محتويات
التسامح سمو إنساني
قال الشافعي:
لما عفوتُ ولم أحقدْ على أحد
- أرحتُ نفسي من هَمِّ العداواتِ
إِني أُحَيِّ عدوي عند رؤيتِه
- لأدفعَ الشر عني بالتحياتِ
يُعرَّف التسامح على أنّه التّساهل مع الآخرين، والمغفرة والحلم في التعامل معهم، وعدم إقصائهم لمجرّد وجود اختلاف بيننا وبينهم، ومن هنا فإنّ التّسامح هو أسلوب حياةٍ إن اتّصف الإنسان بها كان أبعد ما يكون عن سائر أنواع التّطرف والعنف المختلفة، وأصبح فرداً سامياً بأخلاقه كافة.
في التسامح أخلاق الإسلام
حث الإسلام على التسامح، بل كان هو أساس هذه القيمة العظيمة، فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)،[١] وفي ذلك دعوة صريحة لأن يلتزم المسلمون بالتسامح مع من أخطأ في حقهم -من غير الأعداء-، واحتساب ذلك عند الله تعالى طمعاً في رضاه.
للتسامح أثر جميل في نفس الشخص المخطئ يدفعه لمراجعة نفسه واحترام غيره وتجنّب الخطأ في حقوقهم مرة أخرى، مما ينجم عنه صلاح في المجتمع، وتآلف ومحبة في القلوب، وانحسار للمشكلات، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلّم خير قدوة لنا على ذلك في مواقف كثيرة كان منها مقولته لأهل قريش يوم فتح مكة "اذهبوا فأنتم الطلقاء" رغم أذيتهم له.
للتّسامح أنواع مختلفة، ولعلَّ أبرزها التّسامح الدينيّ الذي يتضمّن التّعايش مع باقي الدّيانات واحترام معتنقيها، والتسامح الثقافي الذي يعني احترامنا لمن يخالفوننا في الآراء والأفكار، والتسامح السياسي الذي تمثّله الديموقراطية واحترام الحريات السياسية، والاحترام العرقي الذي يتجسّد في احترامنا للآخرين مهما كان شكلهم ولونهم.
تحتاج المجتمعات إلى التسامح اليوم بقدر حاجتها للماء والهواء، فهو أساس إنهاء الصراعات والحروب والمشكلات جميعها، وبه يحيا الأفراد بمودة وسكينة وتفاهم، ومن خلاله تعمّر الأكوان، فما أجمل أن يكون الفرد متسامحاً محترِماً الآخرين لتنوعهم.
للتسامح آثار مدهشة
من أطيب وأجل الصفات التي قد يكتسبها أي إنسان هي صفة التسامح، فبها ننال حب الناس والأهل والأقارب والأصدقاء، وبها نكسب ود الأشخاص الذين نحبهم، وبها نحافظ على علاقتنا مع الأشخاص الذي نسعى للحفاظ على علاقتنا معهم، فالتسامح يجعل الشخص المقابل يرى فينا وفي قلوبنا كل الأسباب التي تدعوه للبقاء معنا.
كما أننا بالتسامح ننال رضا الله تعالى عنا والحسنات والمغفرة يوم القيامة، فالله غفور رحيم ويحب الإنسان الرحيم المتسامح، فقد قال في كتابه الكريم: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٢] وفي ذلك طلب من الله تعالى لنا إلى أن نكون متسامحين ومحبين للصفح والعفو، وذهبه الصفة يغفر الله لنا الكثير من الذنوب والخطايا، كما أن التسامح هو الخلق الأكبر الذي يضفي على الشخص نورًا وهالة بيضاء تجعل كل من يراه يحبه ويدعو له ويتمسك به.
