تعبير عن الطيور

كتابة:
تعبير عن الطيور

عالم الطيور

إنّ عالم الطُّيور هو من أكثر العوالم التي حبانا الله إياها جمالًا ورقّةً، فهي تضم الكثير من الخبايا والحقائق المدهشة التي خلقها الله سبحانه وتعالى، فمن الأمور التي استطاع البشر الوصول إليها في عالم الطّيور أن الله تعالى قد خلق أكثر من ألف نوعٍ مختلفٍ من أجمل أنواع الطيور، وقد تنوعت العطايا من الخالق لتلك الكائنات اللطيفة فقد حبا بعضها حنجرةً ذهبيّةً تفوق في جمالها الكثير من موسيقى الآلات والفنانين والفنانات كطير الحسون.


من العطايا التي امتازت بها الطّيور جمال ريشها ورونقها فقد أبدعت يد الخالق فيها، فأصبحت تنافس بألوانها الزّاهية وتنسيق ريشها أعظم عارضي الأزياء ومصمميها كما يُلاحظ هذا في الطَّاووس وغيره، ولن يهمل نوعٌ من الطُّيور اشتُهر بنظره الثّاقب وقدرته على رصد حركة الحيوانات كفريسة له، ومن أغرب أنواع الطيور طير هواتزين والذي يشبه بشكله مخلوقات ما قبل التاريخ، وقد أُطلق عليه العديد من الأسماء كالطائر السحلية والطائر النتن.


ومنذ مدة غير بعيدة علم البشر أن الطُّيور تعيش ضمن جماعات وأسراب كعائلة واحدة يسودها الحب والتّعاون، فهي تحمل الرّحمة في قلوبها بين خافقيها كما البشر تمامًا، كما أنّها قادرةٌ على التّعايش ضمن وسطٍ بيئيّ أراده الله لها، فمنها من يملك ذاك الرِّداء السّميك كطائر البطريق ليكون قادرًا على قهر البرد والتّغلب عليه، ومنها من يملك عنقًا طويلًا بحيث يستطيع الغوص برأسه بين ثنايا الأرض بحثًا عن رزقٍ كتبه الله له كطائر النّعامة، ومنها من اكتفى بالسّير على قدميه وابتعد عن الطّيران كما الدّجاج الذي أراده الله أن يكون متعايشًا مع الإنسان واهبًا إياه لحمه الشّهي وبيضه المغذي.


إنّ عالم الطّيور عالمٌ مليء بالأسرار والأمور الغامضة التي ما استطاعت أنامل البشر الوصول إليها ولا حتّى اكتشاف بعضها، فسبحان من خلق هذا الكون فأحسن خلقه، وسبحان من تشير إلى ملكوته وقدرته تلك الصّفات البديعة في هذا الكون، فما يليق بالإنسان عندئذ إلّا التذسليم لرب الكون والتّسبيح له.


صفات الطيور

تعدُّ الطُّيور من الكائنات المهمة والفعّالة في مملكة الحياة التي خلقها الله تعالى، فتضم هذه المملكة بين جنبيها أغرب أنواع الطيور وأجمل أنواع الطيور وما اكتسبت تلك الغرابة والجمال إلا من صفاتٍ ميّزها بها خالقها عن غيرها من الكائنات، فيمتاز الطّير بريشه اللامع والبراق الذي يغطي سائر جسده والذي يؤمن له الدِّفء، وليس هذا فحسب بل يمتاز بخفّة وزن ذاك الرِّيش؛ وذلك حتّى يتسنّى له الطّيران والتّحليق واسعًا في ملكوت السّماء، كتلك السّمكات الحرّة في برك الماء، ومن الأمور التي تميّزها أيضًا وتساعدها على الطّيران هي قوة أطرافها والتي تمكنها من حملها بعيدًا إلى عوالم قد لا يُعلم عنها شيءٌ بعد، تُرى هل هذه الوظيفة الوحيدة للرِّيش؟


من يعشق عالم الطُّيور وغرابته سيُلاحظ أنّها من الكائنات العاشقة المولعةبالحبّ، على الرُّغم من صغر حجم هذا القلب الذي ينبض بين خافقيها، وبما أنّها من الكائنات العاشقة المحبة فهي دائمًا ما تحاول إيقاع المحبوبة بشراكها وحبائلها، ومن هنا جاء الدّور المهم للرِّيش عندها كنوع من أنواع مغرياتها، فهي تعمد إلى تنظيف ريشها وترتيبه بشكلٍ جذّاب من أجل لفت نظر الأنثى، علّها تميل إليه وتحبُّه كما أحبّها، فيحاول ذاك الطّائر المحب بما حباه الله من صفاتٍ مغريةٍ في ريشه أن يستعرض ريشه لجذب انتباه محبوبته، وكم سيكون سعيدًا لو كُتب له هذا الأمر، ومن الأمور التي تميِّز الطّيور أنّها دائمًا ما تحلق في السّماء على شكل أسرابٍ تحت أمرة قائدٍ يدُّلها وجهتها من غير أن تضل الطّريق.


هنا يجدر الإشارة إلى أنّها كائنات تتّصف بالمحبة والألفة بين أفراد سربها الذي يساند بعضه بعضًا في حال تعب أحدها من الطّيران، على الرُّغم من أنّها تملك جسمًا خفيف الوزن والكتلة من أجل أن تطير عاليًا خاليةً من أي ثقلٍ يبطِئ حركتها أو يرهق كاهلها عند طيرانها، ومن الصّفات التي تميّز هذا الكائن تجدّد نمو ريشه فهو قادرٌ على تبديل ريشه مرتين اثنتين في كل سنة، وما هذا إلا عن طريق مادة الكيراتين التي تدعم ريشه وهي ذات المادة التي تدعم شعر وأظافر الإنسان.


تتصف بيوض الطُّيور بقوة قشرتها وصلابتها ومقاومتها لظروف الحياة، وعلى عكس الطّائر الذي يتّصف بلين ونعومة ريشه، ومن الصّفات التي تحيِّر العقول وتدهش الأذهان هو ذاك المنقار الذي يملكه الطّير، وعلى الرُّغم من خلوه من الأسنان إلّا أنّه قادرٌ على قطع الحبوب الصّلبة مع قدرته على نقر الجذع القاسي للشّجرة والذي استطاع الوقوف شامخًا أمام العواصف والأمطار إلّا أنّه وقف عاجزًا أمام صلابة هذا المنقار الضّعيف، فهذا الكون يشهد على عظمة الخالق الذي جمع في مخلوقاته تلك الأمور المتضادة ما بين لين وقسوة وقوّة وضعف، فسبحان من خلق خلقه وأبدع.


فوائد الطيور

إنّ الحكمة الرّبانيّة لله -سبحانه وتعالى- قد اقتضت أن يكون لهذا العالم الذي أراده الله دورٌ في استقامة الحياة ولا يقل أهميّةً عن أي دورٍ لكائنٍ آخر، وقد أراد الله له أن يكون جزءًا من المنظومة الكونيّة التي أوجدها على سطح هذه البسيطة، فالطيور ليست جميلة وغريبة فحسب، بل مفيدة أيضًا، فهي مصدر مهم من مصادر اللحوم البيضاء، تلك اللحوم الشّهيّة التي تمدُّ الجسم بما يحتاجه من البروتينات، فكم هذا الطّائر يملك خلقًا حسنًا وكريمًا عندما يقدِّم نفسه هديّةً ثمينةً للإنسان، كما أنّه يمدُّ البشر بريشه من أجل أن يصنع منه تلك الوسائد الطّريّة والمريحة، والتي تعطي الرّاحة للإنسان كي ينسج أحلامه وهو مستلقٍ عليها، كما أنّ ريشه من أبهى أنواع الزّينة والتي تعجُّ بها جدران القصور واللوحات الفنيّة.


من الفوائد الجمّة لهم أيضًا هو أنّ كل ما تراه العيون البشريّة من جمال وخضرةٍ في الأشجار، وما يتلذذون به من تناول الثِّمار الشّهية، بالإضافة إلى دورها المهم في نقل حبوب الطّلع من زهرةٍ ووردة إلى أخرى، فالطّائر لا يتنعّم بجمال الأشجار والأزهار فقط بل يساعدها بإرسال حبوب الطّلع كهديةٍ لبقيّة الأشجار كي تنتج ثمرًا لذيذًا وشهيًّا، وتحمل هذه الطُّيور بأرجلها الصّغيرة بعض حبيبات الزُّهور وتنقلها من حقلٍ إلى حقل فتساعد الفلاح في بذار حقله، ليس هذا فحسب بل إنّها تعدُّ ملهمًا وكائنًا إيحائيًا للعديد من الإبداعات، فقد ألهم الطّائر البشر فكرة الطّيران كما فعل عباس بن فرناس، وبعد ذلك حاول البشر كثيرًا العمل على صنع مركبات شبيهة بالطّائر، إلى أن توصلوا لصنع الطّائرات وغيرها من آلات الطّيران، والفضل الأول في هذا كان لعالم الطُّيور.


كما لا يخفى على باحثٍ الأهميّة الطّبية لبعض أنواع الطّيور والاستشفاء ببعض أنواع بيوضها وشحومها، بالإضافة إلى تلك الأهميّة الاقتصاديّة التي يعلمها كل تاجرٍ، فالكثير من النّاس يتهافت إلى اقتناء الطّيور ووضعها في بيوتهم من أجل الاستماع بصوتها العذب وترانيمها الجميلة وكأنها تروي لهم قصة حياتها وشوقها وحبِّها لمعانقة السّماء والتّحليق في الجو وهي حرّةٌ من أي قيد أو سجن، ومن الأمور المفيدة التي تمدنا بها هي فضلاتها التي ستكون يومًا سمادًا للأرض لتكون المحاصيل الزِّراعيّة وفيرة.


لقد ألهمت عوالم الطّيور البشرية قول الشِّعر وسبك الكلمات الجميلة في الحب والغزل، فها هم شعراء كثر يصدحون بأبياتهم الشِّعريّة بعد أن رأوا تلك الطّيور التي هيجت بأصواتها مشاعرهم الشّجية، فانبروا يذكرون شوقهم لمحبوبتهم أو حنينهم لتراب وطنهم أجبرتهم الغربة البعد عنه، فلقد علمتنا العصافير لغة الحرية وتجرعنا من زقزقتها لغة الحرية، ووهبتنا تقاسيمَ عربيٍ يأبى الضيم، بل إنّها علمتنا لغة الجد والعمل فكانت لنا خير معلم نقتدي به.


كيفية العناية بالطيور

إنّ الله تعالى خلق الكون بما فيه من جمال وغرابة وإعجاز، ومن العوالم المذهلة تلك وأغربها، هي أغرب أنواع الطيور التي تمّ التّعرف إليها بمدّة ليست ببعيدة، إضافة إلى جمال تلك المخلوقات فهي تقدِّم للبشريّة الفوائد الجمة التي لا يمكن حصرها، ومن أجل ذلك كان لا بدّ لها من أن تعامل بلطفٍ، وأن يوفّر لها الجو المريح من أجل أن تتكاثر بطمأنينة، فمن يربي تلك الكائنات اللطيفة كان لا بدّ له من أن يبني لها عشًّا تتوفر فيه جميع وسائل الرّاحة والأمان من تهويةٍ جيِّدةٍ إلى التّأكد من دخول أشعة الشّمس إليه، ولكن من غير أن تكون حارقة، وخاصّة من كان يضع تلك الطّيور في الأقفاص للاستمتاع بمنظرها وصوتها، فعليه أن يوفّر لها جوًّا نظيفًا ومريحًا قريبًا من الطّبيعة التي حُرم منها، وأُسر في ذاك القفص.


يلا بد من تنظيف بيوت وأعشاش تلك الطّيورالجميلة من فضلاتها بشكلٍ دائمٍ ومستمرّ؛ وذلك حرصًا على عدم نمو البكتيريا فيه، ويجب على من يربيها أن يكون حريصًا عليها كلّ الحرص من الحيوانات المفترسة، فيبعدها عن الخطر المحدق بها، كما يجب الاهتمام بسقاية الطّيور وتأمين المياه النّظيفة لها، فهي من الكائنات التي أوصى الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- أن تعامل بإحسان، ففي سقياها وإطعامها ثوابًا عظيمًا من الله تعالى.


إنّ هذا العالم جميل من صنع خالق مبدعٍ بما يحمله من أسرار وخبايا أودعها الخالق سبحانه وتعالى في مخلوقاته، والكلمة الأخيرة التي تُقال في حقِّ الطُّيور هي أنّ البشريّة اختارتها رمزًا للسّلام على مرِّ العصور والأزمان، فكم هو مقدار اللطافة والأمن والأمان الذي لمسه ذاك الإنسي في عالمهم حتّى عدّها أيقونة للسّلام.


لقراءة المزيد، انظر هنا: أشعار عن الطيور.

4362 مشاهدة
للأعلى للسفل
×