محتويات
المغامرة: تطلّع لمعرفة المجهول
المغامرة تجربة رائعة يمرّ بها مَن يملك الجرأة والشجاعة والقوة، ويتطلّع إلى معرفة المجهول، فالمغامرة تُغري كل شخص لديه طموح أن يخوض العديد من التجارب الغريبة، ويُحاول اكتشاف أشياء لا يعلمها، دون أن يُفكر في العواقب.
لهذا؛ تتطلب المغامرة قلبًا قويًا صامدًا يُحبّ أن يكون متميزًا، ولديه فضول كبير في اكتشاف الأشياء من حوله، ومعرفتها حقّ المعرفة، فهو بهذا يكون قد خاض الكثير من أمور الحياة التي تُعطيه الخبرة الرائعة، والقدرة على تجريب الأشياء الجميلة والغريبة في الوقت نفسه.
من يعش جوّ المغامرة لا يشعر بالملل أبدًا؛ لأنّه يستطيع أن يقتحم الكثير من العوالم فيها، وأن يختبر مدى قوته وصبره وسرعة بديهته، خاصةً أنّ المغامرة أحيانًا تأتي دون أيّ تخطيط، وتحتاج إلى الارتجال في التعامل مع أحداثها؛ لهذا فإن الإنسان الذي يخوض المغامرات يكون قادرًا على أن يُمارس الكثير من الأفعال دون أن يُفكر في عواقبها.
هذه هي متعة المغامرة الحقيقة؛ لأنّ نتائجها تأتي بلا توقع وبلا موعد؛ لهذا فإنّ المغامرة تطرد أيّ تفكير سلبي، وتجعل المرء يُفكر دومًا بالعواقب الجميلة التي ممكن أن يحصل عليها، فالمغامرة ذات مجال واسع ومفتوح دائمًا، فأحيانًا يُمكن أن تكون مغامرة مادية مثل: الذهاب إلى رحلة خطرة، أو تسلق الجبال، أو اختبار شيء جديد.
كما يُمكن أن تكون معنوية كاختيار البقاء في مكان ما، أو اختيار دراسة تخصص معين، أو الإقدام على تجربة معنوية جديدة، أو علاقة ما، فهي مثل: الدخول في حفرة عميقة لا يعلم أحدٌ ما فيها، إنّها تُشبه أيضًا الدخول إلى سيركٍ مليءٍ بالأحداث الغريبة.
حياتنا بين المغامرة والخوف من المجازفة
حياتنا مليئة بالمغامرات الكثيرة التي نقوم بها يوميًا، حتى وإن لم نُدرك ذلك، فهي متأرجحة ما بين روح الإقدام والشجاعة، والخوف من المجازفة، فهي تُشبه الوقوف على بساط الريح والسفر عبر الزمن والحدود والدخول بين الغيوم.
هذه هي روح المغامرة الحقيقة وسرّها، فمن لا يملك روح المغامرة والقدرة على المجازفة بالعديد من الاحتمالات، لا يُمكن أن يُجرّب المغامرة بقلبٍ شجاع، فالمغامرة تجعلكم تدخلون الأبواب المغلقة منذ آلاف السنين، ويجب التهيئة النفسية للقيام بها أولًا، فالمغامرة الحقيقة تأتي بسرعة دون تفكير عميق؛ لهذا تكون محاطةً بالكثير من الاحتمالات التي يجب أن نتقبلها بشجاعة.
حياتنا بشكلٍ عام من الممكن أن تكون سلسلةً من المغامرات الكثيرة المليئة بالحماس، كأن نُراقب بركانًا سنُفجر بعد لحظات، أو نُحدّق في عيني وحشٍ مفترس، ومن الممكن أن تتكرر هذه المغامرات في كلّ لحظة، وهذه ميزة الأشخاص الذين يتحلّون بروح الشجاعة نحو المغامرة.
من يكن في قلبه الخوف من المجازفة لا يمكن أن ينجح فيها، فالشجاعة شيءٌ أساسي فيها، لكن يجب الانتباه إلى أن ننتقي المغامرات التي نخوضها؛ حيث تكون لأجل هدف مفيد لنا، كي لا نندم أبدًا عليها، وأن نعرف مقدار الخسارة التي قد نقع فيها ونتقبلها بصدرٍ رحب كي لا نُفسد متعة المغامرة.
الأشخاص الذين لديهم ميل للمغامرة هم أشخاص أكثر قدرة على التحدي؛ لهذا فإنّ المغامرة تُعزّز الثقة بالنفس وتُظهر المواهب والقدرات الخاصة فيه، وتجعل الشخص مقدامًا في المواقف المختلفة؛ لهذا امتلكوا روح المغامرة وعيشوا حياتكم ما بين مدٍ وجزر كأنكم تسافرون في بحرٍ متلاطم الأمواج.
المغامرة انفتاح على الاحتمالات
المغامرة بحدّ ذاتها أمر غير مضمون النتائج؛ لهذا تكون انفتاحًا على الاحتمالات المتأرجحة ما بين الربح والخسارة، والنجاح والفشل، وعلى أيّة حال مهما كانت احتمالاتها علينا أن نتقبلها كما هي، وألّا نُحاول أبدًا الاصطدام مع الواقع وعدم تقبله؛ لأنّنا حين نتقبلها نزرع في قلوبنا شجاعةً كبيرةً ورحابة صدر، فالمغامرة تمنحكم روحًا إضافيةً نحو الحياة.
عندما نملك روح المغامرة نُصبح قادرين أكثر على التأقلم مع مختلف الاحتمالات، خاصةً إذا كانت مغامراتنا كثيرة، وما يجب أن نعيه حقًا هو أنّ المغامرة تمنحنا الخبرة الكافية أحيانًا لنتوقع الاحتمال الأقرب للحدوث، وكأننا نتشبث في الريح ونحن واثقون من قوة الأغصان.
المغامر الحقيقي لا يهتم بالخوف من الاحتمالات الكثيرة كنتيجة حتمية للمغامرة التي يقوم فيها؛ لهذا يتهيأ نفسيًا وجسديًا لجميع الاحتمالات ممكنة الحدوث، ويُحاول أن يكون منطقيًا في التعامل معها.
حتى وإن كان الاحتمال الأقرب لنتيجة المغامرة هو الفشل، لا بُدّ أنّ الخبرة التي نكتسبها من هذا الفشل تُساعدنا في أن ننجح ونُركز أكثر في مغامرتنا القادمة، وهذا يجعلنا نتناسى أيّة احتمالات غير مناسبة لأهوائنا، ونُركز في المغامرة نفسها ونعيش أجواءها بكامل تفاصيلها بعيدًا عن الخوف والتردد من أيّ شيء ممكن أن يحصل معنا.
أن نتحلى بروح المغامرة يعني أن نملك روحًا جميلة لا تيأس ولا تتعرض لأيّ إحباط مهما كانت نتيجة المغامرة، فالتفكير الكثير بالاحتمالات المتوقعة يُضيع جمال المغامرة ويجعلها تفشل بكلّ تأكيد؛ لهذا امتلكوا الشجاعة واستعدوا دومًا للمغامرة.
المغامرة تعلمنا الشجاعة
في الختام، علينا أن نعي أهمية التحلي بروح المغامرة، والفوائد الكثيرة التي نجنيها منها، فالمغامرة تُعلمنا روح الشجاعة، فنُصبح قادرين على أن نقوم بالكثير من الأشياء التي اعتقدنا أنّها تفوق طاقتنا في بعض الأحيان، وهذا بحدّ ذاته مصدر من مصادر القوة.
المغامرة طريقة رائعة للوصول إلى نتائج مذهلة نجنيها من المغامرات التي نقوم بها، فالمغامر الذكي يستطيع أن يكون انتقائيًا بكلّ خبرة وذكاء، فيقوم بالمغامرات بعقلٍ منفتح وتركيز كبير، فيتعلم منها الإصرار والعزيمة بشجاعة كبيرة وقدرة خارقة ومميزة جدًا.
المغامرة تجعل من العاجز شخصًا قويًا، وتجعل من المُحبط شخصًا مقبلًا على الحياة، فهي تُساعد في إفراز هرمونات القوة والإقدام؛ لأنّها تُعلمنا التحدي الكبير دون أيّ خوف، فإن أردنا أن نصل إلى نتيجة رائعة في المغامرة.
عندما نخوض أيّة مغامرة علينا أن نكون شجعانًا لا نخاف من أيّ شيء، وأن نملك الجرأة الكافية على تجريب كل الطرق للوصول إلى ما نُريد، فمن لا يحب صعود الجبال لا بُدّ سيقضي حياته جالسًا بين الوديان.
من لا يُحب البحر لن يستطيع اكتشاف الجواهر الساكنة فيه، ومن لا يُحب الطيران سيظلّ يزحف أبد الدهر، فالمغامرة تمنح للإنسان أجنحة تجعله يطير ويُحلق بين السحاب؛ لأنّها تشحنه بالطاقة الإيجابية، والرغبة الكبيرة في الإنجاز والوصول إلى المراتب العليا، وتحقيق أفضل النتائج بسرعة.