النمل بين صغر الحجم وكبر القيمة
النمل حشرة صغيرة لكنّه من أكثر الحشرات تنظيمًا وترتيبًا وحرصًا على العمل؛ إذ يُضرب المثل في ممالك النمل وشدّة حرصها على العمل الدؤوب لجمع الطعام في فصل الصيف لاستخدامه في فصل الشتاء؛ لهذا فإنّ للنمل قيمة كبيرة، إنّه كائنٌ منظّم مثل معسكرات الجيش التي لا تقبل بأيّ خلل.
ذُكر النمل في القرآن الكريم في سورة سُمّيت سورة النمل، ومن المعروف أنّ عدد النمل في الأرض كبيرٌ جدًا، ويُوجد من النمل أنواع كثيرة وألوان متعددة، وهذه الحشرة الصغيرة استطاعت أن تُثبت وجودها كما لو أنّها مخلوقٌ ضخم؛ نظرًا لقدرة النمل العجيبة في حفر الأنفاق تحت الأرض.
النمل عمل بروح الفريق
النمل مثالٌ حي على العمل بروح الفريق، ولا يُمكن أن يخرج أيّ أحدٌ في مملكة النمل عن دوره في العمل، فالذكور رغم أنّ حياتها قصيرة نسبيًا إلّا أنها تلتزم بدورها الأساسي، وكذلك الملكات والنملات العاملات، اللواتي هنّ الأطول عمرًا في مملكة النمل، وكأنّ مملكة النمل تعمل كعائلة متعاونة جدًا يسودها الوئام.
يعيش النمل في المتوسط ما يُقارب سبعة أعوام، وكلّما أردتُ أن آخذ العبرة من العمل الطويل والمستمر دون كلل أو ملل، جلستُ أراقب النمل وهو يحمل الطعام من حبوب وحبيبات صغيرة من السكر، غير آبِه في أيّ شيء سوى العمل، لقد ألهمني الكثير من الحماس والشغف.
يتواصل النمل معًا عن طريق مواد كيميائية يُطلقها في مساره، وكأنه عالمٌ في الجغرافيا والتضاريس وطرق الوصول إلى المكان الصحيح، وهذا ما يُفسّر كيفية استدلال النمل على بعضه بعضًا أثناء العمل.
سير طوابير النمل وكأنها عساكر منظمة تنظيمًا دقيقًا جدًا، كما يتواصل بالأصوات وإحداث بعض الضوضاء والإشارات التي يتعرف إليها النمل، وهذا يعني أن النمل صاحب حدسٍ قوي، فالنمل منظم حتى في نومه؛ إذ ينام في اليوم ما يُقارب ثماني ساعات.
النملات العاملات يُشبهن الأمهات في التعب الذين يقمن به لأجل مملكة النمل، فيأخذن غفوةً لمدة ثماني دقائق كل اثنتي عشرة ساعة، يا له من تنظيمٍ رائع لا يستطيعه إلا مملكة تُخطط وتسير وفق هدفٍ معين.
النمل يحمي مستعمراته التي يعيش فيها بضراوة، ويدافع عنها بشراسة ولا يسمح لأيّة حشرة بأن تُسبّب الأذى لأي أحدٍ في مستعمرته، وهذا يعني أنّ القوة لا علاقة لها بالحجم، وإنّما بالتكاتف والاتحاد الذي يظهر جليًا في مملكة النمل العظيمة.
إطعام يرقات النمل يتم بكلّ سلاسة، ويتم تقديم الطعام للنمل الصغير وتمزيقه كي يتناوله بسهولة، وممّا لا شكّ فيه أنّ النمل يحفظ أدواره هذه عن ظهر قلب كما لو أنّه تلميذٌ مجتهد يقيم في فندقٍ فاخر حتى يستطيع الاعتماد على نفسه.
النمل مجتمع متكاتف
في الختام، لا بُدّ من التمعُّن جيدًا في شدة تكاتف وتعاون مجتمع النمل؛ حيث يسود مساكن النمل ترتيبًا عجيبًا لا يخرقه أيّ أحد، وتستطيع هذه الحشرة الصغيرة أن تُعلم باقي المخلوقات درسًا واضحًا في أهمية العمل والتعاون والتكاتف ضدّ الأعداء وفي الظروف الطارئة.
النمل مخلوقٌ عنيد كما لو أنّه قائدٌ ذكي يملك تنظيمًا رائعًا، ويظهر هذا جليًا لو جلسَ أيّ أحد وراقبَ النمل وهو يسعى في حمل الطعام من أماكن كثيرة، ويدخل فيها إلى مسكنه بكل ثقة، غير آبِه في أيّ شيء؛ لأنّ القانون الأوحد الذي يلتزم فيه هو الثبات والاحتفاظ بروح العمل الجماعيّ الدؤوب مهما كانت الظروف.