محتويات
المقدمة: التضامن جسد المجتمع
التضامن جسد المجتمع وأساس تطوره ونموّه، فالتضامن يحمل في طياته الكثير من الأشياء التي تُحافظ على توازن المجتمع وتمنعه من الانهيار؛ لهذا لا بدّ من الحرص على أن يكون جميع الأفراد متضامنين فيما بينهم، ويحرصون على التكافل والتعاون في جميع أمور الحياة.
وذلك لأنّ الآثار الإيجابية للتضامن تلقي بظلالها على الفرد والمجتمع بأكمله، وتجعل منه مجتمعًا مستقرًا فيه أشخاص يحبون بعضهم بعضًا ويحرصون على أن يصلوا إلى التميز والتفرّد؛ لهذا لا بدّ من التأكيد على أهمية التضامن واتخاذه كمنهج حياة دائم.
العرض: التضامن بوصلة لمستقبل مثمر
التضامن مهم جدًا في مراحل الحياة، فهو مهم في الوقت الحاضر لأنّه يؤسّس للمستقبل ويبني القواعد التي تجعل المجتمع يقوم على أساس ثابت لا يهتز أبدًا، خاصة أن في الاجتماع قوة، وفي الفرقة ضياع، أما التضامن فهو الذي يصنع الكيان للدولة والفرد والمجتمع فلا يتمكن أي شخص من زعزعة قوته.
لهذا علينا جميعًا أن ندرك أهميته، وأن نسعى لأن يكون طريقتنا في التعامل مع بعضنا بعضًا، وألا نحاول أبدًا تجاهل أهميته أو تهميشه، لأنّ من يجرب التضامن في حياته اليومية سواء في البيت أم في العمل أم حتى في حياته الاجتماعية يعرف الحقيقة المطلقة التي تجعل الدول المتضامنة معًا هي الدول القوية المتقدمة التي تقف في مصاف الدول المتطورة.
التضامن هو أساس الانتصار وتحقيق النجاحات والوصول إلى الأهداف، ونستطيع من خلاله أن نُحقّق ما نريد، وأن يكون في اتحادنا قوة، ونتجنب الضعف والضياع، وأن يكون كلّ شيء نقوم به مبنيًا على أساسٍ واحد هو التعاون الذي يخلق سرعة في الإنجاز وقدرة على القيام بأي شيء مهما كانت الصعوبات كثيرة.
فالتضامن يخلق حالة من الحماس وقدرة كبيرة على اختصار الوقت والجهد وتجاوز جميع الأزمات التي من الممكن أن تعترض طريق التضامن، وهذا يشجعنا على أن نسلك دربه، ونعلّم أبناءنا أن يكونوا متضامنين فيما بينهم، والأمثلة على هذا كثيرة منها أمثلة صغيرة على مستوى الأفراد، ومنها أمثلة كبيرة على مستوى الدول العظمى.
يوجد العديد من صور التضامن التي يمكن تعميمها والعمل على تشجيع الناس على ممارستها، فمن الممكن أن نتضامن معًا لتنظيف شوارعنا وحدائقنا من الأوساخ، ويمكن أن نتضامن للحفاظ على البيئة قدر الإمكان، ومحاربة الآفات المجتمعية المختلفة مثل التدخين.
كما يمكن أن نتضامن معًا في أن يُساعد الأغنياء الفقراء ويقفوا معهم لأجل تجاوز حاجتهم وقضائها، ويمكن أن نتضامن معًا كزملاء في الدراسة بأن يقدم أحدنا للآخر ما يحتاجه من معلومات دراسية إذا كان يجهلها، وهذا كله يساعدنا على المضي قدمًا في سبيل التطور والازدهار، سواء أكان على المستوى الشخصي أم الاجتماعي، وهذا كلّه أيضًا تعمّ فائدته على جميع أبناء المجتمع.
التضامن يعني أن نضع أيدينا بأيدي بعض، وأن تكون قلوبنا مجتمعة غير متفرقة، ونحب لبعضنا الخير ولا نسمح لأي عدو أن يكون مكانًا بيننا، وأن نواصل الاهتمام بكلّ ما يعود بالفائدة على الجميع، وأن نحرص على التعاون والتكاتف.
فالتضامن هو السرّ وراء تحقيق الانتصارات العظيمة، ولولاه لما كان للحياة معنى؛ لأنه يرسم خريطة الحياة بإتقان ويجعل من الصعب سهلًا، كما أنّ الله تعالى أمر عباده المؤمنين بأن يكونوا متعاونين على الخير ومعتصمين بحبل الله، يجمعهم التضامن الذي يكون على مبدأ بحيث يكون هذا المبدأ هو أساس الخير الذي يجمع القلوب معًا، فالتضامن إن لم يكن على أساس ثابت لا يمكن أن يستمر أبدًا.
أهم ما يجب أن يتصف به التضامن أن يكون مبنيًا على الثقة بين الأشخاص المتضامنين، وأن يكون مبنيًا على الصدق والنية الطيبة الصادقة التي ليس فيها أيّة محاولات غدر أو تصنع، فالحياة دون تضامن لا معنى لها أبدًا، وإنما هي حياة بالية يقضيها الإنسان وحيدًا لا يعرف كيف ينجز المهام المتراكمة عليه.
فالتضامن يعني أن تكون أرواحنا وقلوبنا متصلة معًا على الحق والخير والتكافل الاجتماعي وصلة الرحم، فهذه كلها من صور التضامن، حتى إنّ الجهاد لإعلاء كلمة الله ضد الشر هو نوع من التضامن لأنه يجمع الناس على هدفٍ واحد وهو إعلاء كلمة الله تعالى، وينطبق هذا على الكثير من الأشياء التي نراها في حياتنا اليومية.
على كلّ أم وأب، ومعلم ومعلمة أن يعلموا أبناءهم أهمية التضامن، وأن يبينوا لهم الفرق بين المجتمعات التي تضع يدها في يد أبنائها وبين المجتمعات المفككة المتفسخة التي لا وجود للتضامن والتعاون والتكافل فيها، وهذا ستنعكس آثاره على الحياة بشكلٍ كبير، ليجد كل شخص نفسه محاطًا بأشخاص آخرين يحبون له الخير ويساعدونه على قضاء حوائجه مهما كانت صغيرة.
ويجد نفسه أيضًا قد حقق انتصارات كبيرة دون جهدٍ كبير؛ لأنّ هناك أناس يساعدونه ويمدون له يد العون ويتضامون معه ومع قضاياه، ومن واجبنا جميعًا أن نتضامن مع الأشخاص المظلومين وقضاياهم، وأن نسعى لإحقاق الحق وإظهاره والتخلص من الظلم والغدر والخيانة، فالتضامن أساس القوة والانتصار.
الخاتمة: التضامن يصلح في كل مكان
في ختام هذا المقال، يجب أن نلاحظ أنّ التضامن يصلح في كلّ مكان؛ إذ يصلح أن يكون بين الفرد ونفسه حين يُقوّي نفسه ويشدد من أزرها، كما يصلح أن يكون ضمن الأسرة الواحدة بأن يزرع الآباء حب الاجتماع والتضامن بين أبنائهم، ويصلح أن يكون في العمل وفي أيّ مكان يخطر على البال.
كما يمكن أن يحقق التضامن في المدرسة فائدة عظيمة، فالتضامن هو المفتاح السحري لحلّ معظم المشاكل؛ لأنه يسهل حياة الناس ويجعلها أكثر سلاسة، ويجعل من الحياة مكانًا أكثر رحابة وقدرة على الإنجاز والتقدم.