تعبير عن صحراء الجزائر وجمالها الخلاب

كتابة:
تعبير عن صحراء الجزائر وجمالها الخلاب

صحراء الجزائر محط أنظار العالم

تتزيّن الجزائر بحلي ذهبية، تلتف حول معظم أجزاء جسدها الفتي، ممّا يُكسبها بريقًا خاصًا تنعكس آثاره على أعين الزائرين لها والمارين بأراضيها، ذلك الحلي الذي يُعرف باسم "الصحراء الجزائرية"، التي أدهشت العقول وأثارت الفضول منذ فجر التاريخ، فقد ضمت بين دفتيها تاريخًا يعود لأكثر من عشرة آلاف عام.

احتوت أيضًا على دلائل أثرية إنسانية تبوح بإعجاز الحضارات، وعلى مظاهر طبيعية تُثبت ما عرفته هذه الأرض من السحر الكوني، الأمر الذي جعلها محط أنظار مختلف الشعوب حول العالم، وتتمتع الجزائر بنظامٍ بيئي جغرافي متميز؛ إذ تُشكل البيئة الصحراوية عصب الدولة ومركزها، شاغلةً بذلك ما يفوق الثمانين بالمئة من المساحة الإجمالية للدولة، وما يقارب العشرين بالمئة من المساحة الإجمالية للصحراء الكبرى الإفريقية.

تتميز الصحراء الجزائرية بغناها اللا محدود من الموارد والمظاهر الطبيعية؛ إذ إنّنا نلحظ تنوع الثروات الباطنية فيها ما بين الغاز والنفط والبترول، ويعتقد العلماء أنّ الصحراء الجزائرية خضعت لعملية تحويلٍ شاملة، فقد كانت سابقًا تُماثل الجنة جمالًا وتنوعًا، لكنّ التحول المناخي قد أطلق لعنته الحمقاء لتُصيب غابة الجزائر، محولةً إيّاها من منطقةٍ رطبةٍ إلى منطقةٍ جافة.

صحراء الجزائر يأتيها الزوار من كل حدبٍ وصوب

عند نظري في صحراء الجزائر أجدها تتميز عن غيرها بتميز ما فيها من المعالم؛ حيث تحتل مدينة "حاسي مسعود" البترولية أعلى مراتب الشهرة على الإطلاق، فقد شهدت تنافسًا دوليًا ومحليًا في سوق الصناعات البترولية الهادفة إلى استغلالها والاستفادة منها، وأمّا عن المظاهر الطبيعية الصحراوية فقد لبست ثوبًا مزركشًا من ألوان الاختلافات المظاهرية.

بدءًا من شمالها المحدود بتميز جباله الشامخة المعروفة باسم "جبال الأطلس" التلي والصحراوي، وما بينهما من الهضاب المتصفة بالجفاف المناخي الحاملة لاسم "الهضاب العليا"، مرورًا ببحور الكثبان الرملية ذات الموج المتمايل، والتي تُعرف باسم "العرق الكبير" الممتد شرقًا وغربًا؛ لتتشابه مع الجبال في هيئتها وقممها، إضافةً إلى ظهور عددٍ من الجنان داخل ما تحمله الصحراء من قساوة العيش، والتي تُدعى الواحات.

نراها كاللؤلؤة الخضراء المتوسطة لعقد الصحراء الذهبي، ذلك التنوع الطبيعي منح الصحراء الجزائرية وسامًا من التميز، ليهم الناس لزيارتها من مختلف بقاع الأرض وأقاصيها، رغبةً بالتعرف عليها، ولا سيما عندما أدرك العالم ما أصابها من الأسرار السحرية، التي حولتها إلى ما هي عليه الآن.

تتجلى دلائل جمال صحراء الجزائر كما لمستُ في عدة مواضع، تلك التي تُعد من أهم المزارات السياحية، كسلسلة "طاسيلي ناجر" الجبلية، والتي تبدو قممها كعكازٍ غرس وسط الرمال فابتلعته مبقيةً على رأسه، ليقضي حتفه عبر التآكل البطيء بفعل عوامل الحت الرياحي، إلى أن ظهر عليه مجموعة من الثقوب التي أصبحت مساكنًا للطيور.

تنقسم السلسلة إلى ثلاثة أقسامٍ تعرف باسم "طاسيلي الداخل" و"طاسيلي الخارج" و"الأخدود أسفل طاسيلي"، ودخلت قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونيسكو، وذلك بعد اكتشاف عدد من الآثار والنقوش العائدة إلى العصور الحجرية كمدينة "تاغيت" التي تجمع تدرج ألوان الطبيعة الخضراء، وسماء الصحراء الصافية وأرضها الذهبية ضمن لوحةٍ فنيةٍ واحدة، فكأنها الجوهرة الخضراء المتوسطة لعقد الجبال والكثبان الرملية.

صحراء الجزائر ثروة يمكن استغلالها

إنّ لتلون البلاد الجزائرية بلون الذهب الصحراوي قيمة لا تقل عن قيمة الذهب الحقيقي، فكم بهرني جمالها وإليكم ما رأيت، فهي تضم بين دفتيها ما يُعرف بالمناخ الصحراوي المتصف بقساوة حرارته وارتفاع درجاتها حد الشعور بالذوبان والانصهار، وبما أنّ الأراضي الصحراوية تتسع وتمتد لتشغل المساحة العُظمى من إجمالي الجزائر، فقد توجهت الأنظار العلمية نحوها توجهًا ملحوظًا.

لا سيما من قبل علماء الطاقة البديلة، والوكالات المناخية؛ لتُعلن الوكالة الألمانية المنطقة الصحراوية وعاءً من الحرارة المشعة، الحاوية لأعلى نسبة من الطاقة الشمسية وإشعاعها حول العالم، وإنّ ذلك جعل من الصحراء ثروةً لا تُقدّر بثمن، فبفضلها نستطيع منح النور والضياء لجميع سكان العالم عبر توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية.

كما أنّ ما احتوته الصحراء من آثار الحياة الأولى كالنقوش الحجرية الإنسانية والحيوانية، وأنواع النباتات والأشجار الصامدة في وجه عوامل الزمن، المدافعة عن بقاء نوعها واستمراريته، عاملًا مهمًا من عوامل ثروة الجزائر وصحرائها.

غير أنّ ما لدى الصحراء من أنواع الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض، كالقط الشبيه بالنمر وغيره، يجعلها عُملةً نادرةً؛ لذلك لا بُد من استغلال ثروات وكنوز الجزائر وصحرائها عبر إقامة العديد من المشاريع السياحية، كالفنادق والمحميات الطبيعية والحدائق العامة، إضافةً إلى ضرورة تطبيق المشاريع العلمية لخدمة الإنسان.

صحراء الجزائر لوحة من يد رسام عبقري

ختامًا، إنّ صحراء الجزائر بامتدادها الواسع تُعدّ آيةً من الإعجاز الفني والخلقي، فقد أكسبها التنوع الشديد في المظاهر ما بين جبالٍ وهضابٍ ووديانٍ، إضافةً إلى الواحات والينابيع جمالًا خاصًا بها، يستحيل على أيّ مبدع إمكانية خلقه، أو محاولة وصفه وصفًا يليق بعظمتها الحقيقية.

إنّ الجمع ما بين جميع المظاهر بأطيافها وألوانها، وما بين اختلاف مظاهرها في الزمن الحاضر والزمن الماضي عندما كانت الصحراء غابةً من غابات البديع أمرٌ في غاية التعقيد يتطلب مُبدعًا عبقريًّا، كما عُثر في سلسلة جبلية في صحرائها على عددٍ من النقوش الصخرية الهرمة، وقد بلغت من العمر ما يُقارب الثمانية آلاف عام.

تميزت مدينة تاغيت بعدد من القصور الأثرية المعجزة تصميمًا؛ إذ تغزوها الشمس بضوئها وحرارتها، ويكسوها الهواء بعطفه على الرغم من بنائها وفق نظامٍ مغلقٍ من الخارج ومفتوحٍ من الداخل، ولا بُد من الإشارة أيضًا إلى منطقة "وادي مزاب" وشكلها المنحوت وسط جبلٍ صخري جعل منها تُحفةً فنيةً دقيقة الصنعة.

كما عُرفت بقصورها السبعة المعجزة بتصميمها وعمارتها الهندسية؛ إذ إنّها ضاهت ما تُقدمه أدوات البناء الحديثة من تفاصيل دقيقة ضمن عصرٍ عاصر البدائية وتعايش معها، وذلك ما حثّ المعنيين بفنون الهندسة والتصميم والتصوير على دراسة المنطقة دراسةً شاملةً، بلغت حد تأليف الكتب الخاصة بوصفها، كما فعل أحد المصورين؛ ليكون ذلك اعترافًا عالميًا بروعة المنطقة وجمالها اللا محدود.

5224 مشاهدة
للأعلى للسفل
×