حسيبة بن بوعلي شهيدة الوطن
إحدى أيقونات الثورة الجزائرية، حسيبة بن بوعلي؛ وُلدت في 18 كانون الثاني من عام 1938م، وقد كانت تتميز بالذكاء الحاد وسرعة بديهتها؛ فهي من ضمن المناضلين في الثورة الجزائرية في عمر السابعة عشر، لكن نشاطها الفعال في الثورة كان في عام 1956م.
كانت من العناصر النشيطة مع الفدائيين الذي يقومون بصناعة القنابل ونقلها، كما كانت تجلب المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع المتفجرات من المستشفى التي تعمل فيه، ولها دور بارز في إشعال معركة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي.
حسيبة أيقونة الثورة الجزائرية
حسيبة بوعلي تعتبر أيقونة من أيقونات الثورة الجزائرية؛ لأنّها بدأت النضال في سنٍ صغيرة، ولم يعرف الخوف طريقًا إلى قلبها، بل كانت مؤمنةً بقضية وطنها وحرية شعبها، فأخذت على نفسها عهدًا أن تكون جزءًا فاعلًا في التحرير من الاستعمار الفرنسي، فلم تترك جهدًا تستطيعه إلّا قامت به لأجل ذلك.
كانت ممن شاركوا بإشعال فتيل معركة الجزائر؛ لتكون البداية للتحرر من الاستعمار الفرنسي الذي طال في البلاد؛ لهذا فإنّ حسيبة بوعلي من أبرز من كان لهم الفضل في التخلص من الاستعمار الغاشم، والتحقت مع صفوف المجاهدين، وهذا من أكثر ما يُثير في نفوسنا الإعجاب بهذه المرأة التي تخلّت عن جميع أحلامها العادية ليكون حلمها والهدف الذي تسعى إليه هو دحر الاستعمار الفرنسي.
أرادت حسيبة بوعلي أن تُوصل للعالم رسالةً آمنت بها، وهي أنّ الجهاد ضدّ الاستعمار أفضل طريقة للتخلص منه، ومعنى أن يحمل الإنسان روحه في كفه لأجل أن يصنع الفرق، ويكون قنديلًا مضيئًا في مسيرة تحرر بلاده، فالأوطان لا تتحرر إلا بإصرار الشعوب على دحر الطغيان، وهذا ما آمنت به حسيبة بوعلي، فهي لم تكن مناضلةً عاديةً، بل كانت من الأوائل في الصفوف.
غادرت حسيبة بوعلي بيت أسرتها نهائيًا لأجل دفاعها عن وطنها، وكان ذلك في تشرين أول من عام 1956م؛ بسبب أنّ الاستعمار الفرنسي اكتشف أمرها وأنّها في صفوف المجاهدين، فتوارت عن أنظارهم، لكن رغم هذا تمّ التعرف إلى المكان الذي كانت تتحصن فيه، وما كان من قوات العدوان الفرنسي إلا أن حاصرت المكان، وهددوها هي وزملائها.
كان الخيار وقتها إمّا الاستسلام والتسليم، أو الاستمرار في الجهاد وصنع موقف مشرف في سبيل الجزائر الذي كان يفخر بأبنائه وبناته من أمثال حسيبة بوعلي، وقامت قوات الاستعمار الفرنسية بنسف المبنى الذي تتحصن فيه حسيبة مع رفاقها المجاهدين بعد رفضهم الاستسلام، وبهذا استشهدت في الثامن من تشرين أول من عام 1957م.
انتهت قصة الشهيدة المناضلة البطلة التي ضحت بروحها لأجل وطنها الجزائر، وعلمتنا الكثير من الدروس في الصبر والتضحية والتصميم على النصر حتى لو كان الثمن التضحية بالدم والروح، وقدمت الغالي والنفيس لأجل نيل الحرية وحفظ أمن وأمان الجزائر، إنّها بحق نموذج رائع للمرأة المجاهدة المتفانية.
حسيبة بوعلي من النساء اللواتي تركن بصمةً واضحةً في ميدان البطولة والتضحيات، فهي من الأشخاص الثابتين على مبدأ الجهاد رغم كلّ الصعوبات والتحديات، وهي بحق قوية بشخصيتها النضالية التي جعلت منها امرأةً قادرةً على أن تُدافع عن بلدها بالإمكانيات التي تملكها.
لم تتردد حسيبة لحظةً واحدةً في أن تُضحي بروحها كي تمنح الحرية لوطنها، فهي تُعلمنا جميعًا دور المرأة الجزائرية في تحقيق النصر والتخلص من الاستعمار الفرنسي، فهي جزء من بلد المليون شهيد، وهي اسمٌ لامع في أسماء الشهداء الذين ارتقت أرواحهم بالكثير من الفخر والعزة والكرامة.
حسيبة رمز المرأة المناضلة
أخيرًا، إن حسيبة بوعلي مثال للمرأة القدوة، وقد اقتدت بها الكثير من النساء بوصفها أُنموذجًا للمرأة المناضلة المتفانية في نضالها، التي آمنت بهدفها في تحرير وطنها من ظلم واستبداد الاستعمار الفرنسي الذي طال، وأكثرَ من القتل والنهب والسلب.
كما أنّها قدوة للنساء العربيات جميعًا وليس فقط الجزائريات، ليتعلمن منها معنى أن تكون المرأة مؤمنةً بقضية بلدها، ومناضلةً من الطراز الأول، وقادرةً على المساهمة في مسيرة النصر والتحرر، وقويةً ومثابرةً، وهذا ما كانت عليه الشهيدة حسيبة بوعلي.