محتويات
فلسطين: تاريخ وحضارة
فلسطين مهد الحضارات منذ فجر التاريخ، ومهبط الأديان السماوية، ويشهد كلّ مكان فيها على الإرث التاريخي والحضاري الفريد، خاصّة أنّفلسطين تضمّ بيت المقدس وقبة الصخرة المشرفة، والمسجد الأقصى فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وفي فلسطين أيضًا كنيسة المهد التي ولد فيها النبي عيسى بن مريم -عليه السلام- وهي أيضًا مهبط الديانة الإبراهيمية وموطن الحضارة الكنعانية وفيها نزل الكثير من الرسل.
لهذا؛ فإنّ لفلسطين خصوصية تاريخية وحضارية عميقة لا توازيها أيّة مكانة، ويليق بها بأن تكون أيقونة مقدسة ورمزًا تاريخيًا عريقًا يحبه الجميع ويسعى للقرب منه، لهذا كانت فلسطين على مرّ التاريخ في مرمى أطماع الشعوب التي تطمح لاحتلالها والسيطرة عليها.
ففي وصف التاريخ الحضاري لفلسطين تنحني الحروف والكلمات وتتزين المعاني، فهي من الدول التي تحظى باهتمامٍ، وموقعها الاستراتيجي الذي يصل ما بين قارتي آسيا وإفريقيا جعل منها دولة يطمع بها الشرق والغرب.
ويتمنى الجميع لو أنّ تكون فلسطين جزء من بلاده، فهي دولة لا يُمكن أن تدخل في خانة التهميش، أو تكون يومًا دون تركيز الضوء عليها، بل كانت وما زالت وستبقى فلسطين الرمز التاريخي الذي يتم تسليط الضوء عليه دومًا.خاصة أنّ العديد من الحضارات تعاقبت على حكم فلسطين، إضافة إلى أنها حلقة الوصل ما بين أهم حضارتين وهما: الحضارة السومرية في العراق، والحضارة الفرعونية في مصر.
فلسطين بلد الخير والعطاء
فلسطين بلدٌ مليءٌ بالخير والعطاء، على الرغم من كل الظروف التي مرّت على أراضيه، فتراب فلسطين تراب خصب جعل من التنوع الزراعي فيها أمرًا مشهورًا عنها، لهذا تنمو فيها مختلف أنواع المحاصيل الزراعية من أشجار ونباتات مختلفة، فأصبحت تُعرف بتفاحها وبرتقال يافا وخضروات الأغوار فيها، وغير ذلك من الأصناف الزراعية التي تُعرف بجودتها، خاصة أنّ فلسطين تقع في منطقة ذات مناخ ملائم للزراعة.
كما يوجد فيها ينابيع مائية كثيرة، وأشجار معمرة، ومساحات شاسعة من السهول الخضراء، والجبال المزروعة بمختلف أنواع الشجر، وعلى الرغم من أنّ مساحتها صغيرة نسبيًا إلّا أنّ التنوع المناخي فيها أتاح تنوع المحاصيل فيها وجودتها الملفتة بشكلٍ كبير.
ويُعرف عن فلسطين أنها بلدٌ يزخر بالخير الذي جعل الكثير من الأطعمة الشهيرة تنشأ منها نتيجة توفر محاصيلها الزراعية في أراضيها، فالزيتون فيها من أجود أنواع الزيتون؛ لهذا يشتهر زيتها في جميع أنحاء العالم، وكذلك الزعتر والسماق والفواكه المختلفة وخاصة الحمضيات.
يشتهر أهل فلسطين نتيجة لهذا بقدرتهم على التصنيع الغذائي لمختلف أنواع المحاصيل؛ حيث إنّهم يشتهرون بالزيتون المكبوس والمخللات ومختلف أنواع الطهي وخاصة المسخن والمفتول والمقلوبة، إضافة إلى إنتاج الزعتر والسماق المطحون والمخبوزات بمختلف أشكالها، كما يشتهر أهل فلسطين بصناعة الحلويات التقليدية التي توارثوا طرق صنعها من الأجداد حتى أصبحوا يعرفون بها في جميع العالم.
حب فلسطين عنوان العرب
يجمع العرب جميعًا على حب فلسطين، ويعدّونها قضيتهم الأولى التي تُدافع الشعوب عنها، خاصة أنّ فلسطين ترضخ تحت وطأة الاحتلال، ورغم ذلك تحافظ على هويتها العربية والإسلامية قدر الإمكان، مهما حاول الجميع أن يطمس هذه الهوية، إلّا أنّ فلسطين تجمع العرب جميعًا على حبها، ويفتخرون دومًا بالانتصارات التي يحققها أبطالها، ويفتخرون بصمود أهلها الذين يدافعون عن أرض فلسطين ومقدساتها بأرواحهم.
ولا يهتمون بحياتهم بقدر ما يهمهم أن تظلّ فلسطين محافظة على كيانها ووجودها وهويتها الأصيلة، ومحتفظين بأمل النصر الكامل وتحريريها؛ لهذا تحظى فلسطين بمكانة فريدة بين جميع الدول العربية؛ لأنها تجمع القلوب على حبها والدعاء لها في كلّ وقتٍ وحين.
فلسطين بهويتها العربية ومكانتها المقدسة تجعل من نفسها بوصلة لكلّ عربي حر وشريف، حتى إنّ الشعوب العربية تردّد دومًا كلمة أنّ بوصلة لا تُشير إلى القدس هي بوصلة مشبوهة، فالقضية الأولى في ذهن كلّ عربي هي قضية فلسطين التي يتمنى جميع العرب والمسلمين أن يفرحوا بالنصر بها يومًا قريبًا.
على الرغم من كلّ الظروف والأحوال، فإن فلسطين لا ترضخ لأيّ شيء، بل يظلّ رأسها مرفوعًا على الدوام، تدافع عن شرف الأمة وتزرع في القلوب والعقول فخرًا وعزة وكرامة، فهي البلد الذي يتبنى قضيته كل إنسان شريف في العالم، وهي البلد الذي تفرح القلوب بقربه ويتمنى كلّ عربي ومسلم أن يحظى بزيارة إليها ليرى الخير فيها ويأخذ من صمود أهلها.
فلسطين أرض الشهادة
إنّ فلسطين أرض الشهادة والنصر والتضحيات، وهي الوطن الذي يفتدى بالدماء والأرواح، فكم من أرواحٍ صعدت إلى بارئها دفاعًا عنها، وكم من دماءٍ روت ترابها الطاهر.
لهذا تضم فلسطين أجساد الشهداء وتعلو بهم، لأنهم لم يهتموا بحياتهم بقدر اهتمامهم بنصرة فلسطين ودفاعهم عن حريتها وقدسيتها في وجه الاحتلال الغاشم الذي يحاول أن يسلب كلّ شيء فيها ويسطو على ترابها الطاهر، لكن أرواح الشهداء تحرس فلسطين وتصون ترابها من كل شيء.
فالشهداء فيها هم القناديل الذي يضيئون عتم لياليها، وهم الدماء الزكية التي تتعطر قبة فلسطين فيها، وهم الأيقونات التي يفتخر بها كلّ حرٍ شريف، في بيت كل فلسطيني شهيد أو مشروع شهيد، فهم لا يٍسألون عن حياتهم لأنهم وهبوها لأجل ترابها الطاهر، ومستعدون دومًا أن يقفوا صفًا واحدًا لأجل أن تتحرر البلاد، وأن يكون كيانها مستقلًا عن الاحتلال الغاشم.
في فلسطين أطفالٌ تربوا على معاني الشهادة، ورضعوا حليب الأمهات اللواتي يحرصن على أن يعلمن أبناءهن أسمى معاني النصر والفداء، فطوبى للشهداء الذين يأخذون بيد الأمة جمعاء نحو النصر والفداء، ويحلقون بأرواحهم في سماء البلاد كي يحرسوها من طيور الظلام الذين لا يعرفون إلا الغدر، لكن الشهداء لهم بالمرصاد وأقسموا وبرّوا بقسمهم في سبيل أوطانهم.