تعبير عن مكانة المرأة
يُقال بأنّ المرأة هي نصف المجتمع، والرجل نصفه الآخر، يتعاونان معًا من أجل إكمال مسيرة الحياة، ويقال أيضًا بأنّ المرأة هي نصف المجتمع وهي التي تربّي النصف الآخر، والحقيقة أنّ للمرأة دورًا مهمًّا في المجتمع، فهي الأمّ التي بها تقوم الأسرة، وهي المعلمة والممرضة والطبيبة والمهندسة والمديرة والعاملة، وقد أولت الشرائع الإنسانية والأديان السماوية اهتمامًا وعنايًة بالمرأة وحقوقها، وجعلت لها مكانة محفوظة ودورًا مهمًا وبارزًا في الحياة.
وقد أتت هذه التوجيهات بعد معاناة كبيرة للمرأة، ففي الجاهلية مثلًا اشتُهرت مسألة وأد البنات، فقد كان من يُرزق بابنة يدفنها، نظرًا لارتباط إنجاب البنات عند الجاهليين بمعانٍ كثيرة منها الخزيُ والعار أو الضعف وقلّة الحيلة، فقد كان الجاهليّ يرى في إنجاب الأولاد الذكور سندًا وعزة وفخرًا، ولم تكن هناك حدود تحفظ للمرأة حقوقها وإنسانيتها وأنوثتها، بل كان هناك من يستخدم بناته أو زوجته في كسب المال بطرق غير أخلاقيّة وغير مشروعة.
وتختلفُ مكانة المرأة في الوقت الحاضر من مجتمع إلى مجتمع، ومن دين إلى دين، فالمجتمعات الغربية مثلًا، ترى بأنّه من الضروري أن تعمل المرأة ولا تبقى في المنزل لتربية الأطفال، حيث يعدّون تفرغ المرأة لبيتها وزوجها وأطفالها انتقاصًا من قيمتها، ويرون قيمة كبيرة للماديات أو بمعنى آخر الاستقلال المادي للمرأة، في حين أن معظم المجتمعات العربية جعلت الوظيفة الأساسية للرجل خدمة أهل بيته والإنفاق عليهم، والوظيفة الأساسية للمرأة هي رعاية أطفالها وتربيتهم، ولا ينتقص ذلك من قيمتها ولا دورها في المجتمع على العكس، فإن التربية الصالحة للأطفال، والتفرغ لهم وسماعهم ومشاركتهم حياتهم، وعدم تركهم وإهمالهم تعدّ وظيفة صعبة في حدّ ذاتها يجدر تقديرها واحترامها.
الفكرة فقط في أنّه لم يصطلح على أن تكون وظيفة المرأة أمًّا، بل يعد كثيرٌ من الناس الأمومة واجبًا وفطرة فقط، وفي الوقت نفسه، فإنّ للمرأة حريتها وحقّها في العمل والتعليم، سواء أكان ذلك بدافع الحاجة أم بدافع الرغبة، أيْ لم يقيّد المجتمع المرأة كما يشاع، ولم ينتقص من قَدْرها وحقوقها وقيمتها، وإن كانت بعض الأسر ترفض أن تكمل بناتها الدراسة، أو ترفض عمل المرأة، فإن هذه حالات فردية ولا يُقاس عليها.
وقد كفل الإسلام للمرأة حقوقها كافّة، وضَمِنَ لها حياة تتّسق وطبيتعها وفطرتها، فالله الذي خلق البشر وخلق النفس هو الأعلم بما يصلح لها وما يهذبها، ويريحها، فقد أوكل للمرأة مهام الاهتمام بنفسها وزوجها وأطفالها، وحثها على التعلم، وأمر الرجل بالإنفاق عليها، ومراعاة مشاعرها ومعاملتها بالحسنى، والتعامل معها بلين ولطف؛ لأن المرأة رغم قوتها في الجوانب التي منحها الله القوة فيها كالحمل، والولادة، والإرضاع، وتحمل مسؤولية بيتها وأطفالها، إلا أنها حساسة تجرحها الكلمة القاسية، وتفرحها الكلمة الطيبة.
لذلك شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- النساء بالقوارير للينِ خاطرهنّ، وأمر الله تعالى الرجال بالرفق والتلطف عند معاملة المرأة، مع الانتباه إلى أن رقة المرأة ليست مرتبطة بالضعف الذي يشاع عنها ولكنها طبيعة خلقها الله عليها، فكما جعل الله المرأة قوية في المهام التي يسرها إليها، جعل الرجل قويًا في المهام التي يسره إليها، فكل جنس خلقه الله مؤهلًا بفطرته وطبيعته لعمل من الأعمال أكثر من غيرها، فلا يعني ذلك ضعف المرأة وقلة حيلتها، ولا استقواء الرجل وغلاظته في التعامل معها، وفيما تقدّم تعبير عن مكانة المرأة وأهميتها في بناء المجتمع وتحقيق تماسكه.