تعبير عن الصداقة كنز لا يفنى
إنّ قيمة الحياة وثروتها الحقيقيّة تتمثل بما يشكِّلُهُ الإنسان حوله من علاقات إنسانيّة حقيقية طيلةَ أيّام حياته، فالإنسان مجبول على التخاطر مع الإنسان والتشارك معه في جميع نواحي الحياة، ومن هنا ظهرت الروابط الإنسانيّة المختلفة التي يتعايش بها الفرد في مختلف المجتمعات الإنسانية، فهناك رابطة الدم، ورابطة النّسب، ورابطة المصاهرة، ورابطة الرضاعة، ورابطة الزمالة في بيئة العمل، ورابطة الصداقة التي قد يشكلها الإنسان مع من حوله في بيئة المدرسة، أو في الحي السكني الذي يعيش فيه، أو من خلال المناسبات الاجتماعية التي يجتمع فيها الناس فيتعرفون فيها على بعضهم البعض.
والصداقة كنز لا يفنى شريطة أن تكون هذه الصداقة التي يشكّلها الإنسان مع الآخر صداقة حقيقية، ويلزم هذا تعبير عن الصداقة فالصديق ليس إنسانًا عابرًا يلقي السلام على من حوله ويكمل حياته بعيدًا عنهم، بل الصديقي الحقيقي هو صديق الموقف الذي يجعل الإنسان يشعر بقيمته الحقيقية في هذه الحياة من خلال المواقف التي تصدر عنه إزاء ما يمر به الإنسان في حياته من أفراح أو أتراح، فمن خلال الصداقة الحقيقية يقتسم الإنسان لحظات السعادة مع من يحبهم من أصدقائه، ليشعر معهم وكأنه اكتنز بالفرح وأصبح أسعد أهل الأرض، وفي لحظات الحزن يقف الصديق إلى جانب صديقه ليخفف عنه وطأة الشعور بالضنك من خلال الكلام الطيب، والشعور الصادق، والوِقفة الحقيقية التي لا ينساها الإنسان طيلة حياته.
وعلى النقيض تمامًا فإن الصداقة السيئة تعتبر دوامة للمهالك التي قد تجر الإنسان إلى ما لا يستطيع الخلاص منه طيلة حياته، فصحبة السوء تجعل الإنسان يقبل على ما فيه الشرّ لنفسِه وللآخرين، فيبدأ صديق السوء بجر صاحبه إلى الملهيات عن الخير والطاعة، بل قد يصل به الأمر إلى دفعه إلى تجربة بعض المنكرات والمهلكات للبدن والروح، كالمواد المسكرة والمخدرات التي تودي بصاحبها إلى الدمار النفسيّ والجسديّ، وعليه ينبغي على الإنسان أن يراعيَ الصداقات التي يتخذها في حياته، وأن ينتقى الأصدقاء المقربين منه بعناية شديدة، لأن الصاحب ساحب فإما أن يقود صديقه إلى الخير فتصبح حياته مفعمة بكل ما هو خيِّر، وإما أن يقود صاحبه إلى الشر والمفاسد، فتصبح حياته مليئة بالتعاسة والشقاء.
ويجب على الإنسان أن يواظب على الاهتمام بأصدقائه، وألّا ينقطعَ عنهم؛ لأنهم قد يكونون بحاجة إليه في بعض المواقف، كما يجبُ على الإنسان أن يكون متوازنًا حتى في علاقاته مع أصدقائه، بحيث لا تؤثر صداقاته على ما يمكن أن ينجزه في حياته، فالعديد من الأصدقاء يضيعون أوقات بعضهم دون شعور بذلك، وهذا ينعكس على مستقبلهم جميعًا، على عكس بعض الأصدقاء الحقيقيّين الذي يسعون إلى مَلء حياتهم وحياة من يحبونهم بكل ما فيه الخير والنفع كتقديم النصح والإرشاد، ودعوتهم إلى زيادة الحصيلة العلمية أو التوسع في القراءة الخارجية من أجل صقل شخصياتهم وزيادة تأثيرهم الإيجابي على أنفسهم ومجتمعاتهم.