تعبير عن الموهبة

كتابة:
تعبير عن الموهبة

الموهبة سلاح المرء وثمرته

من جماليات الحياة أن تكون لدى الإنسان موهبة جميلة يسخرها في خدمته ورعاية مصالحه، وأن تكون السلاح الذي يدفع به مصاعب الحياة، والثمرة التي يُنجز بها الكثير من المهام ويتجاوز بها هذه المصاعب، وكم من شخصٍ حققت له موهبته ثروةً طائلة وشهرةً واسعة.

كما أنّ كثير من المواهب تُعد مصدرًا للدخل والعيش يقتات منها الشخص ويُنميها، فالرسم موهبة والشعر موهبة والكتابةُ أيضًا موهبة وغيرها الكثير، مما قد يكتشفه الإنسان بمحض الصدفة، ومنهم من يتجاهلها ومنهم من يعمل عليها وينميها ويطورها إلى ما لا نهاية، بل ويعلمها لغيره.

الموهبة تولَد مع صاحبها

رأيتُ العديد من الناس الموهوبين في سنٍ صغيرة فعجبتُ لأمرهم وسألتُ أمي عنهم، فأجابتني بأنَّ تلك الموهبة وُلدت معهم ولم يتعلموها لأنّهم في هذه السن الصغيرة لا يستطيعون تحقيق بعض الأمور بسرعةٍ كبيرة، كما قالت لي أيضًا أنّ هناك من الأهل من يتابعون موهبةَ أبنائهم منذ اكتشاف الموهبة عند الطفل حتى نموها معه.

بعض الآباء يطمسون مواهب أبناهم بالتجاهل والإهمال، والامبالاة حتى يُضيعوا على أبنائهم الفرص الكثيرة والكبيرة، والتي لو ذهبت لن تعود مرةً أخرى إلا نادرًا وفي أصعب الظروف، لذلك ينبغي على الآباء متابعة أبنائهم والتعرف على مواهبهم، والحرص على تنميتها وتطويرها حتى يستفيد من موهبته عندما يكبر.

لا تكون الموهبة لدى الأبناء محصورة بشيء معيّن وإنّما تتعدد المواهب التي قد تولد مع الإنسان، هنالك من يولد وهو يمتلك صوتًا شجيًا يستطيع به جذب الكثيرين عندما يقرأ القرآن أو ينشد الأناشيد الدينية، وبناء على ذلك يحرص الوالدان على تقديم ابنهم في العديد من المناسبات الوطنية أو حتى على صعيد المدرسة، كما يُشركونه في النوادي والمؤسسات.

منهم من يولد وهو يجيد الرسم ويتقنه أيما إتقان وكأنّه تعلم على أيدي رسامين مهرة، ويحرص الآباء على تهيئة كافة الظروف التي تدعم موهبته من البدء بإحضار الأدوات ومواد الرسم المتعددة وصولًا بتسجيله في بعض نوادي الرسم ومسابقات المواهب من أجل تحفيزه وتشجيعه على المضي قُدُمًا في هذه الموهبة الرائعة.

يُوجد العديد من المواهب التي يندر وجودها في هذا الكون مثل تصنيع المنتجات والابتكارات الجديدة، ومثل هذه المواهب تحتاج إلى الجهد الكبير ليس من الوالدين فقط وإنّما من المجتمع والدولة، حتى يتم دعمهم وتشجيعهم ورفدهم بالأموال والأدوات اللازمة من أجل مُواصلة طموحهم وتنمية مواهبهم، علمًا أنّ هذه المواهب تعود على الدولة بالخير الوفير.

كثيرٌ من الدول تُهمل تلك المواهب ولا تُعطي لها أهمية مما يؤدي إلى طمسها أو هجرة أصحابها إلى دول أخرى مما يجعل الفائدة تعود عليهم وتضيع بذلك العديد من الفرص على أوطانهم، فكم من المبدعين والمخترعين الذين تركوا بلدانهم وذهبوا إلى أماكن ترعاهم وترعى مواهبهم، حتى اشتهروا وذاع صيتهم بين الناس ولكن في أماكن لا ينتمون إليها.

الموهبة منها ما يُكتَسب

يمكن اكتساب المواهب وتنميتها من خلال الحياة، فليست كل المواهب تُولد مع أصحابها وإنّما منها ما يتم تعلُّمه حتى الإتقان، مثل موهبة الكتابة والشعر والغناء، والحفظ وحل المسائل الرياضية الصعبة بسرعةٍ فائقة، وإجراء العمليات الحسابية الطويلة في الجمع والطرح والضرب والقسمة، وموهبة تصنيع الدُمى وموهبة الخياطة والتطريز والتصميم.

يسعى بعض الأهالي إلى انتساب أبنائهم للنوادي التي تُعنى بتنمية المواهب وتطويرها، وهناك يتم دراسة أحوال الطفل وإجراء الاختبارات التي تُظهر ميوله، ولأي من المواهب يتقنُ أكثر أو يمتلك القابلية لتعلُّمها، وبعد إجراء الاختبارات اللازمة يتم إشراكه بالدورة التي تتلاءم وميوله، حيثُ يبدأ الطفل بتعلم المهارات الأساسية، حتى يصل إلى مبتغاه.

تقام في العديد من الدول بعض الفعاليات التي يتم من خلالها استدعاء أصحاب المواهب إليها؛ من أجل إبرازهم أمام الناس وتشجيعهم على المواصلة في تطوير مواهبهم المتعددة، كما يتم جعل الدعوة عامّة ومجانية، من أجل وصولهم لأكبر شريحة ممكنة من الناس، حيثُ يحضر الكثيرون ويستمتعون بمشاهدة المعروضات والحرف اليدوية.

لا تنحصر تلك المواهب على الأطفال فقط وإنّما تتميز العديد من نساء المجتمع بشتى المواهب مثل؛ موهبة الحياكة والتطريز وصناعة الصابون والشمع والطعام وغيرها من الحرف اليدوية، وتكون بعض النساء موهوبة لدرجة اجتذاب العديد من الأشخاص لها، بسبب دقة العمل وإتقانه ونظافة المنتج خاصة فيما يرتبط بالأطعمة والحلويات المتنوعة.

تلعب المؤسسات المجتمعية في رفد ودعم النساء الماهرات والموهوبات من خلال تمويل مشاريعهم ودعمها ماديًا ومعنويًا، حيثُ يتم تخصيص نسبة من المال تُقدم لتلك النساء بشرط متابعة أعمالهن وزيارتهم بين فترةٍ وأخرى، كما يتم عمل الفعاليات النسوية والعامة والتي تستقطب العديد من الجماهير، بهدف الشراء وبمبالغ بسيطة ورمزية وبالتالي حصولهن على دخلٍ ملائم.

تستغل بعض الفتيات أوقات فراغهم بتعلُّم حرف يدوية بسيطة مثل صنع الأساور وإعداد الحلويات اللذيذة وبيعها عبر شبكة الإنترنت من أجل الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة، ويتم تطوير تلك المواهب عن طريق الاشتراك في النوادي أو أخذ دورات عبر الشبكة والتعلم دون الحاجة للخروج من المنزل وإنفاق المزيد من المال، بل يعود عليهن بالفائدة الكبيرة إذ يصبح مصدرًا للرزق.

الموهبة قد تموت وقد تحيا

وأخيرًا، إنّ بعض المواهب قد تحيا برعاية أصحابها لها واهتمامهم بتنميتها وتطويرها سواءٌ أكان من الشخص نفسه أو من قبل الوالدين والمسؤولين والمعلمين، ومنها ما يتم طمسها والقضاء عليها، بالإهمال وعدم المتابعة، ولكنّ الذكي الذي يهتم بمواهبه وينميها ويطورها باستمرار ويُنفق في سبيل تطويرها الغالي والنفيس.

حتى أنّ بعض المواهب تصبح في كثيرٍ من الأحيان مصدر رزقٍ هام له ولأفراد أسرته، أما الإنسان الذي يقضي على مواهبه بالإهمال والتجاهل، يكون قد خسر خسرانًا عظيماً، وأصبح مُتأخرًا عن سواه بدل التقدُّم.

4210 مشاهدة
للأعلى للسفل
×