تعبير عن العنف وآثاره

كتابة:
تعبير عن العنف وآثاره

العنف خلق مذموم

يُعدّ العنف من الأخلاق المذمومة التي ينفر منها البشر كافّة؛ حيث يلحق العنف الأذى بالآخرين ويُؤثر في حياتهم سلبًا، في الحاضر والمستقبل؛ إذ يقع العنف على الضعفاء، كالنساء والأطفال الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم أمام الآخرين، وبالتالي يتعرضون للظلم والقهر أكثر من سواهم.

لذا؛ نجد أنّه من الضروري متابعة تلك الحالات عن طريق مؤسسات الدولة التي تُعنى بشؤون المرأة والطفل وتُدافع عنهم وتحمي حقوقهم، ولا أبشع من ذلك الظلم الذي يؤدي إلى التعذيب، وبالتالي إزهاق الأرواح وقتلها، ومن يزرع العنف يحصد الكراهية، ومن لا يبالي بالقلوب الكسيرة يُعدُّ صخرةً صلدة لا يمكن تليينها.

العنف سبيل الضعفاء

نظنُّ جميعًا أنّ الإنسان العنيف والظالم يمتلك قوةً كبيرة وقدرة على ظُلم الآخرين وقهرهم، ولكن العكس صحيح؛ فالظالم إنسانٌ ضعيف غير قادرٍ على إيجاد حلول ذكية لإنهاء المشكلات، ممّا يدفعه إلى ممارسة ظلمه على الآخرين، غير مبالٍ بما ينجم من آفات اجتماعية ومشكلات نفسية عميقة.

هنالك العديد من الآباء الذين لا يمتلكون ذرة رحمة على أبنائهم كما الوحوش الكاسرة، فلو قمتَ بزيارتهم في مواقع العمل لرأيتهم ضعافًا غير قادرين على مواجهة الآخرين، ولكن ما إن يصل إلى البيت ويجد من هم أضعف منه حتى يقوم بتفريغ غضبه عليهم، وممارسة العنف والضرب والأذى بلا شفقة، فما أضعف هذا الإنسان وأقساه!

يتعمّدُ أرباب العمل ترهيب وتخويف الموظفين والعاملين لديهم، وذلك من خلال تهديدهم وتخويفهم وخصم رواتبهم، بسبب وبغير سبب، ممّا يدفعهم للشعور بالراحة وهي أحاسيس كاذبة تسببت بها العقد النفسية التي يعانون منها، فهم ضعافُ النفوس مهترئي المشاعر، وغير قادرين على إيجاد حلول عملية لما قد يواجهونه في العمل مع الآخرين.

تتعدّد أشكال العنف في المجتمع؛ فمنه ما يكون جسديًا من خلال الضرب والقتل والتسبب بالعاهات الدائمة، ومنه ما يكون عنفًا لفظيًا، أمّا الشكل الأول من العنف فهو كبير الضرر على المعنفين، خاصة أنه قد يُودي بحياتهم التي تعتبر أحد بوابات الجحيم، والعنف اللفظي يعدّ سوطًا بحد ذاته إذ يجلد فيه المُعنِّف كبرياء الآخرين وكرامتهم.

يُطلق المعنف سهام الكلمات والألفاظ النابية على الآخرين، ممّا يتسبب لهم بالألم والإحباط والأذى النفسي، فلو قُدر لكَ أن تكون أحد الأطفال المعنفين لفظيًا فإنّك ستُعاني بلا شك من المشكلات النفسية، وضعف الشخصية، والخوف المستمر من الآخرين، كما ستنعدم ثقتكَ بنفسكَ وتُصبح كالخرقة البالية في حزنك وانكسارك.

تُعاني المرأة المعنفة لفظيًا من الإحراج، خاصة عندما يكون التعنيف أمام أبنائها وأسرتها والآخرين؛ إذ يتعمد بعض الرجال سواء أكان أبًا أو أخًا أو زوجًا توبيخ النساء وتوجيه أبشع الألفاظ لهن دون أيّة اعتبارات لمشاعرهن، وهذا يتسبب لهنّ بالأذى النفسي الكبير، وبالتالي شعورهن بالرغبة في الابتعاد عن الآخرين، فتُصبح وحيدة بحياتها المُظلمة.

العنف ما كان في شيء إلا شانه

نكرهُ جميعنا العنف، ونبتعد عن الأشخاص المُعنِّفين الذين لا يملكون الرحمة وإنما نُحب الاقتراب من الناس الطيبين ذوي القلوب الرحيمة، الذين يعطفون على الآخرين ويحترمونهم ويحبونهم، ويدافعون عن الضعفاء منهم وينصرونهم كما يُنصر الحقُ من جوف الظلام البائس.

يكون المُعنفون عبارة عن عذابات لا يطيق أحدٌ العيش أو التعامل معها، فهم جاحدون لا يستطيعون معاملة الناس بلطف، أو التبسم في وجوههم، ويلعنون كل شيء جميل ولا يرون مباهج الحياة، وإنما يظنون أنّ الخير فيه ضعف كثير، وأنّ الظلم قوة يستطيعون تسخيرها للسيطرة على الآخرين.

يصل العنف في كثيرٍ من الحالات إلى المدارس؛ حيثُ يقوم بعض المعلمين بتعنيف الطلبة وضربهم وقهرهم ومعاملتهم معاملة سيئة، مما يعود عليهم بالمشكلات الكبيرة، ويشعرون بالكره تجاه المدرسة والمعلمين كما يصيبهم الإحراج أمام الطلبة الآخرين، خاصة عندما يقوم بعض الطلبة بالضحك والاستهزاء بالمعنفين منهم، ممّا يولد لديهم أحقادًا دفينة.

يعدّ العنف الأسري من أكثر الأنواع تأثيرًا بصحة المعنفين النفسية والجسدية، كما يتسلل التأثير للمجتمع ككل، خاصة أنّ بعض مجتمعاتنا التي يكثر فيها العنف تكون مجتمعات ضعيفة تزداد فيها المشكلات النفسية والآثار السلبية المدمرة.

قد يظهر العنف لدينا على المستويات والأصعدة كافّة باختلاف الناس ومراكزهم وثقافاتهم؛ إذ لا ينحصر العنف في جهة معينة، وإنما قد يوجد لدى الكثير من الفئات باختلاف درجاته، لا فرق بين مجتمعٍ غنيٍ أو فقير جاهلٍ أو متعلم، لأن العنف سلوكيات شاذة مقيتة.

تُعاني المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة العنف من ارتفاع في نسبة الجرائم وحالات العنف الشديد؛ إذ يُعاني الأبناء المعنفون من حالات نفسية، قد تكون بسيطة أو متوسطة أو شديدة التأثير، ممّا ينجم عنها انتشار وتفشي للجريمة، والمشكلات الكبيرة التي لا حصر لها حتى يقع المجتمع تحت غمامة من الظلم والقهر.

ينبغي علينا كأفراد محاربة العنف بصوره وأشكاله كافّة، كما ينبغي على الدولة الدفاع عن المقهورين، وذلك عن طريق المؤسسات التي تهتم بأحوال الأسر خاصة تلك التي تعاني من العنف، والذين لا يقدرون على حماية أنفسهم، من فئة النساء والأطفال الصغار.

تزداد نسبة العنف في العديد من الدول بخلاف بعض الدول الأخرى ويعود ذلك إلى تدنّي المستوى الثقافي والعلمي للأفراد فيها، وقد تزداد حالات العنف في بعض الأسر باختلاف عدد أفرادها، وقد يكون التمييز العنصري مُسبّبًا آخر، إذ تزداد نِسَب العنف بين الديانات والأعراق المختلفة، خاصة عند عدم وجود قوانين تضمن حقوقهم وتدافع عنهم.

العنف مبشِّرٌ بسوء العاقبة

في نهاية الحديث، ينبغي العلم أنّ للعنف آثارًا سلبية مستقبليّة أيضًا، خاصّة على الظالمين أنفسهم؛ ذلك الصنف البائس، وجوههم قاتمة كليلٍ كئيب مظلم، موحش، مُقفر، ولكن الله يتولاهم بالعذاب الأكبر في الدنيا والآخرة، فهو لا ينسى دعوة المظلوم وإنما يؤخر الظالمين ليومٍ آخر، يكون وبالًا عليهم، ويأخذ حق المقهورين منهم ومن صحتهم وأموالهم.

أمّا يوم القيامة فيكون الحساب عسيرًا غير هيِّن، إذ تسبّب هؤلاء الظالمون في الأذى لأُناسٍ ضعفاء غير قادرين على درء الأذية ودفعها على أنفسهم حتى كبروا وأصبحوا مرضى خائفين، أو ذوي عقدٍ نفسية، أو متأخرين اجتماعيًا عن سواهم، ممّا تسبّب في تدمير حياتهم، وإيقافها، فباتوا يرون الحياة كما البئر العميق لا نورًا فيه ولا رحمة.

4330 مشاهدة
للأعلى للسفل
×