محتويات
أبو الثورة الجزائرية مصطفى بن بولعيد
أحد أيقونات الثورة الجزائرية، فقد كان مجاهدًا من الطراز الأول، مصطفى بن بولعيد قاد النضال ضدّ الاستعمار الفرنسي بكلّ شجاعة، وقد وُلد مصطفى بن بولعيد في عام 1917م، وهو أيضًا عضو في جبهة التحرير الوطني، حتى إنّه لُقب بأبي الثورة وأسد الأوراس، وكان له أدوار بارزة عديدة في المواجهات العسكرية والسياسية، حيث كان مخططًا ومنظمًا بارعًا في التعبئة العسكرية.
مصطفى بن بولعيد مواقف وأحداث
قدم مصطفى بن بولعيد تضحيات كثيرةً في سبيل الثورة الجزائرية، وكان يملك إيمانًا كبيرًا بقضيته وعدالتها، وحق الجزائر في التحرر من الاستعمار الفرنسي الذي طال في الجزائر، وكان قائدًا يتحلى بالإنسانية الكبيرة، بالإضافة إلى أنّه كان متمرسًا جدًا في القيادة السياسية والعسكرية، ممّا جعل له ثقلًا كبيرًا بين قادة الثورة الجزائرية وجبهة التحرير.
هذا جعله ينقم على الإدارة الاستعمارية الفرنسية التي كانت تُميز الأطفال الفرنسيين عن الجزائريين في المدرسة التي كان يدرس بها، وكان يُلاحظ مدى الاختلاف بين الجزائريين والفرنسيين في العادات والتقاليد والأخلاق، ومن هذه النقطة بدأت الأفكار تُراوده في ضرورة طرد المستعمر الفرنسي الغاصب الذي لا ينتمي إلى الجزائر بأيّ شكل، فانضمّ إلى نادي آريس وناضل من خلاله حتى سافر إلى فرنسا.
انتخب في نهايات 1938م كرئيس لنقابة العمال الجزائريين في فرنسا، وأدرك وقتها كمية الازدراء والعنصرية التي يتعرض لها الجزائريون سواء في فرنسا أم في الجزائر، فزاد تصميمه على شحذ الهمم للتخلص من المستعمر الفرنسي، كما اجتهد مصطفى بن بولعيد في أثناء الخدمة العسكرية في التدرب على استخدام الأسلحة الحديثة والقنابل.
كان له العديد من الأنشطة السياسية التي تُناهض الاستعمار الفرنسي؛ ونتيجة لهذا النشاط تعرض للكثير من المكائد ومحاولات الاغتيال التي خطط لها الاستعمار، وقد هاجتمه عصابات فرنسية في بيته، ولكنه لم يستسلم وكان رده عليها بالرصاص حتى هربوا، وكذلك تعرض أفراد أسرته إلى محاولات فاشلة شبيهة، حيث كان مصطفى بن بولعيد مستهدفًا من قبل فرنسا، ويُحاولون الوصول إليه بأيّة طريقة.
كان لمصطفى بن بولعيد العديد من النشاطات والاتفاقيات التي أفرزت أهدافًا كثيرة أهمها: إعلان ثورة جزائرية مسلحة ضدّ الاستعمار الفرنسي وتحت اسم جبهة التحرير الوطني، بالإضافة إلى إعداد مشروع بيان أول نوفمبر في عام 1954م، حيث كان يعقد بولعيد العديد من الاجتماعات مع قادة الثورة ولم يذق طعم الراحة أبدًا، حتى إنّه تعرض للاعتقال أكثر من مرة.
كان يأوي المجاهدين المناضلين الفارين من فرنسا ويُخبئهم في منزله، كما كان يُنسق شؤون الثورة بكل حكمة وروية؛ كي تتم بأفضل طريقة، وحوكم مصطفى بن بولعيد عدّة مرات، حتى حُكم عليه في إحدى المرات بالأشغال الشاقة، ورغم هذا لم يفقد إيمانه يومًا واحدًا، ولم يتسلل اليأس إلى قلبه، وظلّ مرابطًا مع أبناء الثورة ولم يهتم بحياته، حتى عندما فرّ من السجن تحمل أقسى الظروف.
لم يُحاول أن ينجو بحياته بل عاد للجهاد والنضال من جديد، يُعرف عنه أنّه كان في عينيه عزمٌ أكبر على النصر والتحرر من ظلم المستعمر، خاصةً أنّه أخذ عهدًا على نفسه أن يكون دومًا في مقدمة المجاهدين، وألّا يثنيه عن التخطيط للثورة أيّ شيء، فلم تهمه المكاسب ولا المناصب، بل كان يهمه حال وطنه وشعبه؛ لأنّه قائد آمنَ بالعدالة التي لم يكن المستعمر الفرنسي يُطبقها أبدًا.
رحيل وخلود في الذاكرة
في الختام، مهما طال الزمن سيظلّ القائد مصطفى بن بولعيد خالدًا في الذاكرة رغم رحيله المبكر، فهو مثالٌ حي على معنى التضحية والوفاء والنضال لأجل التحرر، وهو بحق من القادة الذين حفروا في الصخر لأجل حرية وطنهم، وكان همه الوحيد أن يرى المستعمر خارج وطنه.
ظلّ مُصممًا وماضيًا قُدمًا في الثورة والجهاد ضد المستعمر الفرنسي حتى آخر لحظة في حياته، حيث كان يحضر اجتماعًا مهمًا للثورة قبل يوم واحد من اغتياله؛ لهذا سيظلّ دم الشهيد مصطفى بن بولعيد منارة التحرير الجزائرية.