محتويات
الفرق الإسلامية
بعد وفاة النبيّ الكريم وصحابته تفرّق المسلمون لعدة فرق، وذلك بسبب نشوء الفتن بينهم كالبدعة والخوارج وغيرها، وهذه الفرق كثيرةٌ منها: الحروريّة والقدريّة والجهميّة والمرجئة والرافضة والجبرية والشيعة وأهل السنة والجماعة، وقد قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الفرق الإسلامية: "تفرقتِ اليهودُ على إحدى أو اثنَتَينِ وسَبعينَ فِرْقةً، وتفرَّقتِ النَّصارى على إحدى أو اثنَتَينِ وسَبعينَ فِرْقةً، وتَفترِقُ أُمَّتي على ثلاثٍ وسَبعينَ فِرْقةً، في رِوايتِه: "كُلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً، وهي الجماعةُ"[١]، وسيأتي هذا المقال على تفصيل تعريف أهل السنة والجماعة.[٢]
تعريف أهل السنة والجماعة
هم فئةُ المسلمين التي تتبع في منهجها القرآن الكريم وما جاء في السنة النبوية الصحيحة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين، ومصطلح أهل السنة والجماعة يتكوّن من شقّين أساسيين ألا وهما السنة والجماعة، ولتعريف معناه يجب تعريف كلّ كلمةٍ على حدا، فالسنة لغةً هي الطريقة، والسنة اصطلاحًا هي العمل والأخذ بكلّ ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- قولًا وعملًا واعتقادًا في الظاهر والباطن، أمّا الجماعة هي في اللغة عدد الشيء وكثرته، أمّا اصطلاحًا فقد اختلف العلماء في تحديد المعنى الأدقّ لها، فمنهم من قال أنّ الجماعة هم الصحابة -رضوان الله عليهم-، ومنهم من رأى أنّ الجماعة هم أهل الفقه والعلم والحديث، وقيل أيضًا أنّ الجماعة هي كلّ ما كان على الحقّ حتى ولو قلّ المتمسكون به، وقال ابن مسعود: "الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك"، وذلك اتباعًا لحديث الرسول الكريم وهو يعِظ المسلمين فقد قال: "عليكم بسنتِي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِي، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ"[٣]، وعلى هذا فيمكن اعتبار أنّ مصطلح السنة والجماعة يشمل الصحابة -رضي الله عنهم- وما جاءوا به في منهج الإسلام، ومن خلفهم من علماء التابعين وعلماء الحديث والفقهاء الذين اتبعوا منهج الرسول الكريم وصحابته دون إضافةٍ أو تحريف، وكلّ من اقتدى بهم من عوام الناس.[٤]
خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة
تتميّز عقيدة أهل السنة والجماعة بالوسطيّة والسهولة، فهم ليسوا متشددّين تشدّد التكفيريين ولا هم متساهلون كأتباع الأهواء والبدع، كما أنّ لها عدة خصائص تميّزها عن باقي الفرق الإسلامية منها:[٤]
- وحدة المصدر: فهم أتباع القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع السلف، ولا مصدر آخر لهم وحتى أنّهم لا يعارضون ما ثبت فيها على حسب آرائهم وأهوائهم.
- موافقة عقيدتهم للأدلّة الصحيحة والعقل والفطرة: فهي تتفق تمامًا مع الفطرة السليمة والعقل السليم ومنهجهم يتبع ما ورد منقولًا نقلًا صحيحًا سليمًا عن النبيّ الكريم وصحابته.
- الوضوح والسهولة: فمنهجهم وعقيدتهم سهلةٌ لا تعقيد فيها يفهمها عوام الناس وخواصهم بغض النظر عن المستوى الفكري والاجتماعي، وهي لا تحتاج سوى لسماع الآيات والأحاديث بتدبرٍ وتركيز، والمواظبة على أداء العبادات وملازمة الأذكار وإخلاص النيّة وطهارة القلب.
- الثبات والاستمرار: فهم لا يحيدون عن طريق الحقّ مهما شكك المشككون في سلامة فكرهم، ويستمرون في نقل كلّ ما هو صحيحٌ وسليم للأجيال اللاحقة ليستمر هذا الدين ويبقى في كلّ زمانٍ ومكان.
أعلام أهل السنة والجماعة
كان الفضل في نقل السنة النبوية الصحيحة والأحكام التشريعية للمسلمين في هذه الأيام لعلماء أهل السنة والجماعة، الذين ما تقاعسوا يومًا عن نصرة الدين الإسلامي قولًا وفعلًا بالرغم من وجود عشرات الفرق الإسلامية التي تسعى لضلال المسلمين، ومن أعلام أهل السنة والجماعة:[٥]
- الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم-.
- الصحابة -رضوان الله عليهم-.
- التابعون -رضي الله عنهم-.
- الإمام أبو حنيفة النعمان -رحمه الله-.
- الإمام مالك بن أنس -رحمه الله-.
- الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله-.
- الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-.
- الإمام محمد بن اسماعيل بن إبراهيم البخاري -رحمه الله-.
- الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري -رحمه الله-.
ألقاب أهل السنة والجماعة
تعددت ألقاب أهل السنة والجماعة، وكانت هذه الألقاب علاماتٍ على صفاتهم ومستنبطةً من أحاديث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الفئة من المسلمين، ومن تلك الألقاب:[٤]
- السلف الصالح: وكان سبب تسميتهم بهذا الاسم أنّهم اتبعوا نهج الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وهذه الأجيال هي التي فضّلها الرسول الكريم فقد قال في نصّ الحديث الشريف: "إنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ".[٦]
- الفرقة الناجية: أُطلق هذا اللقب على أهل السنة والجماعة لأنّهم الفرقة الوحيدة التي تتبع سنّة الرسول الكريم وأصحابه دون زيادةٍ أو نقصان، وسميت بالناجية لما قاله النبيّ الكريم أنّ كلّ فرقةٍ من الفرق الإسلامية في النارإلّا فرقة الجماعة، وذلك والحديث الشريف عندما قال: "فترقتِ اليهودُ على إحدى أو اثنَتَينِ وسَبعينَ فِرْقةً، وتفرَّقتِ النَّصارى على إحدى أو اثنَتَينِ وسَبعينَ فِرْقةً، وتَفترِقُ أُمَّتي على ثلاثٍ وسَبعينَ فِرْقةً، في رِوايتِه: "كُلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً، وهي الجماعةُ".[١]
- الطائفة المنصورة: وسبب هذه التسمية هو أنّ أهل السنة والجماعة برغم كلّ الصعاب التي اعترضتهم وبرغم ما أحاط بهم من أذىً من أعداء الإسلام كانوا صامدين متمسكين بالدين الحق، وهم متمسكون به إلى يوم القيامة، وهو ما ذكره النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بقوله: "لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي يقاتِلونَ على الحقِّ، ظاهرينَ إلى يومِ القيامةِ"[٧]، وجاء في روايةٍ أخرى: "لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي قائِمَةً بأَمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، أوْ خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ ظاهِرُونَ علَى النَّاسِ"[٨]، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
المراجع
- ^ أ ب رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج سنن أبي داود ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 7/5 ، صحيح.
- ↑ "أصول الفرق وأقسامها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن العرباض بن سارية ، الصفحة أو الرقم: 369/12، إسناده حسن.
- ^ أ ب ت "أهل السنة والجماعة .. الخصائص والمعتقدات"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "أهل السنة والجماعة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 2535، صحيح.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 7293 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاوية بن أبي سفيان، الصفحة أو الرقم: 1037، صحيح.