تعبير عن الطموح والإرادة

كتابة:
تعبير عن الطموح والإرادة

ما معنى أن يكون الإنسان طموحًا؟

الطموح هو الحياة، فلا يمكن لشخص غير طموح أن يعيش حياة حقيقية، فلولا الطموح لما خضنا المعارك ضد الصعوبات، ولولاه لما رضينا عن أنفسنا، والإنسان الطموح، المرتوي أملًا لا يمكن إلا أن يصل إلى القمة مهما بعدت المسافة وطال الانتظار، يقول أبو الطيب المتنبي عن الطموح:[١]


إذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ

فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ

كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ



لا يعني أن تكون طموحًا أن تتغنى بطموحاتك أو أن تكتبها وتقرأها لأصدقائك وأهلك، فالطموحات ليست كلامًا يكتب أو شعرًا ينظم، إنما هي أعظم من ذلك، فتعني أن يكون لدى الإنسان أهداف يسعى إليها بكل طاقته، وأن يعيش الإنسان كل أيامه على أمل أن يحققها، وكلما وصل إلى منزلة أراد الأعلى منها، فيصعد على جبل أحلامه حتى يصل إلى القمة دون كلل أو ملل.



حتى يصل الإنسان إلى القمة عليه أن يجعل سقف طموحاته مرتفعًا جدًا، لأن الإنسان يسعى دومًا لأن يكون مميزًا، فلا يعقل أن يطمح لأن يدرس في الجامعة، أو أن يعمل بعد الدراسة، لأن هذه أمور عادية كل شخص في هذا العالم يستطيع القيام بها، فهي وسيلة بدائية حتى يحقق الذي يريد، فالطموحات تأتي في الدرجة الثانية، وهنا يأتي السؤال: ماذا أريد بعد ذلك، هل حقًا هذا كافٍ، هل أنا وصلت إلى ما أريد؟



أمّا عن صفات الشخص الطموح فهي تكون داخلية، فلا نراها وإنما نرى أثرها، وأهمّ هذه الصفات أن يمتلك قوة وعزيمة وإرادة كبيرة، وهذه الإرادة تنبع من القلب ومن داخل الإنسان، فيحفز نفسه بنفسه، ويملأ قلبه أملًا، وقد تفتر وتضعف همة الإنسان، فيصل إلى مرحلة يشعر فيها أنه ممتلئ بالطاقة السلبية، ولكنّه سرعان ما يعيدها بشكل أكبر، وبقوة أكثر.



من صفاته أيضًا، الثقة بالنفس، فحتى يصل الإنسان إلى ما يطمح به ينبغي عليه أن يثق بنفسه وبقدرته على الوصول والنجاح، فما فائدة الطموح إن لم نكن نثق بأنفسنا؟ فسيبقى الطموح كلامًا نردد دونما أية فائدة، إنّ عدم الخوف من الفشل والرغبة في النجاح من أهم صفات الشخص الطموح، حيث إن الشخص الذي لا يخاف من الفشل هو الذي سيصل، لأنّه لا يُمكن أن يكون هناك نجاح دون فشل أو حتى التجربة، وينبغي عليه أيضًا أن يبتعد عن المحبطين، وكل من يحاول أن يبث فيه طاقة سلبية، فلا هو يراهم ولا هو يسمعهم، وكلامهم بالنسبة له هباء منثورًا.



أخيرًا، فإن الشخص الطموح هو الذي يقف صامدًا أمام كل عقبات الحياة، فعنده طموحات لا تنضب، يسعى إليها يومًا بعد يوم.

ما أهمية الإرادة في تحقيق الطموح؟

إن الإرادة والعزيمة، هما اللذان يدفعان الإنسان للوصول إلى قمة النجاح، حيث إنّ قوّة الإرادة والعزيمة تجعل النفس مليئة بالأمل، وإذا امتلأتِ النفس البشريّة بالأمل أصبح كل شيء أمامها سهلًا، فلا شيء يصعب عليها بعد ذلك أبدًا، يقول الشاعر أبوالطيب المتنبي عن قوة الإرادة والعزيمة:[٢]


إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ

يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجنُ

فاقصد الى قمم الاشياءِ تدركها

تجري الرياح كما رادته لها السفنُ



إنّ معنى الإرادة يكون في رغبة كل إنسان تجاه ما يسعى إليه، وتكون في قدرة الإنسان على الاختيار بين الشيء الذي يريده، والشي الذي لا يريده، وهي الدافع الأقوى التي تدفع الإنسان، فهي تدفعه ليقوم بالأمور المطلوبة منه على أكمل وجه، وتدفعه إلى أن يعمل ليجني قوته وقوت عياله، تدفعه لأن يرى الجمال في هذه الحياة، ومع أنّها تنبع من قلب الإنسان، إلا أنها تتأثّر بالظروف الخارجية، فيُمكن أن يكون لدى الإنسان دافع قوي ولكن يتأثر بالمحبطين، والعكس صحيح، فقد يكون الإنسان ضعيف إرادة وعزيمة لكن يعينه من حوله على أن يقوّي عزيمته.



هناك ارتباط كبير بين الإرادة والنجاح، حيث إنّ أهمّ عنصر من عناصر النجاح أن يمتلك الإنسان قوة إرادة وعزيمة، فالإنسان ضعيف الإرادة يستطيع أن يطمح كثيرًا، لكنه لن يصل أبدًا ولن ينجح، وذلك لأنّ طريق النجاح ليس مُكلّلًا بالورود، وإنّما هو طريق وعِر مليء بالعقبات، فإذا لم يكن الإنسان يملك طاقة كبيرة وإرادة قوية فسيبقى طموحه لا يتجاوز أوراقه أو دفتر مذكراته، لأنّه كلّما استصعب أمرًا تركه، فيترك كل آماله وأحلامه.



أمّا الشخص قويّ الإرادة والعزيمة، فإنّه سيصنع لنفسه فرصًا للنجاح، فحتى لو أخفق فسيبقى يحمل بداخله أملًا بأن طموحه سيتحقق يومًا ما، وذلك لأن بداخله قوة كبيرة تفيض على أيامه خيرًا فلا يتأثر بالفشل أبدًا، وإنّما يحاول مرارًا وتكرارًا، فالإرادة تصنع المعجزات.



أخيرًا، إنّ الإنسان الذي لا يملك عزيمة وإرادة لا يُمكنه أن يصل إلى ما يطمح به يومًا، وإذا لم يصل الإنسان فستبقى حياته ناقصة، وكلّ يوم يردّد يا ليتني فعلت، ويا ليتني لم أُقَصّر، فلذلك ينبغي عليك أن تجعل قلبك وطنًا للطموحات، رايته قوة الإرادة والعزيمة.


قصة عن الطموح والإرادة

إنّ قصص النجاح كثيرة، ولا نجد ناجحًا إلّا كان عنده قوة إرادة وعزيمة، واجتهد وسعى بكل طاقته ليصل إلى ما يريد، ونذكر من ذلك قصة نجاح الشاب نضال، الذي لم يترك الصعوبات تقف في طريقه أبدًا.



كان نضال شابًا فقيرًا يعيش مع أسرته في أحد الأحياء الشعبية في عمّان، وكانت حياتهم هادئة بسيطة، وقد كان لهم مزرعة صغيرة يقوم عليها والده فيعيله ويعيل أسرته، ولكن ذات يوم ودّع والده الدنيا دون سابق إنذار، ودّعها وترك خلفه أسرة لا معيل لهم ولا سند، ترك خلفه ست بنات وزوجته، وكان نضال هو الابن الوحيد لهذه العائلة، لكنه كان صغيرًا جدًا، لا يتجاوز عمره الخمسة عشر عامًا، لم يقوَ ويشتد عوده بعد.



ما كان من نضال إلا أن لجأ إلى حراثة الأرض التي تركها لهم والده، لكنه لم يقوَ على ذلك ولم يستطع أن يعمل فيها أكثر من شهر، وكيف لطفل صغير مثل نضال أن يقوم بعمل يحتاج إلى جهد كبير كهذا؟ لجأ نضال إلى كل الطرق التي أمامه، لكنه لم ينجح في أي طريق منها، ومع ذلك لم تفتر عزيمته، وإنما واصل السعي ليعيل عائلته.



يقول نضال: بعد أن فشلتُ في العمل في حراثة الأرض، لجأت إلى العمل في شركة، ولكن تم الاستغناء عني بعد فترة وجيزة، كوني لا أستطيع أن أحمل الشركة على عاتقي كما كانوا يتوقعون مني، وعندما لجأت إلى دكّان الحي الذي يعمل فيه صديق والدي، قال لي: "إنّني أحتاج يا بُنيّ إلى شاب قوي يقوم بالعمل لأني كبرتُ في السن ولم أعد أقوَ على ذلك، فقمتُ بالبحث في المنطقة كلّها ولم أجد أحدًا يضم يتيمًا تحت جناحه"، فما كان منّي إلا أن عدتُ إلى صديق والدي وقبّلتُ يده مرارًا وتكرارًا حتى قبلني في العمل."



بدأ نضال العمل في الدكان، ولكنه كان يعمل فوق طاقته ولا يجني إلا القليل من المال الذي لا يكفي احتياجاته وحده خاصة مع غلاء المعيشة، ورغبته في إتمام دراسته، يتابع نضال فيقول: بدأتُ بالعمل في الدكان، وكنتُ أجني شهريًا مائتي دينار، بعمل يُقارب العشر ساعات يوميًا، فكنتُ أعود منهكًا تعبًا فأخلد إلى النوم، ومن ثم أستيقظ باكرًا لأعود للعمل مرة أخرى.



بسبب وجود عائلة كبيرة يجب على نضال أن يعيلها، فكّر كثيرًا في مشروع يعيل عائلته ويكفّهم عن سؤال الناس، ولحسن حظه أن أخواته كانوا قد أنهوا تعليمهم الثانوي، فجمع القليل من المال واشترى موقعًا إلكترونيًا لكتابة المقالات، يقول نضال عندما لم يكفِ المال إعالة أسرتي، اشتريتُ موقعًا إلكترونيًا، وبدأتُ أنا وأخواتي بالكتابة فيه، وظننتُ أنه سيحقق لي أرباحًا كبيرة، لكن مرّت سنة كاملة ونحن نعمل فيه ولم يحقق أي نجاح، ولم يأتِنا أي قرش منه، ولا أخفي عليكم أنني كدتُ أستسلم عدة مرات، ولكن كانت عندي القوة والإرادة والطموح لأرغب بالوصول إلى ما أُريد، فكنتُ أدعم نفسي وأزرع قلبي أملًا بأنني سأنجح ذات يوم.



مرّ على مشروع نضال وقت طويل من النضال والكفاح والسعي، فقد بذل حتى كاد يذبل، لكن وكما أنه لكل مجتهد نصيب، فإنّ نضال له نصيب من تعبه، حيث يمتلك اليوم واحدًا من أكبر المواقع الإلكترونية في الوطن العربي، ويُحقّق أرباحًا كبيرة منه، ويعيش في قصر في أكثر المناطق الراقية في عمان، ويستعد لإتمام نصف دينه.



أخيرًا، يعلّمنا نضال درسًا في الحياة وأنّ الإرادة تصنع المعجزات، وأنّ لكل مجتهد نصيب، ومهما صعُبت الحياة أمامنا فإن الفرج آتٍ لا مَحالة.



لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع تعبير عن النجاح.

المراجع

  1. "إذا غامرت في شرف مروم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2020. بتصرّف.
  2. محمد جاسم، البحث عن الملهمين، صفحة 122. بتصرّف.
9155 مشاهدة
للأعلى للسفل
×