محتويات
المقدمة: في الوحدة القوة
تُعد الوحدة بين الأفراد كافة إحدى أهم الركائز الأساسية التي يقوم عليها أي مجتمع في أي دولة، إذ لا يمكن للأفراد عمل الكثير دون توحدهم وإيجاد من يقفون معهم جنبًا إلى جنب، سواء أكانت الوحدة في أمور دنيوية بسيطة أو في أمور هامة مثل حماية الأوطان والذود عنها، أو وحدة في نصرة الدين وإقامة حدود الله.
وكثيرًا ما ينتج عن الوحدة معجزات لا حصر لها، وقد خلق الله عز وجل جميع الناس وجعلهم سندًا وعونًا لغيرهم، إذ لا يمكن لهذه الحياة أن تستمر دون مد يد العون للآخرين ومساندتهم.
العرض: الوحدة ركيزة وطنية ثمينة
ضَرب لنا التاريخ العديد من الأمثلة عن أممٍ توحدت وكانت ذات عزيمة قوية فانتصرت على خصومها، كما أنّ للوحدة الوطنية أهميةً في نشر السلام والتلاحم الوطني ولها دور هام في صد العدوان وحل المشكلات الداخلية.
ويمكن تحقيق الوحدة الوطنية عن طريق مجموعة من الركائز الأساسية التي من خلالها تتم السيطرة على أوضاع البلاد والتقدم بها نحو المعالي، وأولى تلك الركائز هي الأسرة التي تعتبر من أهم المؤسسات المجتمعية التي تعنى بتنشئة الأفراد على القيم والأخلاق الحميدة.
يتلقى الأفراد في الأسرة مجموعة من الآداب العامة ويتعلمون المحافظة على المقدسات الاجتماعية والإسلامية، الواجب عليهم احترامها، ومن الأسرة ينبثق حب الوطن والانتماء إليه، كما تتشكل لدى الأفراد مشاعرُ الفخر والاعتزاز بوطنهم تمامًا كما يفعل ذووهم.
كما تحرص كافة الأديان بتنوعها على المفاهيم الخاصة بالوحدة الوطنية مثل مفاهيم السلام والانتماء للوطن ومساعدة الآخرين بما يستطيعون، كما أنه يوجد لدى العديد من الأفراد إمكانيات تخدم الوطن، وتحافظ عليه من أي آفات أو أضرار مدمرة.
يعتبر الإعلام أحد أهم المؤثرات الوطنية على الوحدة التي يمكن من خلالها توحيد الصفوف وترسيخ قيم التماسك بين أفراد الشعب، مما يؤدي لتحقيق مفهوم القيمة الاجتماعية في الدولة خاصةً في وقت الأزمات وبث الأخبار الهامة والضرورية، وتجنب الإشاعات، كما أنها تعمق من مفهوم الوحدة الوطنية والتكاثف لدى الشعب حول حب الوطن وحمايته والذود عنه.
وللتعليم دور هام في ترسيخ وتعميق الوحدة الوطنية، ويمكنه أن يغرس القيم الوطنية في الأفراد منذ نعومة أظفارهم إلى جانب تعليمهم كيفية التمسك بهويتهم الوطنية وانتمائهم للوطن.
ويساهم الإعلام في حث الأفراد للمشاركة في بنائه خاصة من خلال المبادرات الاجتماعية والعديد من المناسبات الوطنية، كما أنه ينبغي من خلال وسائل التعليم المختلفة زرع قيم الفخر والاعتزاز بأوطانهم.
وتبرز أهمية الوحدة الوطنية في التوفيق بين أبناء الوطن تزيد من أواصر المحبة والترابط بينهم وهم يحبون وطنهم وينتمون إليه ويدافعون عنه ضد أي عدوان خارجي كما أن أوطانهم توحدهم على المبادئ ذاتها والعادات والتقاليد المشتركة في ما بينهم يعيشون فوق أرض واحدة وسماء واحدة.
يقول المنطق: إنه لا يمكن للفرد الواحد أن يواجه جماعةً كبيرةً من المعتدين، ففي توحد المواطنين قوة كبيرة تساعدهم على صد العدوان والتطرف، وتقديم العون لأوطانهم، وحماية أنفسهم، وأوطانهم من الاعتداءات الخارجية والداخلية.
كما تساهم الوحدة الوطنية في التقليل من حدة المشاكل الداخلية التي تنشأ في المجتمعات التي يعاني منها الأفراد المتفرقين؛ لما لهذه المشكلات من إضرار بالمصلحة العامة، وبدلًا من ذلك ينبغي أن تسود مفاهيم الود والمحبة والتعاون بين أفراد البلد الواحد من أجل وقف العنف والجرائم.
إن من شأن الوحدة الوطنية النهوض بكافة القطاعات في الدولة، وتمهيد الطريق نحو المستقبل الواضح فينشأ لدى الشخص شعور بالانتماء والوطنية؛ فيدفعه إلى الإخلاص في أعماله والتطوير من ذاته ومساعدة الآخرين، وتسهم الوحدة الوطنية في تعميم السلام بين أفراد المجتمع الواحد؛ فيتخلص من الخلافات والعنف والعنصرية والأحقاد، فتنتشر أجواء المحبة والتكاثف والتعايش والتآخي.
ولا يمكن إغفال الدور الذي قامت به الشريعة الإسلامية، فقد دعا الدين الإسلامي المسلمين كافة إلى تنمية التوافق الاجتماعي والسير وراء ولي الأمر وطاعته فيما يرضي الله وتقديم الأموال والدم والروح فداء للوطن ونيل الشهادة في سبيل الوحدة الوطنية ووقف الظلم والعدوان عليه.
ومن المعلوم أن الوحدة هي الأساس القوي لقيام المجتمعات وديمومة تماسكها، ولا يمكن أن تقوم الدول وتنجح وتزدهر وهي تعاني من الفرقة بين أطياف المجتمع كافة من مواطنين ومسؤولين وأشخاص من مختلف الطبقات الاجتماعية.
كما تتجلى وحدة الأمم في تقديم العون من قبل أبنائها لمن هم أقلُّ حظًا منهم؛ فكم من أبٍ رغب في تدريس ابنه ولكنه لم يجد المال الكافي لذلك، ثم ما لبث أن أتته المساعدة من حيثُ لا يدري، كما أن كثيرًا من المرضى الذين لا يملكون سوى قوت يومهم، ولكنهم بحاجة إلى الدواء غالي الثمن، أو إلى إجراء العمليات الجراحية، وأحيانا السفر نحو الخارج، يقوم بعض ميسوري الحال بالتبرع بتكاليف العلاج كافة.
وربما تقوم الدولة بتكفل الحالة ودفع كافة التكاليف وتقديم كل ما يلزم لكل من يحتاج، كما ينتشر في تلك الدول كفالة الأيتام ومساعدة المحتاجين وحتى عابري السبيل.
الخاتمة: فرقة الأمم سبب تأخرها
اختم موضوعي بالحديث عن الأمم التي تأخرت بسبب تفرقها عن بعضها البعض، وقد عانى عدد كبير من الدول من الضعف والهشاشة بسبب عدم وحدة أبنائها وتفرقهم، ولو أنهم تعاونوا وتكاثفوا في ما بينهم لما حصلت السقطات والانهيارات في العديد من المجتمعات ولما انتشرت الجريمة بين فئات المجتمع المختلفة.
ومن المعلوم أن الدول التي لم تزرع في أبنائها حب الوطن والانتماء إليه ستتعرض لا محالة إلى هروب أبنائها خارج الوطن عند أي فرصة سانحة لذلك، فلا حب ولا انتماء يكون لديهم تجاه أوطانِهم.