محتويات
تعدّد الزّوجات في القرآن الكريم
تم التعرض لمسألة تعدد الزوجات في القرآن الكريم عبر آيتين، الأولى منهما وردت صراحةً في إباحة التعدد في حدود الأربع زوجات، وهي قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)،[١] وما في تتمة الآية من لزوم الاقتصار على واحدة في حال خاف الرجل من عدم قدرته على العدل بين زوجاته إذا عدّد في الزواج، وهي قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)[١].[٢]
أما الآية الثانية التي ورد فيها ما يتعلق بتعدد الزوجات، وإن لم يكن ذلك صراحة بل بالتضمين، فهي قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً).[٣]
وقد أكدت الآية على ضرورة العدل بين الزوجات في حال التعدد، بينت أنه فيما لو كان تحقيق العدل بتمامه من العدل في المحبة والمودة وغيرها مما ينبني عليها من الأمور صعبة التحقيق، فإنه لا يصعب تحقيق العدل في النفقة والمبيت وغيرها من الأمور المقدورة، وقد نهت الآية عن الميل عن أداء حقوق الزوجات وتركه لا يحل ويعد من الظلم المحرم.[٤]
سبب نزول آية تعدد الزوجات
نزل قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)،[١] في الرجل الذي يلي أمر يتيمة وتكون عنده، فيرغب بالنكاح منها لجمالها ومالها، ويخاف من أن لا يوفيها حقها في المهر أو أن لا يعطيها صداقًا كمثيلاتها من النساء.
وذلك لضعف اليتيمة عن المطالبة بحقوقها، ولعدم وجود ولي يكالب لها بحقها، فجاءت الآية تحذر من يخاف من ذلك من الزواج باليتيمة، وتوجهه للزواج من غيرها من النساء اللاتي يطالبن بحقهن أو يُطالب به أولياؤهن من غير اليتيمات، أو ممن لا يكنّ تحت ولايته، فله أن يتزوج منهن مثنى وثلاث ورباع.[٥]
الحكمة في إباحة التّعدد
جاءت إباحة التعدد في الشريعة الإسلامية لمراعاة حاجات الناس وقدراتهم، وفيما يأتي تفصيل ذلك:[٦]
- راعت الشريعة القدرة الجسمانية والمالية للرجل ومدى حاجته لأكثر من زوجة للقيام على شؤونه، ولتحصيل العفة له، فيما لو كان الاقتصار على زوجة واحدة له لا يحقق له حاجته.
- حل مشكلة انعدام التوازن في أعداد الذكور مقابل الإناث الناتجة عن الحروب والصراعات التي يتعرض لها الرجال بشكل أكبر من النساء مما ينجم عنه فجوة في أعداد الذكور والإناث قد ينجم عنها قلة الزواج بين النساء.
- تقديم بديل عن طلاق الزوجة في حال مرض الزوجة وعدم قدرتها على الإنجاب أو القيام على شؤون الزوج، بالزواج بأخرى بدل تطليق الزوجة الأولى.
- التقليل من حالات الطلاق والحد من انتشاره والحفاظ على تماسك الأسر، ودوام الاستقرار فيها، وخاصة إذا كانت الزوجة ليس لها من يُعيلها كالتي تُوفي والداها وما إلى ذلك.
المراجع
- ^ أ ب ت سورة النساء، آية:3
- ↑ الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 234-235. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:129
- ↑ عبد الرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن، صفحة 207. بتصرّف.
- ↑ خالد المزيني، المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة، صفحة 364. بتصرّف.
- ↑ سليمان اللاحم، حقوق اليتامى كما جاءت في سورة النساء، صفحة 49-50. بتصرّف.