تعبير عن الصحافة المكتوبة وأهميتها

كتابة:
تعبير عن الصحافة المكتوبة وأهميتها

دورية لا تتأخر

للصحافة المكتوبة مكانة كبيرة في جميع البلدان؛ لهذا لا يمكن الاستغناء عن وجودها أبدًا أو إيقاف طباعتها على الرغم من وجود الصحافة الإلكترونية والمتلفزة، والتي حلت محل الصحافة المكتوبة بشكلٍ كبير وحجّمتها بعض الشيء، لكن هذا لم يمنع من الاستمرار بطباعة الصحف الورقية؛ لأنّ لها مكانة تاريخية كبيرة في نفوس الشعوب، كما أنها استطاعت إحداث تأثير كبير على الكثير من المجتمعات، وأسهمت في بناء المعلومات الثقافية والعلمية لدى أجيال كاملة، وهذا ما زاد من أهيمتها في أذهان الناس.

يوجد الكثير من المؤسسات الصحفية العريقة والمتوزعة حول العالم، إذ في حقبة من الزمن كانت الدول تفتخر بالصحافة المكتوبة التي تصدر عنها، وتعتبر المنبر الإخباري الأول، والمرجع الأول لجميع فئات الناس كي يصلوا إلى معرفة ما يريدون من خلالها؛ حيث كانت تنشر فيها الأخبار أولًا بأول مع تفاصيلها، إضافة إلى المنابر الثقافية والعلمية والطبية، والرائع فيها أنّها صحافة دورية تُحافظ على إصدارها بانتظام في جميع الأيام حتى في أيام العطل الرسمية؛ لهذا لا يمكن أن تتأخر يومًا على قرّائها.

يوجد للصحافة المكتوبة ذات الصفة الدورية العديد من القراء الثابتين مهما تغيرت الأيام، وهذا بدوره أسهم في استمرارها عبر الزمن رغم جميع الظروف والمتغيرات والتحديات التي واجهتها، إذ بقيت صامدة إلى اليوم، تنشر بالطريقة نفسها، وتُحاول أن تُحافظ على الطابع الخاص بها.

رائحة الورق تذكر بالتاريخ

ما تزال الصحافة المكتوبة مُحافِظة على المتعة الكبيرة التي يجنيها القارئ منها؛ إذ إنّ رائحة الورق التي تفوح منها تجعلنا نسرح في البعيد ونستلهم الكثير من الكلمات والعبر، ونُحافظ على تراثنا الأصيل ونستذكر الكثير من الأحداث التي ربطتنا بها، كما أنّ الصحافة المكتوبة تمنحنا إحساسًا بالهوية، وتُعطينا التجدد والطاقة اللازمة للقراءة، خاصة عندما نمنح أنفسنا طقوسًا رائعة لقراءة صفحاتها، فالبعض يقرأ أوراق الصحافة ويقلبها كما لو أنه يقلب صفحات كتابه المفضل، فيجني الكثير من الجمال.

رائحة الورق التي تنبعث من أوراق الجرائد بصفتها صحافة مكتوبة تذكر بالتاريخ الجميل، وهذا يعطينا إحساسًا عميقًا بالحب والانتماء والولاء، ويجعلنا نفكر بكلّ الأخبار التي نقرأها بين هذه الأوراق ونشعر بذات الإحساس في كلّ مرة، وعلى الرغم من أنّه إحساس واحد إلا أنه متجدد المعاني؛ لهذا لا يُمكن للصحافة المكتوبة أن تفقد قيمتها عبر الزمن، ولا يمكن أن تتعرض للبوار أو نستثني وجودها من يومياتنا لأننا نرتبط من خلالها بالكثير من المناسبات الجميلة التي عشناها معها، والكثير من الذكريات الرائعة.

الرائع في قراءة الصحافة المكتوبة هو أننا نستطيع أن نحتفظ بأي جزء قرأناه وأعجبنا، ونستطيع أن نحتفظ بإحساسنا الذي يتبادر إلى أذهاننا ونحن نقرأ فيها زاويتنا اليومية المفضلة أو نتابع الصفحات الرياضية والثقافية والعلمية، أو ونحن ننتظر قراءة المقال اليومي لكاتبنا المفضل، إنها متعة عظيمة لا يمنحنا إياها إلا الصحافة المكتوبة.

لكلًّ عيوب والعيوب لا تطمس المزايا

على الرغم من العيوب التي يقول الكثير من الناس أنها موجودة في الصحافة المكتوبة ويصفونها بأنّها أصبحت جزءًا من الماضي، وأنّها لم تعد ملائمة لهذا العصر، إلا أنّ هذه الصحافة لا زالت تحتفظ بالعديد من المزايا التي لا تُشبه أيّ مزايا أخرى، فالإحساس الذي ينتابنا ونحن نقرأ فيها لا يشبه إحساسنا ونحن نتابع الأخبار عبر شاشات هواتفنا أو شاشات أجهزة الحاسوب، خاصة أنّ شبكة الإنترنت قد تتعرض للخلل فننحرم من متابعة الأخبار.

كما أنّ عيوب الصحافة المكتوبة والتي يعتبر البعض أنها طريقة بدائية في نقل الخبر لا يستطيع طمس حقيقة أنها طريقة يمكن الاحتفاظ بها كمرجعٍ لنا في أي وقت؛ إذ لا يمكن تغيير المكتوب في الصحافة الورقية بعد أن تتم طباعتها وتوزيعها، كما لا يمكن الادّعاء بعدم نشر شيء ما.

والمزايا الموجودة في الصحافة المكتوبة تلائم الأشخاص الذين لا يحبون استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب للقراءة، وهي أيضًا مريحة للنظر ولا تسبب آلامًا في العيون، ولا تسبب تعرضنا للأشعة الضارة ونحن نقرأها.

تتيح لنا الصحافة المكتوبة مراجعة الأخبار والتأمل فيها وتحليلها وإطلاق حكم عليها، وهذه ميزة إضافية تنضم إلى الميزات الكثيرة لها، على عكس الصحافة الإلكترونية التي تتبدل سريعًا بسبب التحديثات المستمرة؛ لهذا تخلو الصحافة الإلكترونيّة من عنصر التشويق الذي تمنحنا إياه الصحافة المكتوبة.

الصحافة المكتوبة ثقافة بين يدي الجميع

في الختام، لا بدّ من الإشارة إلى أهمية الصحافة المكتوبة في تكوين ثقافة أفراد المجتمع؛ إذ من السهل الاحتفاظ بها بين رفوف المكتبات واعتبارها مرجعًا لمن يقتنيها، على عكس الصحافة الإلكترونية المعرضة للضياع، وهذا ما يجعل للصحافة المكتوبة مكانة ثابتة ومرموقة؛ حيث لا يمكن الاستغناء عنها أبدًا، وفي الوقت الحاضر أصبح الاتجاه نحو الحفاظ على الصحافة المكتوبة باعتبارها مرجعًا ثقافيًا أمرًا لا بدّ منه.

إنّ الكثير من الصحف ظلت ثابتة في مستوى الطباعة والنشر وظلّ لها زبائنها وقراءها الذين لا يتخلون أبدًا عن قراءتها يوميًا، وهذا يعني أنّ ثقافة المجتمع القديمة والحديثة مبنية على ما يقرأه أفراد المجتمع في الصحف اليومية؛ إذ إنهم يأخذون الأخبار والمعلومات منها وتُكوّن لديهم إمكانية قراءتها في كلّ وقت والرجوع إلى تفاصيلها وتفاصيل الأخبار والمواد المنشورة فيها مهما طال الزمن؛ لهذا فإنّ الصحافة المكتوبة مرآة المجتمع التي لا يجوز التخلي عنها أو إيقافها.

في الوقت الحاضر يوجد المئات من الصحافة المكتوبة التي تعمل كشركات صحفية كبرى محافظة على مكانتها ووجودها، حتى إنّ الكثير منها مدعوم من الحكومات ومؤسسات الدولة كي يبقى اسمها موجودًا كواجهة إخبارية صحفية للدولة، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أهمية الصحافة المكتوبة ودورها المحوري في تثقيف الأجيال، ولأنها ذات قيمة تاريخية عريقة لا يجوز إغفالها أو تهميشها أو الاستغناء عنها.

5740 مشاهدة
للأعلى للسفل
×