تعبير عن العودة إلى المدرسة وفرح الطلاب

كتابة:
تعبير عن العودة إلى المدرسة وفرح الطلاب

العودة إلى المدرسة عودة لغذاء الروح والعقل

العقل يتحرّر ويقوى كلّما غذيناه غذاء سلميًا، وعقول الأولاد والأطفال غذاؤها الأول والأهم هو العلم والمعرفة، وهذا ما يُمكن تحصيله في المدرسة؛ ولذلك نجد الطلاب يفرحون كثيرًا بعودة المدرسة؛ لأنّهم يتعلمون أمورًا جديدة، ويتشاركون المعارف والمهارات مع من حولهم، فيتجدد تفكيرهم وتنتعش أرواحهم بهذا العلم المتجدد والمتنامي.

مهما طالت فترة الإجازة يشعر الأولاد في نهايتها أنّهم متلهفون للمدرسة ودوامها وواجباتها، وما ذلك الشوق إلا شوق العقل وشغفه إلى المعرفة والعلم، المدرسة هي منهل العلم العذب الذي تنهل منه عقول الطلاب كل يوم دون أن ينضب، بل هو معطاء متجدد ومستمر، وكل عقل ينهل منه ما يُريده وهُنا تختلف القدرات الفكرية والطموحات والأحلام في المدرسة نفسها وحتى في الصف نفسه.

العودة إلى المدرسة يصاحبها مراسم جميلة

هدفنا الأول من المدرسة هو تنمية الفكر وتغذية العقل وإنعاش الروح، ولكن كثيرًا ما تكون هذه الحقائق الكبيرة والمهمة خافية عن هؤلاء الصغار وهم في أول مراحل تعليمهم، فنلجأ في المؤسسات التعليمية إلى استراتيجيات ووسائل تجعلهم يُحبون مدرستهم ويشتاقون لها ويتمنون قضاء أكبر وقت مُمكن فيها.

تبدأ المدرسة بالتحضير لفعاليات ومراسم نستقبل بها الطلاب في اليوم الأول من المدرسة، ولا سيما إذا كان الطالب صغيرًا، ويبدأ أول تجربة له بالابتعاد عن المنزل والتعرف إلى هذا البناء الذي يُسمى مدرسة.

من المراسم أن نقوم في المدرسة ببعض الأنشطة التي يبدو في ظاهرها أنّها ألعاب ترفيهية مملوءة بألوان الربيع، وكأنها حديقة غناء متنوعة الأشكال والألوان من الزهور والنباتات والأشجار، فتخطف عقل الطالب وتأسر فكره وتجذبه.

لكن مضمون هذه الأنشطة فيه جانب تعليمي مهم، وقيم كبيرة تُغرس بذورها في تربة عقل هذا الطالب، وتُحببه بالمدرسة ويشعر فيها بالأمان والاستقرار.

تكون هذه المراسم أكثر نضجًا مع الطلاب الأكبر في العمر، مثل: أنشطة التعارف، وأنشطة التعريف بالنفس، وذلك كله من خلال ألعاب ترفيهية متناسبة مع كل مرحلة عمرية، ولا يخلو الأمر من بعض العبارات الترحيبية التي نكون قد جهزناها لكم في المدرسة مسبقًا لاستقبالكم أيها التلاميذ.

إنّ هذا الاستقبال لا يُمكن أن يكون بلا أثر، فأنتم يا طلابنا عندما ترون كل هذه التجهيزات والمراسم ستشعرون حتمًا بأهميتكم في المدرسة، ومحبة المدرسة وإدارتها ومعلميها لكم، وستكونون على قدر من المسؤولية تجاه هذا الاهتمام، وتُبادلون المدرسة ومعلميها الحب والاحترام والتقدير.

من أفكارنا الجميلة في مراسم العودة للمدرسة أن نُقدم لكم يا طلابنا نموذجًا من طلاب أكبر منكم سبق أن درسوا في المدرسة نفسها واجتهدوا ونجحوا، فيروون لكم قصة حياتهم، ويُخبرونكم عن تجاربهم في المدرسة، وعن ذكرياتهم الجميلة، وبين ثنايا هذا الكلام يبثون الأمل والتفاؤل بما هو قادم، ويكونون بمثابة قدوة تُحتذى بالنسبة للطلاب الجدد.

كل هذه المراسم تتنوع وتختلف من مدرسة إلى أخرى، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى، فمدارسنا بكوادرها تعرف كل مرحلة عمرية وخصائصها الفكرية والعقلية والسلوكية، ونختار بناء على تلك الخصائص المناسب من الأنشطة والفعاليات التي تُؤتي أُكُلَها ثمرًا ناضجًا ويانعًا طيلة العام.

إضافةً إلى أنّ هذه الفعاليات لا تقتصر فقط على بداية العام الدراسي، فالمدرسة الجيدة هي التي تستثمر المناسبات الرئيسة والقيّمة وتُنظم لها فعاليات تنعش عقول طلابنا وتُجدد نشاطهم، وأهم ما في هذه المراسم هو أن نعرف كيف نُوجهها ونُنظمها لما يبني القيم والمبادئ في عقول الطلاب، ويترك أثرًا في حياتهم ليس فقط داخل المدرسة، وإنّما في حياتهم الاجتماعية كلها.

المدرسة هي البيت الثاني الذي يعيش فيه الطالب عمرًا طويلًا ويتأثر بها وبقيمها وأفكارها، لذلك تكون مسؤوليتنا كمدرسة ومدرسين كبيرة ومهمة جدًا، وأهمية هذه المسؤولية من أنّنا في المدرسة سنُخرّج طلابًا منهم من يكون مهندسًا، ومنهم من يكون معلمًا، ومنهم الطبيب، والعامل، والتاجر، والمحقق، والمحامي، والقاضي.

البذور الأولى التي نغرسها في المدرسة في تربة العقول النضرة الندية هي التي ستكبر وتعلو وتُطاول بثمارها عنان السماء، فكلما صلحت البذرة وصلحت التربة كانت الثمار نضرةً نديةً، وكلما فسدت البذرة ولم نتعهدها بالعناية والنماء والإصلاح والحماية كانت الثمار ذابلةً معوجةً مضمحلةً سوداء.

لن يكون هذا الأثر على العقل وحده، فكما أنّ الأثر الإيجابي من تلك الثمار اليانعة سينتقل إلى المجتمع، فإنّ الثمار السوداء الذابلة ستُنشر أثرها في المجتمع كله وتُؤثر عليه وعلى بُنيانه.

لذلك؛ تكون مراسم العودة للمدرسة مهمة؛ لأنّها هي البذرة الأولى واللحظة الأولى التي لن تنسوها يا طلابنا، فإمّا أن تكون ذكرى إيجابية تفتخرون بها وتفرحون، وإما أن تكون سلبية مزعجة يحمل الطالب منها نقمةً وكرهًا، وستُؤثر على مسيرته التعليمية طوال العام، بل ربما لأعوام أخرى.

كم من طالب ترك الدراسة بسبب كلمة قيلت له، وكم من طالب تميز في دراسته بسبب ابتسامة صادقة من معلمه، فتعهدوا هذه البذور النقية بالرعاية والنماء لتثمر ورودًا يانعةً في مجتمعاتكم.

العودة إلى المدرسة هي عودة للبيت الثاني

ختامًا، يقضي الطالب نصف نهاره في منزله ونصفه الثاني في المدرسة، وعندما تتوقف المدرسة وتبدأ الإجازة يشعر الطالب بفراغ كبير؛ وذلك لأنّ المدرسة هي البيت الثاني له، والعودة إليها تعني العودة إلى البيت الثاني، وكلما كان هذا البيت منبعًا للأمان والاستقرار كلما تعلق به الطالب وأراد أن يقضي فيه وقتًا أطول.

اجعلوا مدارسكم مرتعًا للأمان والضحكة البريئة والعمل الجاد، وأبعدوها عن الأضغان والواجبات المتعبة التي لا تُبني في العقل إلا الكره للدراسة والتدريس، طوبى لكل معلم دخل قلوب طلابه وكان نعم السند والأب والأخ لكل طالب، فراعى ظروفه وساعده في تجاوز العثرات بالتعزيز لا بالعقاب، وبالمدح لا بالذم، وبالشكر لا بالشتم.

3696 مشاهدة
للأعلى للسفل
×