإن لم يستطعْ فبقلبِه، وذلك أضعفُ الإيمانِ"،[١] فلا بدّ لكل إنسان من أن يحمل في دواخله مسؤولية التغيير ويُحاول أن يكون تلك اليد البيضاء التي تسعى دائمًا لنشر الرحمات على هذه الأرض، ومحاولة الارتقاء بالمجتمع الإنساني ليكون سيدًا محافظًا على مسؤولياته مؤديًا لها.
إنّ صور تخريب الممتلكات العامة كثيرة تتمثّل بأكثر من وجه وأكثر من طريق، منها أن نشوّه جدرانها بالكتابات التي لا تنمّ على أدب أو تربية مهما كانت تلك الكتابات، ومنها أن نتركها قذرة وكانت كانت نظيفة، ومنها أن نتسبب بتلفها وأذاها بكثير من الطرق مثل: التكسير أو الخلع أو أيًّا كانت الطريقة، فطرق الأذى والإتلاف كثيرة ويمكن لبضع دقائق من التخريب أن تتسبّب بإتلاف جهود استمرّت لسنوات، فمن هنا ينبغي لنا الحفاظ على الممتلكات العامة وعدم التسبب لها بأذى سواء كان كبيرًا أم صغيرًا، فهي ملك للجميع.
الخاتمة: الحفاظ الممتلكات العامة ضرورة أخلاقية
تبرز أهمية المحافظة على الممتلكات العامة من كونها مالًا لجميع الناس لا يختصّ به أحد بعينه، فالممتلكات العامة لها من الأهمية ما لبيوتنا وممتلكاتنا الخاصة مثل: البيت والسيارة والدراجة الهوائية والمكتب الخاص بنا للدراسة، وقد بذلت الدولة كثيرًا من الجهد لبناء هذه المرافق والممتلكات العامة، وقد تعب لبنائها كثير من الرجال منهم الكهل ومنهم الشيخ حتى تكون هذه الممتلكات بأفضل صورة ممكنة، فنحن عندما نحافظ عليها فإنّ الذي يدفعنا إلى ذلك هو الواجب الأخلاقي المتمثل باحترام الآخرين وعدم إضاعة جهدهم.
المراجع
- ↑ رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 460، صحيح.