محتويات
الفشل: نهاية أم بداية
كل نهاية هي بداية لشيءٍ أفضل، فإذا كان الفشل نهايةً لمرحلةٍ ما فهو بدايةٌ لمرحلةٍ جديدة، لا تتوقف حياة الشخص عند فشله بل هذا الفشل يفتح له آفاقًا أخرى؛ لأنّه سينظر للأمر من منظورٍ آخرٍ ربّما يتفوق على النظرة الأولية له، وسيُساعده على فهم ما فشل فيه فهمًا أدق وأشمل ومن كل النواحي.
الفشل بداية عظيمة إن عزم الشخص على تخطيه بنجاح باهر والإلمام بما فشل به في المحاولات الأولى، ومنه يستطيع بدء قصة كفاحٍ ونجاحٍ مثمرة، لكن كل ما يحتاجه ليبدأ من جديد هو الإرادة والعزم على تخطي الصعاب مهما كانت وحل العقد والمشكلات التي تقف في طريقه والتخلص منها، وعدم الاستسلام بسهولة والرضوخ لهذا الفشل.
معرفة أسباب الفشل أول خطوة للنجاح
لتخطي أيّة مشكلة يجب معرفة أسبابها وعلاج هذه الأسباب لإنهاء هذه المشكلة، وللفشل أسبابٌ على الإنسان معرفتها لكي يتجنبها، والإلمام بها هو الخطوة الأولى في طريق النجاح، ومن هذه الأسباب؛ التسويف والمماطلة، فلا يُؤدي الفرد واجباته والمهام التي على عاتقه في وقتها، وإنّما يُؤجل ذلك ويُماطل فيه أغلب الوقت قائلًا: بعد ساعةٍ من الآن سأقوم بذلك، وغدًا أُنجز هذا، وبعد غدٍ أفعل ذاك.
من أسباب الفشل أيضًا عدم تقدير الوقت والإسراف فيه على أمورٍ ثانويةٍ، إذ لا يشعر بنفاده ويفوت الفرص التي كانت بحوزته وكان عليه استغلالها لمصلحة أداء مهامه والنجاح فيها، ومنها عدم الثقة بالنفس فيقول مثلًا: أنا لن أستطيع فعل هذا الأمر، إمكانياتي أبسط من القيام بأعمالٍ كبيرة كتلك، أنا غير قادر.
هنا يقتنع بأنّه عاجزٌ عن النجاح، بينما كان يُمكنه النجاح فيه بجدارةٍ لو آمن بنفسه وبقدراته ولم يُقلل من مهاراته الشخصية التي بإمكانه تنميتها عبر الكلام الفعال الذي يُوجهه لذاته بأنّه يستطيع فعلها مهما كانت صعبة، ومنها الاستمرار في وضع الأعذار وتسويغ الفشل بالظروف المحيطة دون الاعتراف بالتقصير وتحميل الأخطاء الشخصية للآخرين.
اليأس والإحباط والاستسلام لفشل آتٍ في جميع الأحوال، وهذه أفكارٌ سلبيةٌ؛ لأنّ من جد وجد ومن سار على درب فلا بُدّ له من الوصول إلى النهاية مهما كان الأمر، فلكل مجتهد نصيب، ولا يجب أن يستسلم الشخص للظروف وليأسه فيتوقف عن المحاولة ويجلس في مكانه دون أن يُحرك ساكنًا.
إضافةً لما سبق، هناك مسألة عدم الرغبة في بذل الجهود والتعب من أجل النجاح، والمقارنة بالآخرين فلا يُحاول النجاح من أجل النجاح بل ليكون أفضل من هذا ومتفوقٌ على ذاك، فيهمل التفكير فيما يجب عليه القيام به ويكتفي بالتخطيط ليُصبح أنجح من الآخرين.
لكن لو أخذ هذه الفكرة من جانبٍ آخرٍ وجعل منها حافزًا له وعمل على هذا الهدف مع التخطيط المسبق للنجاح من أجل النجاح في ذاته من البداية، وعمل ضمن هذه الخطة وبذل جهدًا ولم يُضيع وقته كيفما كان واضعًا أمامه هدفًا أنّه يُريد أن يُصبح أفضل ويُحقق نجاحاتٍ عظيمةٍ مع إيمانه بنفسه لنجح.
عندما يصبح الفشل مدرستي
يُمكن للفشل أن يُعطي الكثير من الفوائد والعبر التي يجب أخذها بعين الاعتبار في المحاولات اللاحقة لاجتيازه وتحويله إلى نجاحٍ كبير، فيتعلم الطالب ما عليه القيام به لتفادي الوقوع في فخ الفشل مرةً أخرى وذلك من خلال الاستفادة من تجاربه السابقة، فإذا كان سبب فشله أنّه لم يضع خطةً مسبقةً لما يجب أن يقوم بدراسته وما عليه أن يقوم بمراجعته، فهنا ما يجب عليه العمل على مشكلة التحضير.
يُمكنه أن يُؤدي هذا العمل الآن مع النية بأن يلتزم بخطته ولا يُضيع وقته، ويتذكر على الدوام الحكمة القائلة إنّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فيُدرك الفرص التي يستطيع العمل بها ليُحقق النجاح الذي يأمله، وإن فشل لأنّه لم يكن مؤمنًا بنفسه فعليه الإيمان بها والتعزيز من شأنها، والثقة بقدراته على اجتياز أيّ اختبارٍ مهما كان، فالإيمان بالنفس يفعل المعجزات.
هذا عندما يُرافق العمل والجهد الرغبة الحقيقية في التغيير والنجاح وتجاوز التجارب الفاشلة السابقة، فإذا كان الفشل نتيجةً لتبريره المتواصل لنفسه كلما فشل أو أخطأ، فباستطاعته أن يتغلّب على هذه العادة السيئة، ويعترف بأنّه قد أخطأ فعلًا وقد تساهل في دراسة الدروس في وقتها، وفي تأدية الوظائف والتركيز مع المدرس في المعلومات التي يشرحها في حال كان طالبًا.
أمّا إن كانت الظروف قد تغلبت عليه لأيّ سبب كان، فوقفت بينه وبين النجاح كحاجزٍ ضخمٍ يفصل بينه وبين هدفه، فيُمكنه التغلب على ظروفه من خلال قراءة الكثير من قصص الكتّاب والشعراء والمخترعين الذين كانوا يُعانون ظروفًا أسوأ بكثيرٍ من الظروف التي عاناها هو، ومع ذلك استطاعوا هزم ظروفهم وتحقيق نجاحات يذكرها التاريخ على الدوام.
إنْ كان اليأس هو من أوصله للفشل فكل إنسان يُصيبه يأس في وقتٍ من الأوقات، لكن إن أفسح لليأس مجالًا في حياته فإنّها ستصير عبارةً عن فشلٍ دائمٍ؛ لذلك يُمكنه هزم اليأس بدلًا من أن يهزمه هو وينال منه، فيستطيع أن يصنع دافعًا كبيرًا ليُصبح أفضل ممّا هو عليه؛ لأنّ الإنسان أقوى من الظروف ومن أيّ يأس.
الفشل ليس نقيض النجاح إنما جزء منه
آخر ما يُشار إليه أنّ الفشل جزءٌ من النجاح، فلولا الفشل لم يعرف الإنسان معنى النجاح وبهجته، فالإنسان يفشل ويفشل ثم ينجح في النهاية، ويُدرك الأخطاء التي كانت سببًا في فشله فيتحاشاها في المرات القادمة، ويكتشف العقبات التي تقف في طريق الناجح، ويعمل على التخلص منها بنفسه.
كل فشلٍ هو تجربة تُغني الشخص وتُعلمه الكثير من العبر والحكم، والعزم على النجاح رغم الفشل يُعلم الصبر والإصرار على الهدف، ويشعر الناجح بمتعة تخطي كل الصعاب للوصول لهذا الإنجاز، فالفشل لا يُعتبر نقيضًا للنجاح؛ لأنّه يُمهد الطريق أمام الفاشل ليُصبح ناجحًا إن كان صاحب عزمٍ وإرادةٍ، ومصرًا أن يُصبح ناجحًا رغمًا عن أنف الظروف.