محتويات
الغش في الامتحانات يُلبِس صاحبه ثوبَي زور
الغش من أسوأ العادات التي يُقدم عليها البعض ويُمارسونها بحجّة الحصول على مكاسب أعلى وعلامات أكثر دون وجه حق، فهو يُلبس صاحبه ثوب زور، ويُعلمه أن يتعدّى على حقوق الآخرين ويأخذ مكانًا ليس مكانه، ومن يغش في الامتحان يستسيغ الغش في أيّ شيء؛ لأنّه اعتاد على ذلك.
لهذا؛ فإنّ الغش يُعلم الناس أن يُزوروا الحقائق، حتى إنّ الغشاش يغشّ نفسه قبل الآخرين؛ لأنّه يَعلم أنّه يضع نفسه في قالب لا يُلائمه وغير مناسبٍ له، وهذا يجعله يتوهّم أنّه يعرف الكثير من المعلومات، لكنه في الحقيقة لا يعرف شيئًا، فقد اعتمد على الغش وليس على نفسه، وهذا يجعل الغش من أكثر الآفات انتشارًا، كما نهى عنه الله تعالى ورسوله.
للغش سلبيات كثيرة تفوق إيجابياته؛ لأنّه يجعل الإنسان واثقًا من نفسه دون أن يكون مصدر هذه الثقة، كما أنّه يُعطي لصاحبه نجاحًا لا يستحقه، وقد يجعله متفوقًا بالزور والبهتان، ويأخذ دور غيره في الدراسة أو الوظيفة، وهذا كلّه يجعل من الغش ظاهرة تستحق المكافحة، فالغش تشويهٌ للحقائق؛ لهذا كان لا بُدّ من تحريم الغش واعتباره من العادات غير المقبولة أبدًا.
الغش في الامتحانات ينافي الدين والقيم والأخلاق
الغش في الامتحانات ظاهرة متفشية بين الطلبة بشكلٍ عام سواء أكانت بين طلبة المدارس أم الجامعات، وهذا عملٌ يتنافى مع الدين والقيم الفاضلة والأخلاق، فالشخص الذي يخاف ربه ويخشى عقابه يعرف جيدًا أنّ الغش مُحرم في الإسلام، وأنّ الله تعالى لا يُبارك نجاح شخصٍ اعتمد على الغش لتحقيق الدرجات العالية.
يُنافي الغش المروءة والأخلاق الأصيلة التي تحث المرء على أن يكون مستقيمًا لا يعرف هذه الطرق ولا يسلكها أبدًا، فالأخلاق النبيلة تمنع الإنسان أن يأخذ شيئًا دون وجه حق، فكيف يغش في الامتحان وهو يعلم أنّه قد يأخذ مكان غيره؟ وكيف يُمكنك أيّها الطالب أن تأخذ مجهود غيرك ولا تدرس لامتحانك ولا تتحضر له جيدًا وأنت تعتمد على الغش في تحصيل العلامة؟
بالطبع، لا يُمكنك أن تفرح بنتيجتك وأنت حصلت عليها بالغش، ولا يُمكنك أن تفخر بنفسك وأنت تعلم جيدًا أنّ نتيجتك هذه ما هي إلا نتيجة تعب وسهر غيرك، ولا يُمكنك أن تقف على سجادة الصلاة بكامل إيمانك وأنت تعلم أنّك تغش في امتحاناتك، ولا يُمكن أن تكون أخلاقك كاملة وأنت تسلك دروبًا لا تُناسبك في تحصيل النجاح.
إنّ الحصول على علامات إضافية ليست من حقك، ولو كنت تحرص على علمك وأدبك وثقافتك وإيمانك لكنت حرصت على الجدّ والاجتهاد بدلًا من الغش الذي لا يُعطيك شيئًا، بل ينزل من قيمتك.
الغش في الامتحانات مسلك أهل الكسل والعجز
الطالب النجيب لا يُمكن أن يكون طالبًا غشاشًا، ولا يُمكن أن يقبل على نفسه أن يمشي في طريقٍ ملتوٍ كي يأخذ حق الطلبة الآخرين في العلامات وينال مديحًا لا يليق به، فالطالب النجيب يعمل بجدٍ واجتهاد ولا يعتمد على الغش، بينما من يلجأون للغش يتكلون على غيرهم ويُحاولون استغلال الصعود على أكتاف الناجحين كي يُحققوا نجاحًا زائفًا.
فهم لا يُحبون البحث والتمحيص عن المعلومات ويُريدون أن يحصلوا على علامات بقوالب جاهزة حتى وإن لم يستحقوها، فإن كنتَ قد غششت يومًا وكنت من أولئك الطلبة الذين يركنون إلى العجز والكسل ويعتمدون على الغش، فما عليكَ إلّا أن تتراجع وتُقرّر بينك وبين نفسك أن تكون نشيطًا مجتهدًا تدرس وتُحصل العلامة بعرق جبينك وتفكيرك وسهر الليالي والتعب.
لا يُمكن أن يكون الإنسان الغشاش إنسانًا سويًا نشيطًا بشكلٍ كامل؛ لأنّه تكاسل عن معرفة معلومات أساسية في مسيرته الدراسية، وهذا يجعله فاشلًا في المستقبل وعاجزًا عن الإحاطة بأبسط المعلومات، مما يخلق فجوة كبيرة بينه وبين زملائه الآخرين الذين لم يغشوا أبدًا، بل اعتمدوا على أنفسهم في الدراسة.
هنا يأتي دور العقل والضمير الداخلي الذي يدعو الإنسان بدوره إلى العلم والعمل بالطرق الطبيعية وليس بالطرق الملتوية، وألّا تتم مُصادرة جهود الآخرين والتعدّي عليهم بدافع الغش والأنانية، فالغش نابع من نفس تُريد شيئًا لا يليق بها؛ لأنّه ليس من حقها أبدًا، فجاهد نفسك ولا تكن طالبًا غشاشًا مهما كانت الظروف صعبة، واعتمد على علمك وفهمك في تحصيل المعلومات.
الغش في الامتحانات ثماره علقم لا محالة
ختامًا، لا يسعنا إلا قول كلمة حق في هذا الموضوع، وهو أنّ ثمار الغش لا يُمكن أن تكون مثمرةً أبدًا، بل هي ثمار بطعم العلقم لا محالة، ولا تُفيد صاحبها وليس فيها بركة، بعكس الإنسان الذي يحصل على علمه اعتمادًا على مجهوده الشخصي دون أن يُحاول سرقة ولو معلومة، خاصةً أنّ طُرق الغش أصبحت كثيرةً وسهلةً، ويُمكن ممارستها بسهولة دون افتضاح الأمر.
لا بدّ من تفعيل الرقابة الذاتية لكلّ شخص، وأن يجتهد الآباء والأمهات والمعلمون في تعليم أبنائهم وبناتهم أهمية الجد والاجتهاد والدراسة والبعد عن الغش بطرقه، وعدم الاستهانة فيه أبدًا، فقد يظن البعض أنّهم يستطيعون بلوغ المجد بالغش والتدليس، لكن أولئك الأشخاص الذين يُفكرون بهذه الطريقة لديهم فهمٌ قاصر للأمور، فالغش لا يأخذ أصحابه إلى أيّ مكان، بل يجعلهم يعيشون الوهم بحذافيره كافة.
كما يتوهمون أنّهم يبنون مجدًا زائفًا، فيكتشفون فيما بعد أنّهم خسروا أنفسهم ومستقبلهم ولم يُحققوا بلوغ أيّ هدف؛ لهذا لا بُدّ من أن يسعى الإنسان إلى النجاح الصافي النقي المبني على أساسٍ صحيح، وليس فيه أيّ غش أو سرقة لمجهود الغير.